عدو إسرائيل والداعي إلى التغيير..
من محكمة العدل إلى رئاسة وزراء لبنان.. من هو نواف سلام؟

أعلنت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية اللبنانية أن الرئيس جوزيف عون أجرى الاستشارات النيابية الملزمة، وبعد التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، تم تسمية القاضي نواف سلام رسميًا ليصبح رئيس وزراء لبنان الثالث والخمسين.
وقد طرح اسم سلام - 71 عاما - لرئاسة الحكومة لبنان أكثر من مرة، المرة الأولى كانت بعد استقالة سعد الحريري على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت في لبنان بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية عام 2019، غير أن حزب الله وحركة أمل عرقلا تقدمه في مسار الترشيحات باعتبار أنه "مرشح الولايات المتحدة"، وأدى ذلك إلى اختيار حسان دياب لرئاسة الحكومة اللبنانية.
وعاد اسم سلام مجددا بعد استقالة حكومة دياب على خلفية انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2019، لكن التوافق بين معظم الكتل النيابية، رجح كفة مصطفى أديب الذي حصل حينها على 90 صوتا، قبل أن يعتذر عن تشكيل الحكومة بسبب "اصطدام مشاوراته لتشكيل الحكومة بحائط مسدود".
وبعد فوزه بمنصب رئيس وزراء لبنان، يدخل نواف سلام مرحلة جديدة في مسيرته السياسية وسط أزمات اقتصادية خانقة وأزمات سياسية مزمنة. ويترقب اللبنانيون الإصلاحات التي قد يجلبها القاضي الدولي.
يعتبر نواف سلام، رئيس محكمة العدل الدولية والسفير اللبناني الأسبق لدى الأمم المتحدة، إحدى الشخصيات البارزة في مجال القانون الدولي، وكذلك رمزا للإصلاح في نظر العديد من اللبنانيين. ينطوي مساره المهني على مزيج فريد من الخبرة التقنية الرفيعة والتمثيل الدولي، مما جعله يتقلد منصب رئيس وزراء لبنان في مرحلة دقيقة من تاريخ البلاد.
إدانة إسرائيل 210 مرات
وفقًا لتقرير صادر عن منظمة مراقبة الأمم المتحدة، صوت سلام خلال فترة عمله كسفير للبنان لدى الأمم المتحدة لإدانة إسرائيل 210 مرات. ووفقا للتقرير نفسه، صوّت سلام أيضا ضد قرارات الأمم المتحدة التي تدين الجرائم التي ارتكبتها إيران ولبنان وكوبا وسوريا. في عام 2008، ألقى سلام خطابا اتهم فيه "المنظمات اليهودية الإرهابية" بارتكاب "مجازر منظمة". في عام 2015، وصف إسرائيل بأنها "انتصار للاختيارات العنصرية والاستعمارية الصارخة" . في يونيو 2015، غرد "احتلال إسرائيل لغزة والضفة الغربية: عيد ميلاد غير سعيد لك - 48 عامًا من الاحتلال".وبعد أشهر، ذكرت صحيفة "جويش نيوز سينديكيت" أنه كتب: "يجب على إسرائيل وقف العنف وإنهاء الاحتلال" و"تصوير منتقدي السياسة الإسرائيلية على أنهم معادون للسامية هو محاولة لتخويفهم وتشويه سمعتهم، وهو ما نرفضه".
نشأته وتاريخ عائلته السياسية
ولد نواف سلام في 15 ديسمبر 1953 في بيروت، في عائلة سياسية بارزة، كان والده، عبدالله سلام، أحد مؤسسي شركة طيران الشرق الأوسط، التي تُعتبر شركة الطيران الوطنية اللبنانية، وعضوًا في مجلس إدارتها من 1956 إلى 1983.
أما جده، سليم علي سلام، فقد شغل منصب رئيس بلدية بيروت وكان عضوًا في مجلس "المبعوثان" العثماني في إسطنبول، وهو من مؤسسي "الحركة الإصلاحية في بيروت" التي قاومت السياسة التركية في الشرق. وعمه هو صائب سلام الذي ترأس الحكومة اللبنانية أربع مرات بين 1952 و1973، بينما تولى ابن عمه، تمام سلام، رئاسة الحكومة بين 2014 و2016.
المرحلة الأكاديمية
بدأ نواف سلام مسيرته المهنية في مجال القانون عام 1984، حيث عمل محاميًا بالاستئناف وانضم إلى نقابة المحامين في بيروت. خلال هذه الفترة، قدم استشارات قانونية للعديد من الهيئات الدولية والمحلية. كما عمل في بوسطن بين عامي 1989 و1992 كممثل قانوني لعدد من المؤسسات الدولية. بعد عودته إلى بيروت عام 1992، عمل محاميًا في مكتب تكلا للمحاماة وفي الوقت ذاته، بدأ تدريس القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية في بيروت
وخلال مسيرته، كان سلام عضوًا في المكتب التنفيذي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان بين 1999 و2002، حيث قدم توصيات هامة في القضايا الاقتصادية والاجتماعية.
كما عينته الحكومة اللبنانية في 2005 عضوًا ومقرّرا في الهيئة الوطنية لإصلاح قانون الانتخابات، حيث أسهم في صياغة مشروع قانون انتخابي جديد بعد انسحاب القوات السورية من لبنان، بحسب صحيفة النهار اللبنانية.
رئيس محكمة العدل بلاهاي
وانتُخب نواف سلام رئيسًا لمحكمة العدل الدولية في لاهاي في فبراير 2024 لمدة ثلاث سنوات بعد انتهاء ولاية الرئيسة الأمريكية القاضية جون دونوجيو، ليصبح ثاني عربي يترأس هذه المحكمة منذ إنشائها عام 1945.
وساهم نواف سلام بشكل بارز في محكمة العدل الدولية، وكانت إحدى أبرز محطاته مشاركته في النقاشات حول شرعية الأفعال الإسرائيلية في فلسطين، حيث تبنى سلام موقفًا حازمًا ضد الاحتلال الإسرائيلي، ودافع عن المبادئ الأساسية للقانون الدولي في القضايا المتعلقة بالمستوطنات غير القانونية وانتهاكات حقوق الفلسطينيين.