الجن أم ارتفاع الحرارة؟.. القصة الكاملة لأزمة حرائق قرية برخيل بسوهاج
يعيش أهالي قرية برخيل التابعة لمركز ومدينة البلينا جنوبي محافظة سوهاج، في حالة من الهلع والرعب منذ عدة أيام، عقب تجدد اشتعال النيران في عدد من المنازل والأحواش دون أسباب ظاهرة أو واضحة، في سيناريو بات يتكرر بشكل يثير الحيرة والقلق، وسط اتهامات من بعض الأهالي لـ"الجن" بالوقوف وراء تلك الحرائق الغامضة.
وشهدت برخيل خلال الأيام الماضية، عدة وقائع لاشتعال النيران بشكل مفاجئ داخل منازل متفرقة، ما أدى إلى احتراق أثاث ومحتويات منزلية بالكامل، ونفوق عدد من رؤوس الماشية، فضلًا عن إصابة عدد من السكان أثناء محاولاتهم إخماد الحرائق، في ظل غياب تفسير علمي أو فني لما يجري.
حريق برخيل سوهاج
ويؤكد بعض سكان القرية، أن النيران تشتعل في أماكن مغلقة دون وجود مصدر كهربائي أو أي مواد قابلة للاشتعال، ما جعلهم يرجعون ما يحدث إلى "الجن"، كما حدث في وقائع سابقة داخل القرية قبل نحو عامين، وفي مناطق مجاورة مثل قرية زرابي برخيل، ونجع العواري، وقرى أخرى بمركز البلينا.
يقول أحد المتضررين “كنا جالسين وفوجئنا بالنار تشتعل في أحد الغرف دون أي سبب، وتمتد لباقي المنزل، وكل ما نطفئها ترجع تشتعل تاني”، ويضيف آخر أن الموضوع مش جديد، وأنه منذ سنتين حصل نفس الكلام، وكل مرة بنقول نار من الجن، والناس مش قادرة تعيش في أمان.
خوف وارتباك الأهالي
وانتشرت حالة من الخوف والارتباك بين الأهالي، خاصة مع تكرار الحرائق في أوقات متقاربة، الأمر الذي دفعهم إلى مناشدة الجهات المعنية بالتدخل العاجل وكشف أسباب تلك الظواهر الغامضة التي تهدد حياة المواطنين وممتلكاتهم.
ويطالب أبناء القرية بتشكيل لجنة فنية متخصصة من الكهرباء والدفاع المدني، وأخرى من الأزهر والأوقاف، لبحث الظاهرة من كافة الجوانب، العلمية والدينية، وذلك لوضع حد لحالة الذعر التي اجتاحت القرية.
وأكد عدد من المشايخ وعلماء الدين ضرورة التعامل مع الحوادث بعقلانية، مشيرين إلى ضرورة تحري الأسباب المنطقية أولًا، قبل الجزم بتفسيرات غير مثبتة، مع الدعوة إلى تكثيف الدعاء والرقية الشرعية لـ طمأنة الناس.
حريق برخيل تدخل عاجل
وتبقى قرية برخيل في قبضة الخوف والحيرة، في انتظار تدخل عاجل من الجهات المعنية، لفك طلاسم هذه الحرائق التي استعصى تفسيرها، وسط أمل الأهالي في أن يجدوا حلاً نهائيًا يضع حدًا للرعب الذي يطرق أبوابهم يوميًا دون إنذار.
وبتوجيه الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبدعم الدكتور محمد عبدالدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة بالمجمع؛ قام وفد من منطقة وعظ سوهاج بزيارة ميدانية إلى قرية برخيل التابعة لمركز البلينا جنوبي محافظة سوهاج، والتي شهدت في الآونة الأخيرة حرائق متكررة وغامضة أثارت الذعر بين الأهالي.
زيارة وفد الأزهر
ترأس الوفد الشيخ الضبع محمد أحمد، مدير عام منطقة وعظ سوهاج ورئيس لجنة الفتوى، ورافقه كل من الشيخ أكرم سعد الدين علي، الموجه الأول، والشيخ عبدالرؤوف السيد هاشم، الموجه الأول، إلى جانب عدد من الوعاظ.
جاءت الزيارة في إطار حرص الأزهر الشريف على دعم المواطنين ماديًا ومعنويًا، خاصة في أوقات الشدة، حيث سعى الوفد إلى رفع الروح المعنوية لأهالي القرية الذين تأثروا نفسيًا وماديًا بسبب تلك الحرائق، كما تم تقديم المواساة للأسر المتضررة ومشاركتهم همومهم.
