الهيئة العامة للرقابة المالية تصدر أول معايير مصرية لتقييم الأصول غير الملموسة

أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، برئاسة الدكتور محمد فريد، القرار رقم 136 لسنة 2025، الذي يتضمن إصدار المعايير المصرية للتقييم المالي للمنشآت، ويُعد هذا القرار الأول من نوعه الذي يضع إطارًا واضحًا لتقييم الأصول غير الملموسة.
ويُعرّف الأصل غير الملموس بأنه أي أصل غير نقدي يمنح مالكه حقوقًا أو منافع اقتصادية، لكنه لا يمتلك خصائص مادية ملموسة. وتتمتع هذه الأصول بخصائص اقتصادية مميزة تشمل الملكية، الوظائف، الموقع السوقي، السمعة، والحماية القانونية.
وتشمل الأمثلة البارزة على الأصول غير الملموسة التكنولوجيا، برمجيات الكمبيوتر، العلامات التجارية، قوائم العملاء والموردين، اتفاقيات عدم المنافسة، البيانات التجارية، براءات الاختراع، حقوق النشر، تراخيص التشغيل مثل اتفاقيات الامتياز، تراخيص الألعاب، الطيف الإذاعي، وحقوق الملكية الفكرية.
ويأتي هذا القرار في إطار سعي الهيئة إلى تعزيز الشفافية والدقة في تقييم الأصول المالية، ودعم تطور السوق المالي المصري، مما يسهم في تعزيز ثقة المستثمرين وتحسين بيئة الأعمال في مصر.
تقييم الأصول غير الملموسة
تهدف معاييرتقييم الأصول غير الملموسة، إلى مواكبة أفضل الممارسات والمعايير العالمية المطبقة، مع مراعاة الاحتياجات الخاصة للسوق المحلية، ويأتي ذلك في ضوء ما تمثله الأصول غير الملموسة، كالعلامات التجارية، وحقوق الملكية الفكرية، والبرمجيات، والعلاقات التجارية، والتراخيص، من أهمية متزايدة في تحديد القيمة السوقية الحقيقية للمنشآت، وتأثيرها المباشر على أدائها المالي، مما يُعزز من تنافسية السوق المصري ويُسهل من عمليات التقييم وسيتم تطبيق تلك المعايير على كافة عمليات التقييم التي تتم في إطار عمل الهيئة العامة للرقابة المالية.
وضع مرجعية واضحة
وتعود أهمية وضع مرجعية واضحة ومعايير موحدة لتقييم تلك الأصول، إلى أنها توفر أساسًا واضحًا لتقييم أصول الشركات التي توجد لديها أصول غير ملموسة، بهدف تعزيز الثقة في مناخ الاستثمار، وبالتالي السماح بفرص لضخ استثمارات أكبر بها، كما تساعد في اتخاذ قرارات استثمارية سليمة خاصة فيما يتعلق بالاندماجات أو الاستحواذات، وإعادة الهيكلة، وتقييم الفرص الاستثمارية، كما يساهم وضع معيار مستقل لتقييم الأصول غير الملموسة في تعزيز الشفافية والافصاح، بما يدعم مصداقية التقارير المالية ويُعزز ثقة المستثمرين والممولين في السوق، بالإضافة إلى تحسين كفاءة السوق من خلال تقديم معلومات قابلة للمقارنة والتحقق، بما يتيح تخصيصًا أكثر كفاءة للموارد وتعزيز العدالة في التقييم.
ونص القرار، على منهجيات لتقييم الأصول غير الملموسة، منها منهج الدخل، الذي يقدر قيمة الأصل غير الملموس في ضوء القيمة الحالية للمنافع الاقتصادية للأصل خلال عمر الإنتاج الاقتصادي، وكذلك منهج السوق والذي يقدر قيمة الأصل طبقًا لمعاملات السوق والصفقات التي تمت على أصول مشابهة، منهج التكلفة الذي يقدّر قيمة الأصل غير الملموس على أساس قيمة أصل مماثل أو أصل يقدم خدمات ومنافع مماثلة.
وحدد القرار الاعتبارات الخاصة بتقييم الأصول غير الملموسة بصفة عامة، ومنها الاعتراف بالأصل غير الملموس، وتحديد معدلات الخصم والعائد الخاصة بالأصل، والعمر الاقتصادي للأصل، ولا يُعترف بالأصل غير الملموس إلا إذا كان يمكن فصله أو عزله عن المنشأة أو بيعه أو التنازل عنه، وأن يكون ناشئًا عن حقوق تعاقدية أو من حقوق يمكن فصلها عن المنشأة أو أي حقوق أخرى.
جاء ذلك بالتماشي مع الهدف الثالث من الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية التي أطلقتها الحكومة المصرية، والمتمثل في تفعيل المردود الاقتصادي للملكية الفكرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتي تعد انعكاسًا حقيقيًا لاهتمام الدولة المصرية بهذا الملف، إيمانًا بأهميته، وإدراكًا لأهمية منظومة الملكية الفكرية في دفع عجلة الاقتصاد المصري، وتحقيقِ أهداف التنمية المستدامة بمختلف أبعادها الاجتماعية والاقتصادية، في ضوء حرص الدولة على مواكبة التطورِ العالمي في هذا المجال، ومن ضمن أبرز تلك الأهداف تفعيل المردود الاقتصادي للملكية الفكرية، الذي سيتحقق من خلال وضع معايير تقييم واضحة للأصول غير الملموسة.
على أن يتم ذلك من خلال تعزيز كفاءة المهنيين من خلال البرامج التدريبية والتوعوية التي تنظمها الهيئة، بما يساهم في رفع جودة تقارير التقييم لتتماشى مع المعايير الدولية، مع العمل على تسهيل التعامل والتداول والتصرف في تلك الأصول، أو في حالات الاستثمار في شركات رأس المال المخاطر، وإعداد التقارير المالية والضريبية، بما سيسهم في اجتذاب الاستثمارات والتمويل للشركات.
كما سيسهل وضع معايير لتقييم الأصول غير الملموسة من وصول الشركات وتحديدًا الناشئة للتمويل، نظراً لتمثيل الأصول غير الملموسة فيها، لتكاليف استثمارية ضخمة، كان من الصعب تقييمها بشكل موضوعي، مثل اعتمادها على تطبيقات وبرمجيات سيتطلب تلقيها للاستثمارات تقييمًا لها.