«شهرة بلا شهادة».. هل سرق التكتوكرز بريق التعليم والتوظيف ؟

لم يعد حلم الثراء أو تحقيق الشهرة مرتبطًا بالحصول على شهادة جامعية أو اجتياز اختبارات التوظيف الصعبة، في السنوات الأخيرة، صعد جيل جديد من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة منصة "تيك توك"، ليصبحوا نماذج للشهرة السريعة والربح الوفير دون المرور بمراحل التعليم أو التدريب المهني التقليدي.
لكن هذا المسار السريع بدأ يطرح تساؤلات مقلقة، خاصة بعد القبض على عدد من مشاهير التيك توك بتهم تتراوح بين الإساءة لقيم المجتمع، نشر محتوى غير لائق، بل وحتى اتهامات تتعلق بالاتجار بالبشر واستغلال الأطفال، وهو ما أثار الجدل حول تأثير هؤلاء على أجيال جديدة تعيد النظر في معنى «النجاح» و«المستقبل المهني».
انهيار النماذج التقليدية للنجاح:
في حديثها لـ«نيوز رووم»، أكدت أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس رفضت الأفصاح عن أسمها، أن ظهور "التكتوكرز" كمصدر رئيسي للشهرة والدخل غير
القيم المجتمعية بشكل ملحوظ، موضحة أن الطالب لم يعد يرى في التعليم أو الوظيفة وسيلة أكيدة لتحقيق حياة كريمة، بل يرى في محتوى الرقص والتقليد الساخر واللايفات المبتذلة طريقة أسرع وأربح للوصول للنجومية.
وأضافت أستاذة علم الاجتماع أن ما حدث هو صدمة ثقافية مشيرة أن جيل كامل يرى أن الجهد الأكاديمي بلا مقابل، بينما «لايف» واحد قد يدر على صاحبه آلاف الجنيهات.
عزوف عن التعليم.. وزيادة في التسرب المدرسي؟
أوضحت تقارير صادرة عن بعض المدارس ومراكز الإرشاد الأسري إلى ارتفاع معدلات التسرب التعليمي بين المراهقين في مناطق بعينها، ويربط بعض الباحثين بين ذلك وبين التقليد الأعمى لمشاهير التيك توك الذين يظهرون بمظهر الناجح، دون مؤهل.
وفي هذا السياق قال مدحت وهيب معلم بإحدى المدارس الثانوية بمحافظة الجيزة ، إن بعض الطلاب يأتون للمدرسة فقط لتصوير محتوى، أو يغيبون تمامًا لانشغالهم بإدارة صفحاتهم، لافتا إلى أن أصبح الحلم بالنسبة لهم هو عدد المتابعين، لا الشهادة.
التوظيف.. ضحية جديدة للفكر السريع:
في المقابل، تعاني كثير من الشركات من عزوف فئة الشباب عن الوظائف التقليدية، خاصة تلك التي تتطلب انضباطًا والتزامًا طويل الأمد.
ومن جهته قال أيوب أبراهيم، مدير موارد بشرية في أحد شركات تكنولوجيا، إننا لاحظنا تراجعًا كبيرًا في إقبال الشباب على الوظائف الإدارية، في السنوات الأخيرة .
بعد القبض على التكتوكرز.. هل تتغير الصورة؟
موجة القبض الأخيرة على عدد من مشاهير التيك توك بتهم خطيرة، سلطت الضوء على الوجه المظلم لهذا النوع من النجومية السريعة، البعض يرى أن ما حدث قد يمثل صحوة اجتماعية لتصحيح المسار.
وفي السياق متصل، قالت المحامية إيمان القصاص، المتخصصة في الجرائم الإلكترونية، إن النيابة العامة الآن صارمة جدًا في تتبع المحتوى المخل لافتة إلى أن هذا يعطي إشارة أن الأمر لن يترك دون ضوابط، وأن التربح من الإساءة أو خداع الجمهور له عواقب قانونية واضحة.
«نيوز رووم» ترصد تأثيرات الظاهرة بالأرقام:
ووفقًا لاستطلاع أجراه المركز القومي للبحوث الاجتماعية، أكثر من 60% من طلاب المرحلة الثانوية يتابعون مؤثرين على تيك توك بشكل يومي.
ارتفاع البلاغات المقدمة ضد بعض التكتوكرز بنسبة 80% خلال الفترة الأخيرة، حسب بيانات وحدة الجرائم الإلكترونية.