باحث سياسي: إسرائيل لم تتخل عن الحرب وتفرض واقع جديد في غزة (فيديو)

أكد الدكتور طلال أبو ركبة، الكاتب والباحث السياسي، أن إسرائيل لم تتوقف يومًا عن تبني خيار الحرب، حتى خلال فترات التهدئة المؤقتة، بل كانت تستغل تلك الفترات كمرحلة تحضيرية لاستكمال مشروعها القائم على تدمير البنية التحتية في قطاع غزة وخلق واقع جديد يخدم مصالحها الاستراتيجية.
العمليات العسكرية
وأوضح أبو ركبة، خلال مداخلة مع الإعلامية دينا سالم على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن قرار إسرائيل باستئناف العمليات العسكرية مجددًا يرتبط بعدة عوامل رئيسية، أبرزها إفشال الجهود المصرية لمنع تهجير سكان غزة قسرًا.
وأضاف أن الاحتلال يرى في الوجود الفلسطيني على الأرض التاريخية تهديدًا لمخططاته الاستيطانية، ولذلك يسعى إلى فرض بيئة غير قابلة للحياة داخل القطاع من خلال عمليات تدمير ممنهجة للبنية التحتية، وفرض حصار خانق يمنع وصول المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية.
تصعيد إسرائيلي متعمد
وأشار أبو ركبة إلى أن حكومة نتنياهو ترفض الدخول في المرحلة الثانية من مفاوضات التهدئة، لأنها ببساطة لا تمتلك رؤية واضحة لما بعد الحرب في غزة، سواء من حيث آليات الحكم أو الأوضاع الأمنية.
ولفت إلى أن استمرار العمليات العسكرية يسهم في تكريس الفوضى وعدم الاستقرار في القطاع، وهو ما يخدم المخطط الإسرائيلي لفصل غزة عن الضفة الغربية جغرافيًا وسياسيًا، وبالتالي القضاء على أي آفاق مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف أن الاحتلال يدرك أن التهدئة الحقيقية ستفرض عليه التزامات سياسية وأمنية قد تتعارض مع أهدافه الاستراتيجية، لذلك يعمل على إفشال أي محاولات لوقف إطلاق النار عبر تصعيد القصف وتوسيع رقعة الدمار داخل القطاع.
حسابات نتنياهو السياسية
وعلى الصعيد الداخلي، يرى أبو ركبة أن قرار حكومة نتنياهو باستئناف الحرب يخدم مصالح رئيس الوزراء السياسية بشكل مباشر، إذ يمنحه فرصة للتهرب من الأزمات الداخلية التي تواجهه، مثل أزمة الموازنة، وتوتر علاقاته مع المعارضة، فضلًا عن قضايا الفساد التي تهدد مستقبله السياسي.
وأضاف أن نتنياهو يسعى إلى استغلال التصعيد العسكري لتوحيد اليمين الإسرائيلي المتشدد حوله، في محاولة لاحتواء الخلافات العميقة داخل حكومته الائتلافية، لا سيما في ظل الضغوط المتزايدة التي يتعرض لها من قبل شركائه في الحكومة، الذين يدفعون باتجاه المزيد من العمليات العسكرية لضمان بقاء الحكومة قائمة.
وأشار إلى أن نتنياهو يدرك أن استمرار الحرب يمنحه الوقت والمبررات للبقاء في السلطة، إذ يستطيع من خلال التصعيد إلهاء الرأي العام الإسرائيلي عن قضايا الفساد التي تلاحقه، وتحويل الأنظار نحو التهديدات الأمنية بدلاً من التركيز على إخفاقاته السياسية والاقتصادية.

الاحتلال والغطاء الأمريكي
وفي ختام حديثه، شدد أبو ركبة على أن الاحتلال الإسرائيلي يستفيد بشكل كبير من الغطاء السياسي الأمريكي، الذي يسمح له بمواصلة العدوان دون رادع، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية لم تمارس أي ضغوط حقيقية على إسرائيل لوقف التصعيد، بل على العكس، تواصل تقديم الدعم العسكري والمالي لحكومة نتنياهو، مما يمنحه الحرية في تنفيذ سياساته العدوانية.
وأكد أن المجتمع الدولي مطالب باتخاذ خطوات أكثر جدية لوقف هذه الحرب، وإجبار إسرائيل على الالتزام بالقوانين الدولية، محذرًا من أن استمرار العدوان بهذه الوتيرة سيؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة، ويزيد من حدة التوتر في المنطقة بأكملها.