وأكد وفد الوعظ أن من بين أهداف الزيارة أيضًا مواجهة الشائعات والخرافات التي بدأت تنتشر بين الأهالي حول أسباب الحرائق، في ظل غياب تفسير علمي واضح لما يحدث حتى الآن، وشدد الوعاظ على ضرورة التمسك بالعقل والعلم، ورفض الاستسلام للخرافات التي قد تؤدي إلى مزيد من الفزع والبلبلة داخل المجتمع المحلي.
وخلال الزيارة، تم الاستماع إلى شهادات عدد من الأهالي، وتوثيق الوقائع على أرض الواقع، على أن يتم رفع تقرير شامل إلى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، يتضمن ما رصده الوفد من مشاهدات ومقترحات حول كيفية تقديم الدعم اللازم للقرية.
وعلى الجانب الرسمي وفي استجابة سريعة لمطالب واستغاثات عدد من أهالي قرية برخيل التابعة لمركز ومدينة البلينا بمحافظة سوهاج، وجّه اللواء دكتور عبدالفتاح سراج، محافظ سوهاج، وكلاء وزارات المديريات الخدمية المعنية بالتحرك الفوري لتقديم الدعم اللازم لأهالي القرية، وبحث احتياجاتهم، وذلك في ظل تكرار حوادث اشتعال النيران في عدد من منازل المواطنين خلال الأيام الماضية.
وشملت توجيهات المحافظ قيام مديريات التضامن الاجتماعي، التموين، والصحة بتنظيم جولات تفقدية للقرية، لمتابعة الوضع على أرض الواقع، وتقديم الدعم كل في مجاله، مع وضع خطة استجابة عاجلة لتخفيف آثار تلك الحوادث.
وكلف المحافظ رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة البلينا بالتواجد الميداني الدائم وسط أهالي القرية، والعمل على رفع كفاءة الطرق والشوارع، مع مراجعة إنارة الأعمدة داخل القرية وتحسين مستوى الخدمات الأساسية.
كما شدد "سراج" على أهمية دعم المنظومة الصحية داخل القرية، موجهًا وكيل وزارة الصحة بمراجعة الخدمات المقدمة من خلال الوحدة الصحية، وتوفير جميع المستلزمات والكوادر الطبية اللازمة لخدمة المواطنين.
وفي إطار الدعم التمويني، كلف محافظ سوهاج وكيل وزارة التموين بمتابعة المخابز والاطمئنان على جودة الخبز وتوافر السلع الأساسية، إلى جانب التنسيق لتنظيم سوق "اليوم الواحد" لبيع السلع الغذائية والاستهلاكية بأسعار مخفضة بمدينة البلينا .
وأكد اللواء دكتور عبدالفتاح سراج أنه وجه مديرية التضامن الاجتماعي بحصر شامل لكافة الخسائر والتلفيات الناتجة عن حرائق المنازل، تمهيدًا لصرف التعويضات اللازمة للأسر المتضررة في أسرع وقت ممكن.
ولضمان سرعة التدخل في حال حدوث أي طارئ، تم الدفع بسيارة إسعاف وسيارتي إطفاء لتتواجد بشكل دائم بمحيط القرية خلال الفترة الحالية، لحماية المواطنين وضمان الاستجابة الفورية لأي تطورات.
كما كلف محافظ سوهاج الجهات المختصة بالانتقال لموقع حرائق منازل وأحواش قرية برخيل وتحليل عينات الحرائق، للوقوف على أسبابها، وفق التحليلات والروئ العلمية والفنية .
كما وجه اللواء دكتور عبدالفتاح سراج بتكثيف أعمال اللجان السابق تشكيلها من الجهات المختصة للانتقال للقرية ومعاينة أسطح المنازل والأحواش وأماكن تخزين مخلفات المحاصيل الزراعية وروث الحيوانات بالمنطقة؛ للتأكد من السلامة البيئية والصحية للتخزين، والتأكد من عدم تفاعلها مع دراجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها المحافظة خلال تلك الفترة، والتي قد تكون سبب في تلك الحرائق.
كما وجه محافظ سوهاج بسرعة استكمال خطة الحماية المدنية بالقرية من حيث تغيير وصيانة أبواش الحريق، والتي تم البدء في تنفيذها منذ 10 أيام.
