الشيخ أحمد ربيع: العالم الرقمي ساحة صراع.. والمحتوى الديني المعتدل غائب

في تحذير واضح من خطورة الفجوة الرقمية في الخطاب الديني، أكد الشيخ أحمد ربيع الأزهري، من علماء وزارة الأوقاف، أن ضعف الثقافة الدينية لدى قطاعات واسعة من الشباب يعود إلى عدة أسباب متشابكة، في مقدمتها ندرة المحتوى الديني المعتدل والموثوق عبر الإنترنت، مشيرًا إلى أن المحتوى الديني لا يُمثل سوى نحو 2% فقط من إجمالي المحتوى الرقمي العالمي، وهي نسبة ضئيلة للغاية مقارنة بحجم التحديات الفكرية والثقافية التي تواجه الأمة.
و أوضح خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس, أن هذا النسبة المحدودة من المحتوى الديني المتاح على الشبكة لا تخلو من الصراعات المذهبية والانقسامات الطائفية، مما يُضعف من الأثر الإيجابي للمحتوى الوسطي، ويُسهم في زيادة التشويش الفكري لدى المستخدمين، لاسيما من فئة الشباب الباحث عن إجابات ومعلومات دينية عبر الإنترنت.
جهد ملموس للمؤسسات الدينية
وأشار ربيع الأزهري إلى أن المؤسسات الدينية الوسطية – مثل الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء المصرية – تبذل جهودًا ملموسة في إنتاج محتوى رقمي رصين وموثوق، مشيدًا بإطلاق وزارة الأوقاف لمنصة إلكترونية قوية، وتطوير دار الإفتاء لتطبيقات تفاعلية متقدمة، بالإضافة إلى ما يقدمه الأزهر من خلال بوابته الإلكترونية ومرصده العالمي. لكنه أكد أن تلك الجهود، على أهميتها، لا تزال غير كافية من حيث الكم والانتشار، مطالبًا بتكثيف الإنتاج الرقمي وتوسيعه.
وحول تحديات العصر الرقمي، شدّد الشيخ أحمد ربيع على أن أدوات الذكاء الاصطناعي باتت اليوم تُشكّل المصدر الأول للمعلومات لدى كثير من المستخدمين، وهو ما يفرض ضرورة زيادة المحتوى الديني الصحيح كمًا وجودة وتكرارًا، قائلاً: لابد من نشر آلاف المواد ذات المرجعية الموثوقة، حتى يصبح المحتوى الديني هو المرجع الأول لأي باحث أو سائل، وإلا سيقع فريسة لمصادر مشوشة أو مضللة.
وأوضح الأزهري أن العالم الرقمي اليوم أصبح ميدانًا للصراع الثقافي والفكري، حيث تتسابق التيارات والمذاهب في طرح رؤاها ومعتقداتها عبر آلاف الصفحات والمواقع والمنصات، بينما يغيب الصوت المعتدل في كثير من الأحيان عن المشهد، أو يتراجع أمام طوفان من المواد الدعائية والأفكار المتشددة. ولفت إلى أن بعض الجهات تسعى إلى استغلال الفراغ المعرفي والديني لدى الشباب لبث مفاهيم مغلوطة، تستهدف تقويض الثوابت، وتشويه صورة العلماء والمؤسسات الدينية الرصينة.
وشدّد على أن معالجة هذا الخلل لا تقتصر على الإنتاج الرقمي فحسب، بل تتطلب كذلك خططًا استراتيجية للتربية الدينية تبدأ من الطفولة، وتُعزز من مكانة القيم والهوية والانتماء في نفوس النشء. وقال:إذا لم نُقدّم لأبنائنا خطابًا دينيًا عصريًا مبنيًا على الفهم الصحيح للدين، ومتفاعلًا مع قضاياهم وأسئلتهم، فسوف تملأ الفراغ منصات غير مسؤولة، وقد تكون موجهة لهدم الثوابت".