«خليها تنضف».. قراءة في تأثير الحملات الأمنية على محتوى التواصل الاجتماعي

شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الأخيرة تفاعلاً شعبياً غير مسبوق مع حملة إلكترونية تحت شعار "خليها تنضف"، داعمة للتحركات الأمنية التي نفذتها وزارة الداخلية ضد عدد من صانعي المحتوى الذين تورطوا في نشر محتوى يتنافى مع القيم والتقاليد المجتمعية.
انطلقت شرارة الحملة يوم 29 يوليو الماضي، عقب القبض على صانعة محتوى تُعرف باسم "بنت حسني مبارك"، لتتوالى بعدها عمليات الضبط التي شملت عدداً من الأسماء المعروفة على السوشيال ميديا، منهم: "سوزي الأردنية"، "أم مِكة"، "أم سجدة"، "مداهم"، و"شاكر محظور"، وغيرهم ممن اعتادوا نشر محتوى يُعتبر مخالفاً للعادات والتقاليد المصرية.
إعادة الانضباط للمنصات الرقمية
تلقى قرار الأجهزة الأمنية ترحيباً واسعاً من رواد مواقع التواصل، الذين عبروا عن دعمهم الكامل لمزيد من الإجراءات الرادعة بهدف إعادة الانضباط للمنصات الرقمية، والحد من ظاهرة "اليوميات والفود بلوجرز" التي اعتبرها كثيرون تجاوزت حدود الترفيه إلى ما يُشوه الذوق العام ويؤثر سلباً على القيم المجتمعية.
وتأتي هذه الحملات في إطار جهود وزارة الداخلية لضبط استخدام المنصات الإلكترونية، وضمان احترامها لمعايير المجتمع المصري، وحماية النشء من التأثر بالمحتويات المسيئة والمخالفة.
الرئيس السيسي يتحدث عن وسائل التواصل الإجتماعي

فجر اليوم، وخلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، للأكاديمية العسكرية، أكد سيادته على ضرورة عدم تصديق كل ما يرى ويسمع على منصاتها .
وقال الرئيس : إن كثير من الناس يقولون إن وسائل التواصل الاجتماعي شر، لكن الشر يكمن في كيفية استخدامها، فهي ذات فوائد عظيمة إذا أحسن الفرد التعامل معها".
وأكد الرئيس، أن وسائل التواصل أصبحت جزءًا كبيرًا من حياتنا، ويجب أن ندرك أنها تُستخدم كسلاح موجه لك، لخفض روحك المعنوية وتفكيك إرادتك، من خلال كم هائل من الكلام.
وأضاف: " نحن نقول لقطاع كبير من الناس إنه يمكن الاستغناء عن الهاتف ليوم كامل وليلة كاملة، وأحيانًا لأشهر، وفق توقيتات محددة".
كما أشار الرئيس الى ضرورة عدم تصديق كل ما نراه ونسمعه موجها حديثه لكل فرد من الشعوب العربية ومؤكدا أن هناك العديد من الشائعات هدفها الإيقاع بين مصر والأشقاء العرب .
البداية بـ"بنت مبارك".. ادعاءات كاذبة وبلاغات بالتشهير للرئيس الراحل محمد حسني مبارك
انطلقت الحملة عقب بلاغ تقدمت به إحدى الفنانات إلى الجهات الأمنية ضد صانعة محتوى تُعرف باسم "بنت حسني مبارك"، اتهمتها فيه بالتشهير والزعم الكاذب بتورطها في تجارة الأعضاء البشرية، وتم ضبط المتهمة في محافظة الإسكندرية، وعثر الأجهزة الأمنية بحوزتها على هاتفين محمولين، أحدهما يحتوي على محفظة مالية بها تحويلات من الخارج، وأقرت المتهمة خلال التحقيقات بخلق الادعاءات ونشرها عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف رفع التفاعل وتحقيق دخل مالي.
"سوزي الأردنية".. تجاوزات إلكترونية لتحقيق الأرباح
كما تم ضبط صانعة محتوى تُدعى "سوزي الأردنية"، مقيمة بمنطقة المطرية بالقاهرة، بعد تقديم بلاغات ضدها بسبب نشر مقاطع خادشة ومخالفة للآداب العامة، وبمواجهتها اعترفت بنشر تلك المقاطع لجذب الانتباه وتحقيق أرباح مالية.
القبض على "شاكر محظور دلوقتي" برفقة مدير أعماله.. سلاح ومخدرات
وشملت الحملة أيضًا القبض على البلوجر المعروف باسم "شاكر محظور دلوقتي" في منطقة التجمع الأول بالقاهرة برفقة مدير أعماله، بعد ورود بلاغات ضده بسبب نشر محتوى مسئ للقيم الأسرية. وضُبط بحوزتهم سلاح ناري غير مرخص بالإضافة إلى مواد مخدرة، وأقر المتهمان باستخدام المنصة الرقمية لتحقيق مشاهدات عالية ومكاسب مالية.
"مداهم".. مضبوطات مخدرة
ضبطت الشرطة صانع المحتوى الشهير "مداهم"، بعد تلقي بلاغات مماثلة ضده بسبب محتوى فاضح وصادم، وحال القبض عليه عُثر بحوزته على مبالغ مالية بعملات محلية وأجنبية ومشغولات ذهبية، إضافة إلى كميات من مخدري الحشيش والأفيون، وبمواجهته اعترف المتهم بأن غايته كانت التربح من المشاهدات.
"أم مكة" و"أم سجدة".. محتوى خادش ومصادر ثروة مشكوك فيها
كما ألقت أجهزة الأمن القبض على صانعتَي محتوى تُعرفان باسم "أم مكة" و"أم سجدة"، بعد ورود عدة بلاغات ضدهما لنشر مقاطع فيديو تحتوي على إيحاءات وألفاظ خادشة للحياء، بالإضافة إلى بث رسائل تثير الشكوك حول مصادر ثرواتهما، وبتقنين الإجراءات تم ضبط المتهمتين، اللتين أقرتا بأن ما نشرتاه كان بغرض تحقيق الربح وزيادة عدد المتابعين.
بلاغ ضد بلوجر «التاتو» لتحريضه على الفسق والفجور
وخلال الساعات القليلة الماضية قدم محامى بلاغ عاجل إلى النائب العام، ضد صناع المحتوى المعروف ببلوجر "التاتو" يوم بإتهامه بنشر محتوى إلكتروني مخل بالحياء، ومحرض على الفسق والفجور، ومخالف للآداب العامة والقيم الدينية السائدة في المجتمع المصري العريق .
وأكد مقدم البلاغ أن هذه الخطوة الذى قام بها تأتي في إطار حملة تستهدف تطهير المجتمع من مظاهر الانفلات الأخلاقي، ومواجهة ما يحدث على منصات التواصل الاجتماعي، والذي يهدف إلى تقويض القيم والتقاليد المصرية الأصيلة.
وأضاف أن ما يعرض على هذه الصفحات لا يندرج تحت أي عمل فني أو علمي أو توعوي، ولكن يهدف إلى إثارة الغرائز وتحقيق الربح المادي الضخم ، عبر الترويج للفجور والإباحية، وتدمير المنظومة الأخلاقية والثقافية للشباب
وأكد أن تلك الممارسات تمثل جرائم يعاقب عليها القانون المصرى مثل التحريض على الفسق والفجور ، والإخلال بقيم المجتمع المصرى، ونشر محتوى يهدد النظام العام والأسرة المصرية، وطالب باتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة في هذا الشأن.
مبادرة تطهير المجتمع" تحت هاشتاج #خليها_تنضف

