المنشطات والتزوير.. ندبات في مشوار رمضان صبحي ظهرت بعد مغادرة الأهلي (تفاصيل)

لم تكن تلك الرحلة من إسطنبول إلى القاهرة مجرد عودة عادية للاعب رمضان صبحي، نجم نادي بيراميدز ومنتخب مصر، بل كانت بداية لقصة مثيرة اختلطت فيها الرياضة بالتزوير، والطموح بالفضيحة، وانتهت بوضع لاعب شهير في مواجهة مباشرة مع القانون.
في الساعات الأولى من فجر اليوم الثلاثاء، هبطت طائرة خاصة قادمة من تركيا في مطار القاهرة الدولي، على متنها، رمضان صبحي، عائد من معسكر تدريبي مع فريقه نادي بيراميدز، وبجواره صهره وزميله شريف إكرامي، لم يكن يتوقع أن خطوته الأولى على أرض الوطن ستأخذه إلى وجهة مختلفة تمامًا عن منزله أو ملعبه، وجهة تبدأ بأصفاد وتنتهي في قسم الترحيلات.
ضبط رمضان صبحي فور وصوله
داخل صالة الوصول، وقفت قوة أمنية تابعة للإدارة العامة لشرطة المطار، تنتظر شخصًا بعينه، لم يكن هناك عنف أو جلبة، فقط تحركات محسوبة ووجوه صارمة، وأوامر دقيقة، وفور تعرفهم عليه، أُبلغ نجم بيراميدز بوجود قرار ضبط وإحضار صادر من نيابة أبو النمرس في محافظة الجيزة، في قضية جنحة تزوير منظورة منذ أسابيع.

في لحظة واحدة، تحوّلت الأضواء من عدسات الكاميرا في الملاعب إلى كاميرات المراقبة الأمنية، وتحوّل اللاعب من “نجم على البساط الأخضر” إلى متهم قيد التحقيق.
قصة التزوير وامتحان لم يحضره
تعود جذور القضية إلى معهد خاص للسياحة والفنادق في منطقة أبو النمرس، هناك، وفي إحدى لجان الامتحانات، دخل شخص مجهول الهوية مدّعيًا أنه رمضان صبحي، جلس في المقعد المخصص، أمسك القلم، وبدأ الإجابة.
لكن لم تمضِ الأمور كما خُطط لها، كاميرات المراقبة داخل المعهد التقطت صورًا واضحة للشخص المنتحل، وكانت ملامحه تختلف عن ملامح اللاعب المعروف، ما أثار شكوك الإدارة التعليمية، ودفعها لإبلاغ النيابة العامة.
سرعان ما كشفت التحقيقات أن الشخص الذي جلس في لجنة الامتحان ليس هو رمضان صبحي، بل منتحل شخصية، وأن هناك شبكة صغيرة ربما شاركت في التغطية على تلك الواقعة.
الخيط الأخطر: كافيه في المقطم وصاحب له دور غامض

لكن القصة لم تنتهِ عند هذا الحد، التحقيقات التي تُجريها نيابة جنوب الجيزة أماطت اللثام عن اسم جديد دخل على خط التزوير: صاحب كافيه شهير في المقطم، يُشتبه في أنه نسق مع المنتحل وسهّل دخوله إلى لجنة الامتحان.
هل كان مجرد وسيط؟ هل كانت هناك مكافأة؟ وما علاقته الحقيقية باللاعب؟ كلها أسئلة ما تزال قيد التحقيق، وقد تحمل الأيام القادمة إجابات حاسمة.
من المطار إلى الترحيلات
بمجرد تنفيذ قرار الضبط، سلّمت سلطات مطار القاهرة اللاعب رمضان صبحي إلى مأمورية أمنية تابعة لمديرية أمن الجيزة، والتي اصطحبته إلى قسم الترحيلات، وهناك، بدأ فصل جديد من القصة: التحقيق الرسمي.
ومن المنتظر أن يتم عرض اللاعب على النيابة المختصة خلال الساعات المقبلة، لسؤاله عن مدى معرفته بما حدث، وهل كان طرفًا مباشرًا في التزوير، أم مجرد اسم تم استغلاله دون علمه؟
صمت بيراميدز.. وتحرك قانوني سريع
فور انتشار الخبر، ساد الارتباك داخل أروقة نادي بيراميدز، إدارة النادي لم تصدر بيانًا رسميًا، لكنها سارعت بالتواصل مع محامي اللاعب، هاني زهران، في محاولة لفهم أبعاد الموقف القانوني والتدخل الفوري لتقديم الدعم.
يعيش النادي لحظة حرجة، فالقضية لا تمس سمعة لاعب فقط، بل تهدد صورة المؤسسة الرياضية بأكملها، خصوصًا في ظل توقيت حرج قبل بداية الموسم الجديد.

