عاجل

قيادة الأطفال للسيارات.. انعكاسات اجتماعية وقانونية تهدد أمن الشارع

قيادة الأطفال للسيارات
قيادة الأطفال للسيارات

بكل أسف، لم تعد مشاهد قيادة الأطفال للسيارات مشهداً غريبًا في شوارعنا، بل باتت ظاهرة مألوفة وطبيعية، لم تكشف فقط عن غياب الوعي، بل عن انهيار الرقابة الأسرية والاجتماعية. 
هنا لا نتحدث عن لحظة طيش عابرة ولكنها لحطة يتغير بها مصير حياة إنسان، تخلّف وراءها مآسي لا تُحتمل، فكيف نري طفل لم يبلغ من العمر 18 عامًا يقود سيارة "نقل"؟.
ورغم أن القوانين التي شرعتها الدولة واضحة والتي تحظر قيادة من هم دون 18 عامًا، إلا أن الواقع يقول عكس ذلك، حيث يتكرر المشهد بشكل أكبر وأصعب طفل يقود، وأب يتفرج، ومأساة تتكرر وحادث تلو الآخر، يسقط فيه الضحايا دون ذنب.

جرائم علي الأسفلت 

في العام الماضي فقط، حصدت هذه الظاهرة أرواحًا بريئة، كان من بينها أسرة كاملة في الجيزة، دهستها سيارة يقودها طفل لا يتجاوز الخامسة عشرة، وفي محافظة الشرقية أصيب سبعة مواطنين بعدما فقد طفل السيطرة على سيارة ملاكي.
وعلى مدار الشهر الجاري وحده، سجلت الكاميرات خمس وقائع متشابهة، كان أبطالها أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و14 عامًا، يجلسون على مقاعد القيادة، ومعهم آباء أو أولياء أمور شاركوهم جرائمهم العبثية.

قوانين وعقوبات صارمة 

نظرا لخطورة الجريمة وما يترتب عليها من كوارث ينتج عنها مصابون وربما قتلى علاوة على ما يلحق بالطفل والسيارة، وضع المشرع عدة قوانين عقوبة على الطفل والأب معا.

عقوبة الطفل:

ينص قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 في مادته (101) على أن الطفل الذي لم يتجاوز 15 عامًا ويثبت تورطه في ارتكاب جريمة، لا يُعاقب بالحبس، وإنما يُخضع لأحد التدابير الإصلاحية مثل:

التوبيخ أو التسليم لوليه.

الإلحاق ببرامج تدريب وتأهيل.

الإلزام بواجبات معينة أو العمل للمنفعة العامة.

الإيداع في مؤسسات رعاية أو مستشفيات متخصصة إذا استدعى الأمر.

أما المادة 50 من نفس القانون، فتنص صراحة على حظر منح الأطفال أي ترخيص لقيادة المركبات الآلية، وتُوقع عليهم عقوبة الحبس حتى 3 أشهر أو الغرامة من 50 إلى 100 جنيه في حال المخالفة.

وتُحمل المادة 51 متولي أمر الطفل المسؤولية الكاملة عن الأضرار الناتجة عن قيادة طفل لدراجة قبل سن 8 سنوات، فيما تُلزم المادة 52 مؤجري الدراجات بعدم تأجيرها للأطفال تحت هذا السن.

عقوبة الأب: 

إذا كانت يد الطفل هي من ارتكبت الفعل، فإن ظل الأب يقف وراءه قانونيًا، خاصة إذا ثبت علمه أو تساهله.
فبموجب المادة 173 من القانون المدني رقم 131 لسنة 1948:

يُحمّل ولي الأمر أو من تقع عليه مسؤولية الرقابة (سواء قانونًا أو باتفاق) مسؤولية تعويض الأضرار الناتجة عن أفعال الطفل.

وتُعتبر هذه المسؤولية قائمة حتى وإن لم يكن الطفل مميزًا أو واعيًا بالفعل الذي ارتكبه.

ويمكن فقط رفع هذه المسؤولية إذا أثبت الأب أو القائم بالرقابة أنه أدى واجبه بالكامل ولم يكن بإمكانه منع الواقعة.
وينص قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 في مادته (45) على أنه:
- لا تُمنح رخص القيادة لمن هم دون 18 عامًا.
- تحمل ولي الأمر المسؤولية القانونية إذا تسببت هذه المخالفة في حادث.
- أما المادة 238 من قانون العقوبات، فتنص على أن: "كل من تسبب بخطئه سواء بالإهمال أو الرعونة أو عدم الاحتياط في وفاة شخص أو أكثر، يُعاقب بالحبس أو الغرامة".

 الدكتورة سامية خضر
 الدكتورة سامية خضر

ومن جهتها، قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن قيادة الأطفال والمراهقين للسيارات قبل سن 18 عامًا تمثل خطورة اجتماعية وأمنية بالغة، فنحن لا نتحدث عن افتقارهم للخبرة والقدرة البدنية والعقلية على التعامل مع المواقف المرورية الطارئة، بل عن غياب الشعور بالمسؤولية وترويع المواطنين.

وأكدت "خضر" في تصريح خاص لـ"نيوز روم"، أننا عندما نسمح لطفل بقيادة سيارة فإننا نعزز سلوكًا متهورًا قد يدفعه لارتكاب حوادث بل ووقوع وفياة في بعض الأحيان، مشيرًة إلي أنه لا يدرك حجم الأذى الذي قد يلحقه بنفسه أو بالآخرين، كما أن المجتمع بأكمله يدفع الثمن.
وتابعت: "المسألة ليست فردية بل مسؤولية الأسرة والمجتمع، ويجب على الأهل أن يدركوا أن السماح لأبنائهم بالقيادة قبل السن القانوني لا يظهر نضجهم، بل يعرضهم للخطر.

وطالبت الدكتورة سامية خضر، بضرورة وجود رقابة مشددة وتفعيل حقيقي للقوانين، إلى جانب حملات توعية مجتمعية تخاطب الأسرة والطفل معًا، وتوضح أن القيادة ليست مجرد لعبة بل مسؤولية لا بد من تحملها.

 الدكتورة سامية خضر
 الدكتورة سامية خضر

فيما أشارت 8، أستاذة الإعلام، إلى أن القانون يحدد سنًا معينًا للحصول على الرخصة، ويجب الالتزام به بشكل صارم، إلى جانب ضرورة وجود اختبارات دقيقة لمن يتقدم للحصول على الرخصة، خاصة فيما يتعلق بكفاءة القيادة والحالة الصحية والنفسية للمتقدمين.

وأوضحت أستاذ الإعلام في تصريح خاص لـ"نيوز روم"، أن اختبارات تحليل المخدرات التي تجرى في الحملات المرورية بشكل مفاجئ ساهمت في تقليل الحوادث، بالإضافة إلي كاميرات المراقبة التي باتت ترصد كل صغيرة وكبيرة والمنظومة المرورية الدقيقة التي انتهجتها مصر في السنوات الماضية.

وشددت "عبدالوهاب" على أهمية تفعيل الدور الرقابي والإعلامي في هذا الملف، فضلًا عن أن الإعلام يجب أن يؤدي دورًا توعويًا وردعيًا في الوقت نفسه، لافتًة أننا بحاجة لحملات إعلامية قوية توصل رسالة واضحة.

 

تم نسخ الرابط