ميدفيديف يلوح بسلاح يوم القيامة.. وترامب يرد بغواصات نووية

لوّح ديميتري ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن القومي حاليًا، بتحذير غير مسبوق للولايات المتحدة، قائلاً إن على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "أن يتذكر مدى خطورة اليد الميتة الأسطورية"، في إشارة إلى نظام الرد النووي الآلي الروسي، ما أعاد للأذهان أجواء الحرب الباردة وأثار ردود فعل غاضبة في البيت الأبيض.
تصريحات نارية ورد أمريكي سريع
وجاءت تصريحات ميدفيديف ردًا على "مهلة" تحدث عنها ترامب لروسيا بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا، وردًا على ما وصفه بـ"التصريحات الاستفزازية" لمسؤول روسي، أعلن ترامب يوم الجمعة عن نشر غواصتين نوويتين أمريكيتين، في خطوة تصعيدية تعكس حدة التوتر المتصاعد بين واشنطن وموسكو.
وإيلينا سوبونينا، مستشارة مركز الدراسات الدولية في روسيا، وصفت تصريحات ميدفيديف بأنها "شديدة الحدة"، مشيرة إلى أنها تلمّح بشكل مباشر لقدرات روسيا النووية. لكنها لفتت إلى أن وزير الخارجية سيرغي لافروف خفف من حدة الخطاب بإعلانه استعداد موسكو للحوار مع واشنطن واستئناف المفاوضات مع كييف.
ما هو نظام "اليد الميتة"؟
"اليد الميتة" (المعروفة داخل روسيا باسم "المحيط") هو نظام تحكم آلي طوّره الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة، يُصمم لضمان إطلاق الصواريخ النووية الروسية حتى إذا تم القضاء على القيادة العليا في ضربة نووية مباغتة.
ويهدف النظام إلى تمكين رد انتقامي واسع النطاق دون الحاجة إلى تدخل بشري، ما يجعله أداة ردع شديدة الخطورة.
وكالة "تاس" الروسية تصفه بأنه "نظام الردع النووي المطلق"، بينما شبّهه خبراء عسكريون أمريكيون بـ"آلة يوم القيامة".
وبحسب تقرير سابق لصحيفة “نيويورك تايمز” عام 1993، فإن النظام يتيح إطلاق الترسانة النووية بشكل آلي في حال عجز القادة عن توجيه المعركة.
الجدل حول وجوده
ورغم كثرة الحديث عن "اليد الميتة"، لا تزال تفاصيله الدقيقة محل جدل. فبينما يؤكد مسؤولون روس سابقون وجود النظام، يشكك البعض في دقته أو درجة استقلاليته.
وفي عام 2011، أكد قائد قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية سيرغي كاراكاييف أن النظام لا يزال "يعمل وحياً"، ويمكنه تنفيذ ضربة انتقامية في حال تعطلت وسائل الاتصال التقليدية.
كيف يعمل النظام؟
ووفقًا للخبراء، يتضمن النظام مجمعات تحت الأرض تضم أجهزة استشعار تراقب مؤشرات الهجوم النووي، مثل الضغط الزلزالي أو الإشعاع، وعند التأكد من تعرّض موسكو لهجوم نووي، يفعّل النظام تلقائيًا عملية الإطلاق.
وبدلًا من إطلاق الصواريخ مباشرة، يُرسل صاروخ خاص يحمل أوامر الإطلاق عبر موجات تردد منخفضة إلى المواقع النووية، ومنها إلى القاذفات البرية والبحرية، وحتى الغواصات.
ويشير موقع "ميليتاري" الأمريكي إلى أن النظام يمكنه العمل حتى في بيئات تشويش إلكتروني شديد، من خلال صواريخ مزوّدة برؤوس لاسلكية قادرة على نقل أوامر الهجوم لمسافات شاسعة.
تحديثات حديثة وتقنيات متطورة
ولأفتت تقارير روسية، من بينها وكالة "سبوتنيك"، إلى أن النظام خضع لتحديثات في السنوات الأخيرة، حيث أصبح قادراً على التفاعل مع بيانات الأقمار الصناعية لاكتشاف إطلاق الصواريخ الباليستية في وقت مبكر وتسريع الرد.
وأكد كاراكاييف أن النظام، إن تم تفعيله، يمكنه "تدمير الولايات المتحدة في غضون نصف ساعة"، لكنه أضاف: "لا أعتقد أن روسيا أو أمريكا تسعيان لتدمير بعضهما البعض اليوم".
رسالة سياسية أم تهديد حقيقي؟
ويرى محللون أن استخدام ميدفيديف لتلك اللهجة هو رسالة سياسية رمزية أكثر منها إشارة إلى نية حقيقية بالتصعيد، خصوصاً في ظل تلميحات لافروف إلى استعداد موسكو للحوار.
ولكن التلويح بنظام مثل "اليد الميتة" يعكس مستوى خطير من التصعيد الخطابي، ويعيد فتح ملف قديم يُحيي أسوأ كوابيس الحرب الباردة في زمن يزداد فيه الغموض والتوتر النووي عالمياً.