عاجل

آخر أيامه في البيت الأبيض ... كيف ترك بايدن إرثاً كارثياً؟

استطاع بايدن جعل
استطاع بايدن جعل مشاعر العداء لأمريكا الأسوأ منذ حرب العراق

خلال أسبوعه الأخير في البيت الأبيض، عقد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن عدة مؤتمرات أدلى فيها بتصريحات استندت جميعها على سردية أنه ترك الولايات المتحدة في وضع أفضل وأقوى مما كانت عليه حينما تولى رئاستها.

هذه السردية اعتمدت على عدة محاور تتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة خلال السنوات الأربع الماضية، وهي الأداء الاقتصادي الأمريكي والمنافسة مع الصين والصراع الروسي الأوكراني والدور القيادي العالم المزعوم لواشنطن.

فعلى سبيل المثال، أدلى بايدن، أمس، بتصريحات في وزارة الخارجية الأمريكية، قال فيها إنه "خلال فترة رئاستي، عززت قوة أمريكا على جميع المستويات." وأضاف: "بفضل إدارتنا، الولايات المتحدة تفوز في المنافسة العالمية"، مشيرًا إلى أن "خصومنا ومنافسينا أصبحوا أضعف". وأكد أن الصين، المنافس الأول لواشنطن، "لن تتجاوزنا أبدًا".

شعبية ساقطة

 

وفقًا لتقرير نشرته مجلة "تايم" الأمريكية، أمس، فقد انحدرت شعبية بايدن إلى درجة غير مسبوقة خاصة بعد حرائق الغابات المدمرة التي شهدتها ولاية كاليفورنيا ومدينتها الأكبر لوس أنجلوس. فبحسب استطلاع للرأي أجرته وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، وصلت نسبة شعبية بايدن إلى 37% أي بانخفاض وصل 97% منهم عندما تولى منصبه. فقد اعتبر أقل من 10% من المشاركين في الاستطلاه أن بايدن كان رئيسًا جيدًا.

رأت الوكالة أن هذه النسب تعكس بشكل صارخ المدى المشوه الذي وصل إليه إرث بايدن الرئاسي؛ بيد أن العديد من أعضاء حزبه ان رئاسته كانت متواضعة.

أخطاء كارثية

رأت مجلة "فورين بوليسي"، في تقرير لها أمس، أنه من الشائع لدى بايدن أن يعترف بأخطائه، مؤكدةً أن "عناده هذا هو أكبر عائق في فترة رئاسته. وكان إصراره على الترشح لولاية ثانية، رغم تدهور حالته الصحية الواضحة في سن 82 عامًا ومعارضة معظم حزبه لهذه الخطوة، مثالاً على هذا العناد".

وقالت إنه لم يكن هناك خطأ أكثر تأثيرًا من انسحاب بايدن المفاجئ من أفغانستان في منتصف ولايته، وهو إخفاق لم يتعافَ منه أبدًا.

أصر بايدن على أن طالبان لن تستولي على السلطة، لكنها فعلت ذلك في غضون أسبوعين فقط. واستمر بايدن ومساعدوه في التأكيد على أنه لم يكن هناك طريقة أفضل للانسحاب، رغم تحذيرات مستشاره العسكري من الفوضى إذا لم يتم الإبقاء على قوة صغيرة من القوات الأمريكية هناك.

وقد كان هذا الانسحاب بمثابة إظهار للضعف الأمريكي الذي ربما شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على غزو أوكرانيا، وفقًا للمجلة.

وقالت المجلة، إن طريقة بايدن في التعامل مع السياسة الخارجية مليئة بالتناقضات، حيث أعلن في بداية الحرب في أوكرانيا أن بوتين لن يضطر للقلق بشأن تدخل عسكري أمريكي مباشر، لكنه انتهى بتقديم مساعدات عسكرية متزايدة تجاوزت "الخطوط الحمراء" التي وضعها بنفسه. ووصف الصراع الأوكراني في البداية بأنه "حرب من أجل الديمقراطية"، ثم تحول دون اعتراف صريح إلى حرب على "المعايير الإقليمية".

أما بالنسبة للصين، أطلق بايدن تصريحات متشددة حول الدفاع عن تايوان، مما أثار التوترات مع بكين. لكن إدارته تراجعت مرارًا عن تلك التصريحات، مما ترك انطباعًا بالتردد وعدم الفاعلية. كما أنه واجه انتقادات لعدم استخدامه النفوذ الأمريكي بشكل حقيقي في الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بملف غزة.

في خطابه يوم الاثنين، أشار بايدن إلى ما يعتبره أعظم إنجازاته: الاستثمار الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة في مجال الطاقة النظيفة، وتعزيز القاعدة الصناعية للبلاد، وتوسيع الناتو لمواجهة روسيا في أوكرانيا، وتعزيز النفوذ الأمريكي في آسيا من خلال اتفاقيات أمنية مع اليابان وكوريا الجنوبية.

لكن، ووفقًا للمجلة، فشل في التوصل إلى أي اتفاق جوهري مع الصين حول تغير المناخ أو الذكاء الاصطناعي. كما أن المفاوضات مع إيران بشأن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 لم تسفر عن أي نتائج ملموسة، مما جعل الكثير من سياساته تبدو غير مكتملة.

تصاعد مشاعر معاداة أمريكا

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن بايدن وجد نفسه متخبطًا بين التهديد باستخدام النفوذ الأمريكي للضغط على إسرائيل وبين التراجع عن تنفيذ تلك التهديدات. لقد هدّد بايدن مرات عديدة بحجب الأسلحة عن إسرائيل لتعديل سلوكها الإجرامي، لكنه لم ينفذ تلك التهديدات أبدًا، مما أدى إلى تصاعد المشاعر المعادية لأمريكا في الشرق الأوسط. وقد وصف بريت هولمجرين، المدير المؤقت للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب، هذه المشاعر بأنها الأسوأ منذ حرب العراق.

العناد والتجاهل

رفض بايدن الاستماع إلى الانتقادات الداخلية أو تعديل سياساته، وهو ما عزز ثقته الزائفة بإنجازاته. عندما سئل بعد انتخابات التجديد النصفي لعام 2022، التي حقق فيها الديمقراطيون نتائج أفضل من المتوقع، عما إذا كان سيتبع نهجًا مختلفًا لمعالجة قضايا الاقتصاد ومخاوف الناخبين، أجاب ببساطة: "لا شيء".

في العامين التاليين، تجاهل بايدن جميع النصائح الداخلية التي حذرته من أنه قد يخسر في انتخابات 2024، رغم أن نسب تأييده بالكاد تجاوزت 40%.

تم نسخ الرابط