عاجل

هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟ دار الإفتاء توضح الحكم الشرعي

لحم الابل
لحم الابل

أوضحت دار الإفتاء أن أكل لحم الإبل لا ينقض الوضوء عند جمهور الفقهاء، وهذا ما عليه الفتوى؛ لحديث جابرٍ رضي الله عنه قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ" رواه الأربعة.
ولا خلاف بين الفقهاء في حِلِّ الأكل من رقبة الإبل.

أولًا: اختلف العلماء في حكم نقض أكل لحوم الإبل للوضوء على قولين:

القول الأول: ذهب الثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي إلى أن أكل لحوم الإبل لا ينقض الوضوء بحالٍ، واستدلوا على ذلك بحديث جابر رضي الله عنه قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ". رواه الأربعة وصححه ابن حبان.

القول الثاني: ذهب الحنابلة ومن وافقهم إلى أن أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء على كل حالٍ؛ نيئًا ومطبوخًا، عالمًا كان الآكلُ أو جاهلًا، واستدلوا على ذلك بحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن لحوم الإبل فقال: «تَوَضَّؤُوا مِنْهَا»، وَسُئِلَ عَنْ لُحُومِ الْغَنَمِ فَقَالَ: «لا تَتَوَضَّؤوا مِنْهَا» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه ابن خزيمة وابن حبان.

والجمهور يحملون هذا الحديث وغيره على النسخ بدليل حديث جابرٍ المتقدم، والمختار للفتوى من هذين القولين هو القول الأول، وهو عدم نقض الوضوء بأكل لحوم الإبل.

ثانيًا: أما بالنسبة لحكم أكل رقبة الإبل فإنه حلال، وليس وضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم رِجلَه الشريفة عليها -إن ثبت ذلك- دليلًا على تحريم أكلها؛ فقد وضع صلى الله عليه وآله وسلم يده الشريفة على حيوانات أخرى، وركب صلى الله عليه وآله وسلم حيوانات متعددة، وكل هذا لم يحرم أكله، وإنما تأتي الحرمة هنا من النهي عن أكل شيء معين.

فرائض الوضوء

اتفق الفقهاء على أن أركان الوضوء التي لا يصح إلا بها تشمل غسل الوجه واليدين والرجلين، ومسح الرأس، وذلك امتثالًا للآية الكريمة والأحاديث الصحيحة التي تبين صفة وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

ومن الأحاديث الدالة على ذلك ما رواه حمران عن عثمان رضي الله عنه: أنه توضأ فأكمل غَسْل أعضائه على الترتيب المعروف، ثم قال: “رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: «من توضأ مثل وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحدِّث فيهما نفسه بشيء، غُفِر له ما تقدم من ذنبه»” (متفق عليه).

غسل اليدين إلى المِرفقَين من فرائض الوضوء

ومن بين الفروض التي اتفق عليها العلماء: وجوب غسل اليدين إلى المرفقين، ولا يُجزئ المسح عنهما. وهذا مستند إلى ظاهر الآية الكريمة، وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ لم يُنقل عنه قط أنه اكتفى بالمسح على اليدين في أي حال من الأحوال، رغم ورود العذر في بعض المواقف، مثل البرد أو ضيق الثوب، كما رُخِّص في المسح على الخفين دون سواهما.

قال العلامة ابن عابدين في “رد المحتار” (1/ 98): “انعقد الإجماع على وجوب غسل اليدين والرجلين، وعلى أن المرفقين والكعبين داخلان في الغَسل، لا في المسح”.
وذكر المواق في “التاج والإكليل” (1/ 276): “غسل اليدين إلى المرفقين من فرائض الوضوء”.
وأكد الإمام النووي في “منهاج الطالبين” (3/ 107) أن العلماء مجمعون على وجوب غسل الوجه واليدين والرجلين واستيعابها بالغسل.
ونقل ابن قدامة الحنبلي في “المغني” (1/ 90) إجماع العلماء على وجوب غسل اليدين إلى المرفقين، وبيّن أن المرفقين داخلان في الغَسل، لا خلاف في ذلك.

حُكم المسح على الأكمام أثناء الوضوء

وبناءً على ما سبق، فإن المسح على الأكمام لا يُجزئ بدلًا من غسل اليدين، لأنه مخالف لنصوص الشرع وأركان الوضوء.
وقد ورد في “الصحيحين” عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين أراد الوضوء وكان كُمُّ جُبَّته ضيّقًا، لم يَمسح على كُمَّيه، بل كشف ذراعيه وأخرج يديه من تحت الجبة، وغسلهما.
والدلالة من الحديث أن المسح إنما شُرع فيما يُلبس على الرأس (كالعمامة) أو القدمين (كالخفين)، أما الأكمام، فلا رخصة فيها.

كما أن القياس على المسح على الخفين غير جائز، لأن هذا المسح رخصة مخصوصة، والرخص لا يُقاس عليها؛ لأنها استثناء من القاعدة العامة، والقياس عليها يُفضي إلى مخالفة الأصل، وهو أمر غير مقبول شرعًا.
راجع: “شرح تنقيح الفصول” للإمام القرافي (ص: 416).

التيمم بدلًا من غسل اليدين عند العذر

وإذا تعذّر استعمال الماء لغسل اليدين، سواء لشدة البرد، أو لمرض، أو لخوف الضرر، أو لأي عذر معتبر، ولم يكن لديه وسيلة لتسخين الماء أو تجاوز الضرر، فله أن يلجأ إلى التيمم بدلًا من الوضوء.
أما إذا كان قادرًا على غسل بعض الأعضاء دون بعض، فعليه أن يغسل ما يستطيع دون ضرر، ويتيمم عن باقي الأعضاء، ملتزمًا بالترتيب والموالاة بين الأعضاء، تطبيقًا للقاعدة الفقهية: “الميسور لا يسقط بالمعسور”

 

تم نسخ الرابط