عاجل

قوات الدعم السريع تُعلن حكومة موازية: السودان على حافة الانقسام

قوات للدعم السريع
قوات للدعم السريع

في تطور سياسي وعسكري خطير يُنذر بتعقيد جديد للأزمة السودانية، أعلنت قوات الدعم السريع، الأسبوع الماضي، عن تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موازية، في خطوة وُصفت بـ"الدراماتيكية"، تهدف إلى تحدي شرعية الحكومة السودانية المعترف بها دوليًا، وفرض أمر واقع جديد يعيد خلط أوراق المشهد السياسي في البلاد.

أزمة دبلوماسية تؤجل وساطة واشنطن

تزامن الإعلان مع استعدادات الولايات المتحدة لإطلاق جولة جديدة من محادثات السلام في واشنطن، كان من المقرر أن تنطلق في 30 يوليو بمشاركة وزراء خارجية مصر والسعودية والإمارات. إلا أن المحادثات أُلغيت في اللحظة الأخيرة، بعد خلاف دبلوماسي بين واشنطن والقاهرة حول صياغة بيان ختامي يُحدد مستقبل الحكم الانتقالي في السودان.

ووفق مصادر مطّلعة، اعترضت مصر، الحليف الوثيق للحكومة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، على بندٍ في الوثيقة المقترحة ينص على استبعاد طرفي الصراع – الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع – من قيادة الحكومة الانتقالية المقبلة، الأمر الذي فجر خلافًا حال دون انعقاد القمة.

خطوط التماس الإقليمية

ويُظهر هذا الخلاف بوادر انقسام إقليمي حول الأزمة السودانية، حيث تدعم القاهرة الحكومة الرسمية، في حين تُتهم الإمارات بتقديم دعم غير مباشر لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مما يُنذر بتدويل الصراع على غرار ما حدث في ليبيا وسوريا.

حكومة "السلام والوحدة" برئاسة التعايشي

وكانت نواة فكرة تشكيل الحكومة الموازية قد بدأت في اجتماعات سرية استضافتها كينيا في فبراير الماضي، جمعت قيادات الدعم السريع مع فصائل معارضة أخرى. وخرجت تلك الاجتماعات بوثيقة تُمهّد لتأسيس ما أُطلق عليه "حكومة السلام والوحدة"، التي تم الإعلان عنها رسميًا في 26 يوليو.

وأسندت رئاسة الوزراء إلى محمد حسن التعايشي، عضو مجلس السيادة الانتقالي السابق، والذي يُعد من أبرز الشخصيات المدنية في مرحلة ما بعد إسقاط نظام عمر البشير عام 2019. فيما يترأس المجلس الرئاسي حميدتي، ويضم 15 عضوًا، غالبيتهم من خلفيات عسكرية أو حليفة للدعم السريع.

من حرب الجنرالات إلى انقسام الدولة

اندلعت الحرب الأهلية في السودان في أبريل 2023، بين قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي والقوات المسلحة السودانية بقيادة البرهان. ومنذ ذلك الحين، تسبب النزاع في مقتل آلاف المدنيين، ونزوح أكثر من 12 مليون شخص داخل وخارج السودان، وفقًا لتقارير أممية، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية عالميًا.

ويخشى مراقبون من أن يؤدي تشكيل الحكومة الموازية إلى ترسيخ الانقسام الجغرافي والمؤسسي في البلاد، كما حدث في ليبيا، حيث تتنازع حكومتان الشرعية منذ 2014، أو في الصومال، التي عانت لعقود من حكومات منقسمة وإدارات انفصالية.

رفض إقليمي ودولي

وفي أول رد فعل إقليمي، أدان مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي "محاولة فرض حكومة أمر واقع"، مطالبًا المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بها أو دعمها بأي شكل.

كما حذرت جامعة الدول العربية من أن الخطوة "قد تدفع بالسودان نحو مصير الكانتونات المتحاربة"، ملوحة بمخاطر تهدد بقاء الدولة السودانية ووحدتها الإقليمية.

إلى أين تتجه الأزمة؟

يبدو أن إعلان قوات الدعم السريع تشكيل حكومة موازية لم يكن مجرد تحرك رمزي، بل خطوة استباقية تهدف إلى كسب شرعية سياسية داخلية وخارجية، قبل أي تسوية محتملة، خاصة في ظل تعثر الوساطات الدولية.

لكن في المقابل، فإن استمرار الصراع دون أفق سياسي موحد، في ظل انقسام المواقف الإقليمية والدولية، ينذر بتحوّل السودان إلى ساحة نزاع طويلة الأمد، ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي شامل يضمن وحدة البلاد ويُنهي الحرب الطاحنة.

تم نسخ الرابط