حنا صالح: السلاح اللاشرعي لم يعد مقاومة بل مشروع خارجي

قال الباحث السياسي حنا صالح إن حزب الله أعلن انقلاباً صريحاً على اتفاق الطائف والدستور اللبناني، بعدما رفض قرار السلطة التنفيذية القاضي بحصر السلاح بيد القوى الشرعية، وذهب إلى حد التعامل مع القرار “كأنه غير موجود”، في موقف وصفه صالح بأنه “أعلى درجات التمرد على الدولة وانكشاف النيات الحقيقية”.
وأضاف صالح خلال حديث مع "نيوزرووم" أن الثنائي الشيعي، رغم مشاركته الكاملة في نقاشات مجلس الوزراء، تعمّد انسحاب وزرائه قبل لحظات من اتخاذ القرار دون أن يقترن هذا الانسحاب بأي استقالة أو مقاطعة رسمية، في خطوة تهدف إلى تسجيل موقف سياسي أكثر منها اعتراضاً مبدئياً.
ولفت صالح إلى أن الحزب مضى بعيداً في خطاب التخوين وإنكار الوقائع، متناسياً تماماً موازين القوى التي دفعت إلى ترتيبات وقف إطلاق النار، والتي وافق عليها بنفسه، بالصوت والصورة، على لسان نائبه نعيم قاسم. لكنه عاد اليوم ليهاجم الحكومة ويتهمها بـ”ارتكاب خطيئة كبرى لأنها جرّدت البلد من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي”، بحسب تعبيره، متجاهلاً تماماً أن هذا السلاح لم يعد سلاح مقاومة، بل فشل حتى في حماية حامليه، وساهم في استدراج الاحتلال مجدداً إلى أراضينا.
وأضاف صالح أن الحزب بالغ في سياسة الإنكار حين زعم أن قرار الحكومة يخالف البيان الوزاري والميثاق الوطني، متجاهلاً أن البيان الوزاري نفسه كان مشروطاً بخضوع السلاح للسلطة الشرعية، ومتغافلاً عن اليد الرئاسية التي امتدت نحوه أكثر من مرة دون أن يلقى منها سوى الصد والتجاهل.
وأشار صالح إلى أن الاستهداف العلني لرئيس الحكومة نواف سلام يندرج في سياق أوسع، وهو استهداف للموقع السني الأول في الدولة، ومن ورائه الرياض، التي كانت ولا تزال قوة دفع لاستعادة الدولة والسيادة الوطنية. وتوقف عند ما جاء في بيان الحزب عن “ضرب الحكومة عرض الحائط خطاب قسم رئيس الجمهورية”، معتبراً أن هذا الاتهام يعكس قلق الحزب من فقدان السيطرة على القرار الوطني.
ورأى صالح أن الحزب اليوم يسعى لحشد البيئة الشيعية للدفاع عن سلاح لم يعد يخص الشيعة ولا لبنان، بل بات أداة إقليمية في المشروع الإيراني. وذكّر بموقف وزير الخارجية الإيراني الذي سارع إلى دعم الحزب، في تدخل فاضح بالشأن اللبناني، مؤكداً أن هذا السلاح جزء لا يتجزأ من استراتيجية طهران في حماية نظام الملالي، لا الدفاع عن لبنان أو الفلسطينيين أو أي قضية عربية.
وشدد الباحث السياسي على أن هذا السلاح، وإن فقد فعاليته العسكرية، لا يزال ورقة تفاوضية بيد طهران تستخدمها حين يحين أوان الصفقة الكبرى مع الأميركيين والإسرائيليين. وأضاف: “لقد كشف عراقجي الهدف الحقيقي من التمسك بالسلاح، وهو ليس مقاومة إسرائيل بل الحفاظ على نفوذ إقليمي، ولو على حساب شعوب المنطقة”.
وقال صالح إن حزب الله فوجئ بقرار الحكومة التاريخي الذي نزع الغطاء الشرعي عن سلاحه، فلجأ إلى خطاب “التنتيع” و”المناكفة”، ظناً منه أن إثارة فتنة مذهبية ستحمي سلاحه وتحمي من تسببوا في تدمير لبنان. لكنه يعلم تماماً أن العودة إلى استخدام السلاح تضعه تحت طائلة القانون، وتعرضه لمحاسبة داخلية ودولية.
وحذر صالح من أن الحزب سيواصل إطلاق التهم الجاهزة بالعمالة ضد خصومه، رغم أن فضائح العمالة شملت صفوفه نفسها. وقال إن “التمسك بالسلاح هو لضمان الهيمنة الانتخابية”، متسائلاً عن نتائج انتخابات 2026 إذا جرت في ظل حصرية السلاح بيد الدولة. فالحزب أخلّ بكل وعوده للناس، ولم يعوض المهجرين ولا أعاد إعمار ما دمر، فيما أثبتت التجربة زيف كل سردياته حول الردع والتوازن والثمن الباهظ الذي سيدفعه العدو.
وختم حنا صالح بالقول إن انعقاد مجلس الوزراء مجدداً لمتابعة نقاش ورقة السفير الأميركي طوم براك يؤكد أن لا استقالة ولا اعتكاف، وأن القرار التاريخي الذي اتخذته الحكومة هو الأول من نوعه منذ عقود، ويحظى بأوسع تأييد شعبي في الداخل كما في الاغتراب، وكل أصدقاء لبنان. وأضاف: “وكلن يعني كلن، أعداء قيام الدولة القادرة والعادلة، ولا تستثني حدن منن”.