"الثقافة": ندوة تثقيفية حول دعم الفنانين والحرفيين والنهوض بالصناعات التراثية

ضمن فعاليات ملتقى إقليم القاهرة الكبرى الأول للفنون والحرف اليدوية، الذي يقام برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، عقدت ندوة تثقيفية تناولت سبل دعم الفنانين والحرفيين المصريين، وتسليط الضوء على تجارب ملهمة في مجالات الصناعات التراثية والإبداعية، وذلك ضمن جهود وزارة الثقافة للنهوض بالتراث الحرفي المصري وربطه بالواقع المعاصر.
جاءت الندوة تحت عنوان "دعم الفنانين والحرفيين الشباب: نحو مجتمع منتج يحتفي بهويته"، وبدأت بكلمة تحدثت خلالها الدكتورة نهى نبيل، مدير عام الإقليم ورئيس الملتقى، مشددة على أهمية توفير فرص حقيقية أمام الفنانين والحرفيين الشباب، وإتاحة المساحات لعرض إنتاجهم وتسويق أفكارهم ومنتجاتهم محليا ودوليا.
وأشارت إلى تجربة الصين كنموذج ناجح في تحويل الصناعات التقليدية إلى ركيزة اقتصادية، من خلال دمجها في التعليم والثقافة والتسويق، داعية إلى الاعتزاز بالمنتج المصري وتعزيز ثقافة الإنتاج المحلي.
وأوضحت "نبيل" أن الحرف اليدوية لا تتطلب دائما خامات معقدة أو تمويلا كبيرا، بل تعتمد على الإبداع والمهارة، مشيرة إلى أن تطوير هذه الحرف وتسويقها بطريقة احترافية يمكن أن يعود بعائد اقتصادي مجز، ويسهم في خلق فرص عمل، خاصة في المجتمعات الريفية والمحافظات.
وخلال الندوة أكدت الدكتورة شيماء الصعيدي، مدير عام أطلس المأثورات الشعبية بالهيئة العامة لقصور الثقافة، في ورقة بحثية بعنوان "الفنون التراثية وتأصيل الهوية المصرية"، أن الصناعات الحرفية ليست فقط تراثا، بل هي أيضا رافد من روافد الهوية، وحلقة وصل بين الماضي والحاضر. وأضافت أن كثيرا من هذه الصناعات تحمل بعدا إبداعيا وجماليا واقتصاديا في آن واحد.
وقدمت "الصعيدي" نموذجا ملهما في هذا السياق، من خلال قصة شيماء النجار، الفتاة الصعيدية من مدينة شندويل بمحافظة سوهاج، التي أصرت على إحياء حرفة "التلي" المهددة بالاندثار، وتمكنت من تطوير مشروعها وتسويقه في القاهرة، ثم عادت به إلى محافظتها لتوسيع نطاقه، لتصبح واحدة من النماذج الشابة الرائدة في الصناعات التراثية.
كما استعرضت دور أطلس المأثورات الشعبية في جمع أصحاب الحرف اليدوية من مناطق مثل "بطن البقرة"، وتمكينهم من عرض منتجاتهم في الجامعات والجهات الرسمية، بما يسهم في تغيير الصورة النمطية عن الحرفيين وإبراز إبداعهم.
وشهدت الندوة مداخلات أبرزها للفنان شعبان زكي، الذي دعا إلى إقامة برامج مشتركة تجمع بين الجهات المعنية والحرفيين لتطوير القطاع وتذليل التحديات، فيما أشار محمد الشحات، مدير قصر ثقافة روض الفرج، إلى أهمية الشراكات المؤسسية من أجل تقديم نموذج مستدام لدعم هذه الصناعات وربطها بسوق العمل المحلي والدولي.
وفي سياق متصل، ألقى الفنان محمود أبو هادية، المتخصص في فن الخزف، محاضرة بعنوان "تاريخ فن الخزف وعلاقته بالفن الحديث"، تناول خلالها تطور هذا الفن منذ عصور مصر القديمة، حيث استخدم الإنسان المصري القديم الطين في صناعة الأواني وتخزين الحبوب، مرورا بابتكار تقنيات الحرق والطلاء الزجاجي.
واستعرض "أبو هادية" خصائص الطين المصري، الذي يمتاز بالجاذبية والمرونة والصلابة، مما يجعله مادة مثالية للإبداع الفني والصناعي، وتناول مراحل التصنيع التقليدية، من نقع الطين وتشكيله بالحبال أو العجلة، إلى استخدام الأفران التقليدية والكهربائية، محذرا من استخدام أكسيد الرصاص في الطلاء الداخلي حفاظا على الصحة العامة.
وفي ختام محاضرته، دعا الفنان محمود أبو هادية إلى إعادة دمج الخزف في الاستخدامات المنزلية اليومية، من خلال تصميمات مستوحاة من الأشكال التراثية، ما يسهم في توظيف التراث بصيغة معاصرة تربط بين الجمال والوظيفة.
يذكر أن ملتقى القاهرة الكبرى الأول للفنون والحرف اليدوية يقام بمشاركة عدد من الفنانين والباحثين والمبدعين، ويتضمن معارض وورش عمل وندوات تثقيفية، بهدف دعم الحرف التراثية وتحفيز الأجيال الجديدة على صون هذا التراث الإبداعي.