هل تُنقذ التحقيقات ما تبقى من صورة رمضان صبحي؟
الكرة الآن في ملعب العدالة، النيابة ستُواجه اللاعب بالاتهامات، بالبصمات، بالصورة، وبأقوال الشهود، ومن خلال أقواله ودفاعه، سيتحدد المصير: هل كان يعلم وشارك؟ أم خُدع من آخرين وجرى استخدام اسمه؟ وهل يتم حبسه احتياطيًا أم يُخلى سبيله بضمان؟
كل هذه السيناريوهات مفتوحة، وكلها ترسم ملامح لحظة قد تكون الأهم في مسيرة نجم كان يومًا “أمل الكرة المصرية”.
أزمة رمضان صبحي مع المنشطات
وفي خضم مكافحة رمضان صبحي مع بيراميدز للغور بأي بطولة، باغتته عاصفة غير متوقعة كادت أن تعصف بكل شيء، أزمة المنشطات التي تفجّرت مطلع عام 2024 لم تكن مجرد إشاعة عابرة، بل تحوّلت إلى قضية جدلية تصدرت المشهد الكروي المصري لأسابيع طويلة.
القصة بدأت عندما تلقى نادي بيراميدز إخطارًا رسميًا من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) يُفيد بأن نتيجة العينة A الخاصة برمضان صبحي، التي تم أخذها عقب مباراة الفريق أمام الجيش الملكي المغربي في بطولة الكونفدرالية، جاءت إيجابية لمادة محظورة، ورغم أن المادة لم تكن مصنفة ضمن المنشطات القوية، إلا أن وجودها أطلق إنذارًا في الوسط الرياضي.
الضجة الإعلامية انفجرت، وتحوّل رمضان من نجم يحتفل بانتصاراته إلى لاعب مطالب بالدفاع عن اسمه وتاريخه.
العينة B تنقذ رمضان.. مؤقتًا
اللاعب سارع إلى طلب فتح العينة B، مؤكدًا التزامه الكامل بالقوانين الطبية والرياضية، وداعمًا موقفه بسجل طبي خالٍ من أي سوابق، وبعد مراجعة العينة الثانية، تبين وجود مستويات ضئيلة من نفس المادة، ما أتاح للجنة الطبية بالكاف إعادة تقييم الوضع.
وخلصت اللجنة، بعد جلسة استماع موسعة، إلى أن المادة قد تكون ناتجة عن مكمّلات غذائية أو علاج موضعي حصل عليه اللاعب دون قصد التمويه أو الإخفاء، ومن ثم أوصت بعدم توقيع عقوبة إيقاف طويلة، واكتفت بتحذير رسمي وتغريم النادي بسبب الإهمال الطبي.
بيراميدز يدافع
نادي بيراميدز وقف بقوة خلف لاعبه، وصرّح مسؤولو الجهاز الطبي أن ما حدث يعود إلى "سوء تفاهم في قراءة تركيبة مكمل غذائي مستورد"، تم تناوله دون استشارة اللجنة الطبية بشكل مباشر، وفي المقابل، انقسمت الجماهير بين من اعتبر أن رمضان صبحي كان ضحية للتسرّع، ومن رأى أن الاحترافية تقتضي الحذر المطلق في هذه الأمور الحساسة.
الندبة باقية
رغم أن الأزمة انتهت دون إيقاف رسمي أو شطب، فإنها تركت أثرًا في مسيرة اللاعب، خصوصًا من حيث الثقة الجماهيرية والإعلامية، ومع ذلك، أعاد رمضان صبحي ترتيب أوراقه سريعًا، ونجح في الرد العملي على أرض الملعب من خلال مساهمته في الفوز بكأس مصر، ثم التتويج بدوري أبطال أفريقيا لاحقًا، ليحاول أن يُعيد صياغة صورته لا كمجرد لاعب موهوب، بل كمحارب تجاوز أصعب المحطات.

