عاجل

من التحالف إلى التصعيد.. هل ينتقم ترامب من نيودلهي؟

دونالد ترامب وناريندرا
دونالد ترامب وناريندرا مودي

قبل أعوام فقط، بدا المشهد على المسرح وكأنه تحالف لا يُقهَر، رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتبادلان الأحضان وسط تصفيق جماهيري حار، في لحظة رمزية لتقارب استراتيجي بين أكبر ديمقراطيتين في العالم.

لكن هذه "الرومانسية السياسية"، كما وصفها بعض المحللين، تواجه اليوم اختبارًا قاسيًا، فقد تسبب تصعيد ترامب الأخير بفرض رسوم جمركية وتهديدات تتعلق بالنفط الروسي في هز العلاقة بين واشنطن ونيودلهي، وإثارة تساؤلات عن مستقبل التحالف الذي دام لعقود.

رسوم جمركية واتهامات مباشرة

وفي خطوة أثارت ارتباكًا دبلوماسيًا، أعلن ترامب مؤخرًا رفع التعرفة الجمركية بنسبة 25% على واردات الهند، ووجّه اتهامات مباشرة لنيودلهي بشراء كميات ضخمة من النفط الروسي "لتحقيق أرباح على حساب دماء الأوكرانيين"، على حد تعبيره.

وهدد الرئيس الأمريكي برفع الرسوم إلى مستويات أعلى، إذا لم توقف الهند تعاملاتها النفطية مع موسكو، تصريحات وصفها مسؤولون هنود بأنها تمثل مساسًا بمبدأ الاستقلال الاستراتيجي الذي تتبناه بلادهم منذ عقود.

نيودلهي ترد بهدوء.. وتحذر من "نفاق الغرب"

ورغم التصعيد الأمريكي، اختارت الهند الرد بنبرة هادئة ولكن حاسمة، فقد أكدت وزارة الخارجية الهندية أن "الانتقادات غير مبررة وغير مقبولة"، مشيرة إلى أن شراء النفط الروسي جاء بدافع الضرورة، بعدما استحوذت أوروبا على الإمدادات التقليدية.

واعتبرت الهند أن بعض القوى الغربية تمارس "ازدواجية المعايير"، إذ تواصل هي نفسها التعامل تجاريًا مع موسكو، بينما تنتقد نيودلهي.

وطالما وُصفت العلاقة بين الهند والولايات المتحدة بأنها استراتيجية، تشمل ملفات الدفاع والتكنولوجيا والتجارة، لكنها لم تكن خالية من التوترات، ومع تصاعد لهجة ترامب، خصوصًا تقاربه المتزايد مع باكستان، بدأت دوائر صنع القرار في نيودلهي تراجع مدى استقرار هذا التحالف.

ففي خضم اشتباكات حدودية بين الهند وباكستان، لمح ترامب إلى إمكانية "الوساطة" في قضية كشمير وهي مسألة حساسة تُعد خطًا أحمر في السياسة الهندية.

كما استضاف مسؤولين باكستانيين رفيعي المستوى، وناقش معهم فرص شراكات نفطية، مما زاد من قلق نيودلهي.

واشنطن – إسلام آباد: تقارب مقلق للهند

التقارب الأمريكي مع باكستان، والذي شمل تخفيضات جمركية واتفاقيات طاقة، أعاد تموضع إسلام آباد كشريك استراتيجي محتمل في نظر واشنطن.

وتزامنت زيارة قائد الجيش الباكستاني إلى البيت الأبيض مع تصريحات ترامب الساخرة من الهند، والتي قال فيها: "قد تضطر الهند يومًا لشراء النفط من باكستان".

وهو ما اعتبره محللون في نيودلهي ليس مجرد ضغط سياسي، بل إشارة إلى احتمال تغيير ملامح الاصطفاف الإقليمي في جنوب آسيا.

أزمة ثقة أم تصدع دائم؟

يرى المراقبون أن ما يحدث قد يكون إحدى حلقات التوتر المعتادة في عهد ترامب، المعروف بتقلباته. لكن هناك من يعتقد أن الثقة بين الطرفين بدأت تتآكل بالفعل.

ويرجح بعض المحللين أن استمرار النهج التصادمي من قبل واشنطن، قد يدفع الهند إلى تسريع خطواتها نحو تنويع الشركاء الاستراتيجيين، سواء في الشرق عبر روسيا والصين، أو في الجنوب عبر تحالفات آسيوية بديلة مثل "بريكس" ومنظمة "شنغهاي".

ويحذر الخبراء من أن "استمرار التصعيد، إذا لم يُحتوَ مبكرًا، قد يُحوّل الأزمة المؤقتة إلى شرخ دائم يصعب ترميمه".

نهاية العناق.. وبداية الحسابات الباردة

خلف العناق السابق بين ترامب ومودي، تتكشف اليوم حسابات جديدة تعيد تشكيل ملامح التحالفات، فبين الرسوم الجمركية، وملف النفط الروسي، وتقارب أمريكي مع باكستان، تجد الهند نفسها على مفترق طرق حيث الكلمات على منصات التواصل قد تُحدث ما عجزت عنه المفاوضات والقمم.

تم نسخ الرابط