محمد العطيفي: الحرب التجارية تزعزع الأسواق العالمية وتهدد الاقتصاد الدولي

أكد الدكتور محمد العطيفي، المحلل الاقتصادي، أن الأسواق العالمية تعيش حالة غير مسبوقة من القلق والاضطراب منذ شهر أبريل الماضي، نتيجة تصاعد الحرب التجارية العالمية، خاصة بعد أن سجلت الرسوم الجمركية قفزات كبيرة من متوسط 3% إلى نسب تتراوح بين 18% و20%، بل تجاوزتها في بعض الدول.

وأوضح محمد العطيفي، خلال مداخلة تلفزيونية عبر قناة "النيل للأخبار"، أن هذه الزيادات المفاجئة في الرسوم أدت إلى خسائر اقتصادية فادحة على المستوى العالمي، لافتًا إلى أن القطاعات الأكثر تضررًا كانت تلك التي تعتمد على سلاسل التوريد الدولية، إضافة إلى الشركات العاملة في الأسواق المفتوحة.

تهديدات أمريكية تزيد التوتر

وأشار محمد العطيفي إلى أن التهديدات المتكررة من قبل الولايات المتحدة بفرض رسوم وعقوبات جديدة خلقت أجواء من القلق الدولي، خاصة في ظل التوجهات الحمائية المتزايدة للإدارة الأمريكية، والتي وصفها بأنها تُضر بالأسواق وتُضعف اقتصادات الدول النامية والمتقدمة على حد سواء.

وأضاف محمد العطيفي أن ما يزيد المشهد تعقيدًا هو أن الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، باتت تنتهج سياسات تجارية أحادية الجانب، دون اعتبار لآليات التعاون الدولي أو التوازنات الاقتصادية بين القوى الكبرى، مما أدى إلى اضطراب سلوك المستثمرين وتباطؤ حركة التجارة العالمية.

تعليق مؤقت للرسوم 

كشف محمد العطيفي أن الأسواق شهدت نوعًا من الارتياح المؤقت عقب إعلان الإدارة الأمريكية تعليق بعض الرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا، وهو ما ساهم في تخفيف التوتر نسبيًا، لكن دون أن يُنهي حالة الارتباك السائدة.

وأشار محمد العطيفي إلى أن الاتفاقات التجارية الثنائية التي أُبرمت بين الولايات المتحدة وعدد من الدول، مثل بعض دول آسيا، ساعدت في تهدئة جزئية للأسواق، إلا أنها لم تكن كافية لحسم الخلافات الكبرى التي تسببت في تصدع النظام التجاري العالمي.

التحوط المالي ضرورة 

وأوضح محمد العطيفي أن المشهد التجاري الحالي يدفع الدول والمستثمرين على حد سواء إلى تبني سياسات مالية تحوطية، بهدف تقليل الخسائر المحتملة، مؤكدًا أن غموض التوجهات الأمريكية يُصعّب على صناع القرار الاقتصادي التنبؤ بالمرحلة المقبلة.

وأضاف محمد العطيفي أن بعض الدول، مثل كندا وسويسرا، رفضت الانصياع للضغوط الأمريكية وفضّلت التمسك بقواعد التجارة الحرة متعددة الأطراف، بينما رحبت دول آسيوية أخرى بالتفاهمات الثنائية، بحثًا عن استقرار مؤقت في علاقاتها التجارية مع واشنطن.

ترامب يملك سلطات استثنائية 

فيما يتعلق بالجوانب القانونية، أشار محمد العطيفي إلى أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب يمتلك صلاحيات تنفيذية موسعة تتيح له فرض رسوم جمركية دون الحاجة للرجوع إلى الكونغرس أو القضاء، وهو ما يُثير قلقًا دوليًا واسعًا.

وقال محمد العطيفي إن هذا التوجه، رغم قانونيته داخليًا، إلا أنه يتسم بطابع متقلب وغير مستقر، ما يُفقد الأسواق الثقة ويزيد من حالة التخبط في العلاقات الاقتصادية الدولية، مشددًا على أن الأسواق بحاجة إلى وضوح واستقرار في السياسات لا إلى قرارات فردية متغيرة.

مفترق طرق للتجارة الدولية

واختتم محمد العطيفي مداخلته بالتأكيد على أن الارتباك التجاري العالمي سيستمر ما لم يتم التوصل إلى تسويات واضحة وشاملة بين القوى الاقتصادية الكبرى، مرجحًا أن يمتد هذا الغموض حتى نهاية العام الحالي إذا لم تُحدث تطورات جذرية في مسار الحرب التجارية.

وذكر محمد العطيفي أن المستقبل القريب سيتحدد وفقًا لمستوى الاستجابة الدولية تجاه السياسات الحمائية، ومدى قدرة الأسواق على استيعاب الضغوط وتحقيق نوع من التوازن التجاري الذي يعيد الثقة ويُنعش النمو العالمي مجددًا.