من “نجم بلا ألقاب” إلى “صانع المجد”
بالعودة إلى صيف 2020 عندما قرر رمضان صبحي أن يترك النادي الأهلي، ويتجه نحو تجربة جديدة مع نادي بيراميدز، كان القرار مفاجئًا وصادمًا لجماهير القلعة الحمراء، كثيرون وصفوا الخطوة حينها بـ “الرهان الخاسر”، خاصة أن بيراميدز كان ناديًا يبحث عن ذاته وسط الكبار، ولم يحصد أي لقب منذ تأسيسه.
ورغم أن رمضان دخل التشكيل الأساسي سريعًا وأصبح من أعمدة الفريق الهجومية، إلا أن المواسم الأولى حملت كثيرًا من الضغوط وقليلًا من المجد، لعب وتألق، صنع وسجّل، لكن النتيجة النهائية كانت دومًا واحدة: “لا بطولات”.
سنوات من الانتظار والشكوك
طوال ثلاثة مواسم متتالية، بدا أن رمضان صبحي يواجه لعنة غريبة؛ يقدّم مستويات جيدة، لكنه لا يقترب من أي منصّة تتويج، حتى لقب كأس الكونفدرالية الذي كان قريبًا من الفريق، فلت من بين يديه في اللحظات الأخيرة، وبدأت الانتقادات تلاحقه، ليس بسبب الأداء، بل بسبب اختياره: لماذا ترك نادٍ يتنفس البطولات، لينضم إلى مشروع غير مكتمل؟
موسم 2023/2024: الانفراجة تبدأ
لكن كرة القدم لا تعرف الثبات، ففي موسم 2023/2024، بدأ المشهد يتغيّر، حين نجح بيراميدز في تحقيق أول ألقابه على الإطلاق بحصد كأس مصر بعد فوز مثير على الزمالك بركلات الترجيح، ورغم أن رمضان لم يسجل في النهائي، فإن إسهاماته طوال مشوار البطولة كانت حاسمة، وكان أحد أكثر اللاعبين استقرارًا في الأداء.
هذه اللحظة كانت بداية التحوّل، ليس فقط للنادي، بل لرمضان صبحي شخصيًا، الذي استعاد شيئًا من هيبته كنجم قادر على قيادة فريقه لمنصة التتويج.
2025.. التتويج الأكبر في القارة
ثم جاءت اللحظة التي انتظرها الجميع: دوري أبطال أفريقيا 2025، البطولة التي لطالما كانت حكرًا على الأهلي والزمالك، دخلها بيراميدز هذا الموسم بثقة جديدة، وقائمة مليئة بالتجربة والطموح، وعلى مدار مراحل البطولة، تألق رمضان في أكثر من مواجهة حاسمة، وسجّل وصنع، وقدم أداءً ناضجًا فنيًا وذهنيًا.
وفي نهائي البطولة أمام ماميلودي صن داونز، شارك رمضان كأساسي في مباراة الإياب التي أقيمت في القاهرة، ولعب دورًا تكتيكيًا كبيرًا في تضييق المساحات على دفاعات الفريق الجنوب إفريقي، ومع إطلاق صافرة النهاية، كان رمضان أخيرًا يحمل الكأس الأغلى في القارة بين يديه، لتتحول صورته من “لاعب فقد بوصلته” إلى “نجم قاد ناديًا إلى المجد”.
الأرقام تدعم الحكاية
خلال مشواره مع بيراميدز حتى لحظة التتويج الإفريقي، خاض رمضان أكثر من 116 مباراة رسمية، سجل خلالها 30 هدفًا وصنع 21 تمريرة حاسمة، منها أكثر من 5 مساهمات مباشرة في دوري الأبطال 2024/2025 وحدها.