التجارة الإلكترونية تعيد تشكيل الأسواق..هل تهدد التجارة التقليدية؟

فرضت التجارة الإلكترونية نفسها كقوة اقتصادية صاعدة لا يمكن تجاهلها، خاصة مع توجه ملايين المستهلكين حول العالم إلى الشراء عبر الإنترنت، مدفوعين بالراحة والمرونة التي تتيحها المنصات الرقمية، وتنوع الخيارات، والأسعار التنافسية، في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة.
وقال خبراء اقتصاديون إن، التجارة التقليدية في السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا نسبيًا في بعض القطاعات، خاصة التجزئة والملابس والإلكترونيات، نتيجة اتساع رقعة التجارة الإلكترونية. كثير من المحال التجارية باتت تعتمد على نموذج "الهجين"، أي الجمع بين المتجر الواقعي والمنصة الإلكترونية، لضمان البقاء في المنافسة.
ولفت الخبراء في تصريحات صحفية لموقع «نيوز رووم» إلى أن تجاهل هذه التحولات قد يؤدي إلى فجوة في المهارات بين الأجيال، ويزيد من معدلات البطالة بين الفئات التي لم تحظَ بفرص التدريب التقني.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حتى يونيو 2025، ارتفعت نسبة العاملين في أنشطة الخدمات الرقمية والتجارة الإلكترونية بنسبة 18.7% مقارنة بالعام السابق، في حين انخفضت العمالة في قطاع التجزئة التقليدي بنسبة 8.2%.
مستقبل الرقائق الإلكترونية.. والتجارة الإلكترونية كمحفّز
كما تعتمد التجارة الإلكترونية بشكل كبير على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وسلاسل الإمداد الذكية، وأجهزة المعالجة السريعة، ما يزيد الطلب على الرقائق الإلكترونية semiconductors.
ومن جهته، أكد مصدر مسؤول بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن التحول نحو التجارة الإلكترونية لم يعد خيارًا، بل ضرورة تفرضها طبيعة السوق العالمي الجديدة، مشيرا إلى والحكونة تبذل جهودًا مكثفة لتأهيل الكوادر الشابة من خلال مبادرات تدريبية متخصصة مثل «مستقبلنا رقمي» و«رواد تكنولوجيا المستقبل»، التي تستهدف تطوير مهارات الشباب في مجالات التجارة الإلكترونية، التسويق الرقمي، وتحليل البيانات.
وأضاف المصدر أن وزارة الاتصالات تعمل بالتوازي على تهيئة بيئة تشريعية وتقنية تعزز من نمو هذا القطاع، وتدعم الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية، والخدمات اللوجستية، وصناعة الرقائق الإلكترونية، بما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد القومي وفرص العمل.
وفي هذا السياق، أكد أشرف غراب الخبير الاقتصادي أت التجارة الإلكترونية لا تُنهي التجارة التقليدية، بل تدفعها للتطور وتبني أدوات جديدة. السوق يتحول، وليس ينقرض.
وأضاف أن التحولات في سوق العمل نتيجة صعود التجارة الإلكترونية لا تعني فقط فقدان وظائف، بل تعني إعادة توزيع الفرص، موضحا أن السوق لم يعد بحاجة إلى بائع تقليدي بقدر ما يحتاج إلى شخص يفهم منصات البيع الرقمي، ويجيد تحليل سلوك المستهلك وتوجيه الحملات التسويقية بذكاء.
وتابع: على الدولة أن تتحرك بسرعة لتأهيل الأجيال الجديدة لسوق رقمي بالكامل، من خلال دعم برامج التدريب في مجالات مثل إدارة المحتوى، وخدمة العملاء عبر الإنترنت، وتحليل البيانات، والتجارة العابرة للحدود، وهي المجالات التي ستقود اقتصاد المستقبل.
وماذا عن مصر؟ فرصة رقمية يجب اقتناصها
في السنوات الأخيرة، أبدت الحكومة المصرية اهتمامًا ملحوظًا بقطاع التجارة الإلكترونية، وأطلقت مبادرات لدعم التحول الرقمي، أبرزها:
مبادرة "مصر الرقمية" لدعم التحول الإلكتروني .
تطوير البنية التحتية للإنترنت في مختلف المحافظات .
حوافز استثمارية للشركات الناشئة العاملة في مجال التجارة الإلكترونية .
برامج تدريبية في مجالات التجارة الرقمية والتسويق الإلكتروني .
كيف تستفيد مصر من هذا التحول؟
1. تشجيع الاستثمار في البنية التحتية الرقمية
2. توطين صناعة الرقائق الإلكترونية بالتعاون مع دول كبرى
3. دمج المشروعات الصغيرة في منصات التجارة الإلكترونية
4. توفير برامج تدريبية لإعادة تأهيل العمالة التقليدية
5. تحسين البيئة التشريعية لتسهيل عمل الشركات الرقمية
سوق العمل فرص جديدة وخسائر تقليدية
أحدثت التجارة الإلكترونية تحولات عميقة في سوق العمل، فقد تراجعت الحاجة إلى بعض الوظائف التقليدية مثل البائعين داخل المتاجر، مقابل صعود وظائف جديدة مثل:
- متخصصي التسويق الرقمي
-إدارة المتاجر الإلكترونية
-محللي البيانات والسلوك الشرائي
-خدمات الشحن والتوصيل
-دعم العملاء عبر الإنترنت