عاجل

الطب النبوي |الحناء.. بلسم نافع وعلاج تقليدي لا يزال حيًّا

الطب النبوي
الطب النبوي

في مشهد من مشاهد الهدي النبوي الذي جمع بين الرحمة والتوجيه، رُوي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم – كما جاء في "سنن ابن ماجه" وإن كان في سنده مقال – أنه كان إذا أصابه الصداع غلّف رأسه بالحناء، ويقول: "إنه نافع بإذن الله من الصداع".

تعريف الصداع قديما

والصداع – كما عرفه علماء الطب قديماً – ألم يصيب الرأس جزئيًا أو كليًا، وقد يكون في أحد شقيه فيسمى "الشقيقة"، أو شاملاً له فيُطلق عليه "البيضة" أو "الخودة"، تشبيهًا ببيضة السلاح التي تغطي الرأس بالكامل. وقد يصيب مقدمة الرأس أو مؤخرته، وتتعدد أسبابه ما بين عضوية ونفسية وبيئية.

وفي كتب الطب النبوي، يشير العلماء إلى أن "الصداع" ناتج عن احتباس الأبخرة داخل الرأس وارتفاع حرارته، مما يؤدي إلى ضغط داخلي يُحدث الألم، وهو ما يُشبه ما يحدث في الأوعية عند تعرضها للسخونة دون منفذ. وتُعتبر الحناء – بخواصها المرطبة والمبردة – علاجًا مساعدًا في تهدئة هذا الاحتقان الداخلي، خصوصًا إذا استخدمت في تغليف الرأس.

بروتوكولات علاج الصداع

ورغم أن الطب الحديث لم يعتمد الحناء ضمن بروتوكولات علاج الصداع، إلا أن العودة إلى التجربة النبوية تفتح باب البحث العلمي حول فوائد المواد الطبيعية المهملة، وتدعو إلى الجمع بين الهدي النبوي والمعرفة الحديثة لبناء وعي صحي متوازن.

يروي ابن ماجه في "سننه" حديثًا – وإن كان في سنده مقال – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أصيب بالصداع، غلّف رأسه بالحناء، ويقول: "إنه نافع بإذن الله من الصداع". ورغم أن المحدثين توقفوا عند صحة الإسناد، فإن مضمون الحديث يحمل دلالة عميقة على بساطة العلاج النبوي، وقدرته على توظيف عناصر الطبيعة في التداوي.

الصداع، كما وصفه الأطباء القدامى، ليس مرضًا بحد ذاته، بل عرض لأسباب متنوعة، منها ما هو عضوي، كالحمى أو مشاكل المعدة، ومنها ما هو نفسي كالقلق والتوتر، ومنها ما يرجع لتغيرات في البيئة أو ضغط العمل والحياة. وقد قسموه إلى أنواع، منها "الشقيقة" التي تصيب أحد جانبي الرأس، و"البيضة" التي تشمل الرأس كله، و"السدر" وهو الصداع الناجم عن دوران البخار المحموم داخل الجمجمة دون مخرج.

في هذا السياق، تأتي الحناء كعلاج تقليدي عُرف بقدرته على التبريد وتسكين الألم. فالحناء بطبيعتها المبردة، تساعد على امتصاص الحرارة المتركزة في الرأس، وتلطيف الجلد وتخفيف التوتر العصبي، مما يفسر استخدامها في تغليف الرأس عند الشعور بالصداع. وتذكر كتب الطب النبوي لابن القيم وغيره أن الحناء من الأدوية المباركة، التي تنفع من الحمى والالتهابات والصداع إذا استُعملت موضعيًا.

وفي المجتمعات العربية والريفية حتى اليوم، لا تزال الحناء تُستخدم في بعض البيوت كعلاج شعبي للصداع، حيث تُخلط بالماء أو الخل وتُوضع على فروة الرأس، وتُترك لتجف، مما يبعث شعورًا بالراحة. وهذا الاستخدام لم يكن مقصورًا على العرب، بل عُرف في الطب الهندي التقليدي (الأيورفيدا) أيضًا.

تم نسخ الرابط