«عراقجي» يفتح باب الشكوك مجددًا حول مصير اليورانيوم المخصب.. أين يختبئ؟

في مقابلة مثيرة نشرتها صحيفة فايننشال تايمز، كشف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، عن استمرار حالة الغموض بشأن مصير أكثر من 400 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب، بعد الضربات التي استهدفت منشآت نووية إيرانية في يونيو الماضي.
وبينما تتواصل جهود تقييم حجم الضرر الذي خلّفته الغارات الأمريكية، أشار عراقجي إلى أن بعض المواقع المتضررة يصعب الوصول إليها بشدة، ما يجعل من المستحيل حتى اللحظة تقديم تقييم دقيق لما إذا كانت المواد النووية قد دُمّرت، أم أنها نُقلت سراً قبل الهجوم.

تدابير لحماية اليورانيوم المخصب
ولدى سؤاله عن احتمال نقل اليورانيوم قبل القصف، أجاب عراقجي قائلاً: "بعثت برسالة إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أوضحت فيها أننا قد نكون اتخذنا تدابير لحماية المواد، لكن لم أصرّح بشكل صريح أننا قمنا بنقلها".
وتفتح هذه التصريحات المبهمة تفتح الباب واسعاً أمام الشكوك والتكهنات حول ما إذا كانت إيران قد أخفت المواد الحيوية تحسباً للهجوم، أم أنها فشلت في تأمينها.
التكنولوجيا لا تُمحى بالقنابل
وأضاف عراقجي أن المادة النووية "ربما تكون قد تضررت أو دُمرت جزئياً"، إلا أن التقييم النهائي لم يُحسم بعد. كذلك أكد أن الهجمات الإسرائيلية المتزامنة لعبت دوراً مدمّراً في تعطيل البنية التحتية النووية، غير أنه شدد على أن "التكنولوجيا لا تُمحى بالقنابل"، مؤكداً أن طهران ما زالت تملك المعرفة والخبراء والقدرة على إعادة بناء برنامجها النووي، رغم خسارة "عدد كبير من أجهزة الطرد المركزي".
بين المطرقة والضغط الدولي.. البرنامج النووي الإيراني في مفترق الطرق
لطالما شكّل برنامج إيران النووي محور نزاع طويل ومعقّد بين طهران من جهة، والغرب وإسرائيل من جهة أخرى. يعود التوتر النووي إلى مطلع الألفية، عندما بدأت الشكوك تحوم حول نوايا إيران بشأن تخصيب اليورانيوم، والذي يُستخدم لأغراض سلمية كما يمكن تحويله لصناعة سلاح نووي. ورغم توقيع الاتفاق النووي عام 2015، والذي فرض قيوداً صارمة على برنامج إيران مقابل تخفيف العقوبات، انسحبت الولايات المتحدة منه عام 2018 في عهد الرئيس ترامب، ما فتح الباب أمام موجة تصعيد جديدة.

منذ الانسحاب الأمريكي، كثفت طهران أنشطتها النووية وتجاوزت حدود التخصيب المنصوص عليها في الاتفاق، الأمر الذي أثار قلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الأوروبية.
وفي هذا السياق، تُعدّ الضربات الأخيرة التي طالت المنشآت النووية الإيرانية والتي نُسبت إلى الولايات المتحدة وإسرائيل تصعيداً غير مسبوق، يستهدف قلب البرنامج النووي الإيراني.
المعرفة البشرية
لكن تدمير البنية التحتية لا يعني بالضرورة القضاء على المشروع، كما أشار عراقجي. فإيران تراهن على "المعرفة البشرية" والبنية العلمية التي تراكمت لديها لعقود. ومع ذلك، فإن اختفاء 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب وهي كمية كافية لصناعة قنبلة نووية واحدة على الأقل يطرح علامات استفهام كبرى، ليس فقط بشأن قدرتها على الرد أو إعادة البناء، بل أيضاً حول مدى شفافية البرنامج بأسره.