ومن جهته، أكد المحامي أشرف فرحات، أن هناك تحركات جدية لتطهير الفضاء الإلكتروني من الظواهر السلبية التي تؤثر على المجتمع المصري، مشيرًا أن ما يحدث حاليًا هو "مبادرة تطهير المجتمع" تحت هاشتاج #خليها_تنضف.
قال فرحات، إن وزارة الداخلية، من خلال وحدات الرصد الإلكتروني، قامت بالتعامل مع البلاغات المقدمة بمنتهى الجدية، حيث تم فحص المحتوى وتحديد هوية الأشخاص المعنيين، وهو ما أدى إلى تنفيذ حملة أمنية واسعة أسفرت عن القبض على ثلاثة بلوجرز في يوم واحد فقط، وأشاد بالدور الفعال للجهات الأمنية، مؤكدًا أن هذا التعاون يعكس رغبة حقيقية في حماية النسيج المجتمعي من أي سلوك منحرف أو مضر.
أوضح فرحات أن البلاغات المقدمة تستند إلى نصوص قانونية تتيح لأي مواطن علم بجريمة أن يبلغ عنها، وهو ما دفعه لتقديم البلاغات، ليس فقط بصفته محاميًا، بل كمواطن مصري متضرر من هذا المحتوى الذي وصفه بـ"الهدّام"، لما له من تأثير مباشر على النشء والأسرة المصرية. وأضاف أن النيابة العامة قد خصصت رقم واتساب لتلقي بلاغات المواطنين بشأن الجرائم الإلكترونية، في خطوة تهدف لتفعيل دور المجتمع في مقاومة هذا الخطر.
وأشار فرحات إلى أن لجنة الانضباط داخل مجلس النواب منحت نفسها مهلة ثلاثة أشهر لوضع ضوابط صارمة لتنظيم المحتوى المنشور على المنصات الرقمية، خاصة ما يتعلق بالإساءة للقيم أو ترويج أنماط سلوكية منحرفة ، وقال: "لسنا ضد التربح من الإنترنت، لكن بشرط أن يكون المحتوى هادفًا ومحترمًا ولا يخل بالذوق العام أو يضر بالشكل العام للمجتمع".
أوضح فرحات أن العقوبات المنتظرة قد تصل إلى الحبس 3 سنوات وغرامة تصل إلى 300 ألف جنيه أو أكثر، مشيرًا إلى أن الجهات المختصة بدأت بالفعل في فحص مصادر الأموال التي يجنيها هؤلاء الصانعون للمحتوى، لبيان ما إذا كانت مشروعة أم لا ،وأكد أن البلاغات لم تتوقف، وأن هناك أسماء أخرى محل فحص ومتابعة، لكن لن يتم الإعلان عنها في الوقت الحالي حفاظًا على سرية الإجراءات ومنع اتخاذ الحيطة.