من الظلام إلى النور.. قصة هبة قرني التي غيرت حياتها بالإصرار |فيديو

شاركت الشابة هبة قرني تجربتها الملهمة في مواجهة فقدان البصر وتحويل محنتها إلى قصة نجاح ملهمة، مؤكدة أن الإصرار والتوكل على الله كانا مفتاح طريقها الجديد.
تبدأ هبة قرني حديثها، في حلقة مميزة من برنامج "الستات مايعرفوش يكدبوا" المذاع عبر قناة CBC، من عام 2019 حيث فقدت بصرها نتيجة مضاعفات عملية أجرتها لعلاج ضعف البصر، لكنها رفضت الاستسلام، مستشهدة بقول الله تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم"، قائلة: "عندما كنت مبصرة لم أكن أُجيد حتى كتابة اسمي، وبعد فقد البصر وجدت النور الحقيقي في التعليم".
من الرفض إلى التفوق
رغم رفض عدد من المؤسسات التعليمية قبولها بسبب كبر سنها وعدم وجود مؤهل دراسي سابق، أصرت هبة قرني على تعلم طريقة برايل، واعتبرتها تحديًا شخصيًا. المفاجأة أنها خلال شهر ونصف فقط، استطاعت القراءة والكتابة ببرايل بإتقان، واجتازت امتحان محو الأمية بنسبة 90%.
وأشارت هبة قرني إلى أن مدرسة النور المعنية بتعليم المكفوفين كانت تتوقع أن يتطلب منها التعلم سنوات، لكنها نجحت بسرعة غير متوقعة، مما أهلها لاجتياز اختبارات القبول للمرحلة الثانوية، وسط إعجاب كبير من لجنة وزارة التضامن الاجتماعي التي تابعت تقدمها.
دعم نفسي ولوجستي
أثنت هبة قرني على الدور الحيوي لوزارة التضامن الاجتماعي في دعمها، خاصة في توفير آلة برايل التي كانت تحتاجها لخوض امتحانات الثانوية، مشيرة إلى أنها حصلت عليها خلال أقل من 15 يومًا من تقديم الطلب، في خطوة أنقذتها من عائق كبير كان يهدد مستقبلها التعليمي.
وأكدت هبة قرني أن الدعم النفسي والمعنوي الذي تلقته من فريق التضامن وأساتذتها كان محفزًا أساسيًا جعلها تشعر بأنها ليست وحدها، بل جزء من مجتمع يساند ويحتوي.
من متعلمة إلى معلمة
تحولت هبة قرني من متلقية للعلم إلى متطوعة في جمعية رسالة، حيث تقوم الآن بتدريس طريقة برايل للأطفال المكفوفين وزميلاتها من الفتيات ذوات الإعاقة البصرية. وقالت بفخر: "كنت تلميذة، واليوم أعلّم غيري، لأن المعرفة يجب أن تنتقل وتنتشر".
وأضافت هبة قرني أنها تسعى حاليًا للالتحاق بمنحة تعليمية في جامعة الجلالة أو جامعة ساويرس، لدراسة اللغة الإنجليزية التي تصف نفسها بأنها "مدمنة" لها، طامحة إلى مواصلة التعليم العالي رغم كل الصعوبات.
تمكين حقيقي من الداخل
واحدة من أبرز مفاجآت هبة في الحلقة كانت إعلانها عن إعداد كتاب خاص بالمكفوفين داخل المطبخ، يحمل عنوانًا مبدئيًا: "أنا في المطبخ"، فيما قالت هبة قرني إنها تسعى من خلال هذا الكتاب إلى تمكين الفتيات الكفيفات من العمل في المطبخ باحترافية، مثل المبصرات تمامًا.
وأوضحت هبة قرني أنها بدأت في توثيق كل التفاصيل والملاحظات اللازمة لسلامة الأداء وسهولة التعلم، بدءًا من إعداد السلطات وحتى وصفات الأطعمة المعقدة، مؤكدة أن "الاختلاف بين المبصر والكفيف يجب أن يُلغى عندما تتوفر المعرفة والتدريب".

لا فرق بيني وبين آخر
اختتمت هبة قرني حديثها برسالة مؤثرة قالت فيها: "نحن لسنا مختلفين.. فقط نحتاج إلى فرصة وظروف عادلة. لا يوجد مستحيل.. الإرادة تُكسر الحواجز، والإيمان بالنفس يصنع المعجزات".
قصة هبة قرني هي شهادة حية على أن الإنجاز لا يعرف حدودًا، والإعاقة ليست نهاية بل بداية لقوة داخلية جبارة قادرة على التغيير والبناء. ومن خلال مبادرة "لا أمية مع تكافل"، كتبت هبة فصلًا جديدًا من الأمل لكل من يظن أن الطريق مسدود.