هل تخفض الحكومة أسعار البنزين في أكتوبر؟ثلاثة سيناريوهات لقرار أكتوبر

مع تراجع أسعار خام برنت إلى نحو 68 دولارًا للبرميل في يونيو 2025، يواجه ملف تسعير البنزين والسولار في مصر تحديًا معقدًا، وفقًا لتحليل الباحث الاقتصادي ومحلل أسواق المال محمود جمال سعيد.
فرغم الانخفاض النسبي في أسعار النفط عالميًا، فإن القرار المحلي بشأن الوقود لا يزال محكومًا بمعادلات أكثر تعقيدًا، تتقاطع فيها حسابات الاقتصاد الكلي، وضغوط الموازنة، وتوجهات الحكومة نحو الإصلاح، فضلًا عن الاعتبارات الاجتماعية.
إصلاحات وسط ضغوط
التضخم السنوي تراجع إلى 10.5% بنهاية يونيو، لكن ذلك لا يعني أن الضغوط الاقتصادية قد هدأت، فالدين العام لا يزال عند مستويات قياسية، فيما تعتمد الحكومة على إيرادات الوقود لتأمين ما بين 20 إلى 25% من إيراداتها الضريبية.
في أبريل الماضي، قررت لجنة التسعير التلقائي رفع أسعار الوقود بنسب تراوحت بين 11.76% و14.81%، ليصل سعر لتر بنزين 95 إلى 19 جنيهًا، وبنزين 92 إلى 17.25 جنيهًا، وبنزين 80 إلى 15.75 جنيهًا، والسولار إلى 15.5 جنيهًا، فيما ارتفع سعر أسطوانة البوتاجاز إلى 200 جنيه.
ما الذي يعيق خفض الأسعار رغم تراجع النفط؟
يوضح جمال في تصريح خاص لنيوز رووم ، أن تكلفة استيراد الوقود ما زالت مرتفعة بفعل تقلبات سعر الصرف، مما يحد من قدرة الحكومة على تمرير وفورات النفط العالمي إلى المستهلك المحلي. ويضيف أن خفض الأسعار بواقع جنيه واحد فقط قد يؤدي لخسائر ربع سنوية تتراوح بين 8 و10 مليارات جنيه، بما يهدد أهداف خفض العجز إلى 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي.
ثلاثة سيناريوهات لقرار أكتوبر
يرجح الباحث أن قرار لجنة التسعير في أكتوبر 2025 سيأخذ أحد هذه السيناريوهات:
1. تعديل جزئي (مرجح بنسبة 70-75%):
إجراء تخفيض طفيف يتراوح بين 0.25 و0.5 جنيه في أسعار البنزين، مع تثبيت السولار، لتجنب ضغوط اجتماعية وتخفيف الأعباء جزئيًا دون المساس بالاستقرار المالي.
2. تطبيق كامل لآلية التسعير (مرجح بنسبة 20-25%):
خفض الأسعار بنسب أكبر، في حال استمرار تراجع النفط واستقرار سعر الصرف، لكنه خيار محفوف بالمخاطر نظرًا لاحتمال فقدان إيرادات تتراوح بين 1.2 إلى 1.5 مليار دولار.
3. تجميد كامل (مرجح بنسبة 5-10%):
تجميد الأسعار في حال تصاعد التضخم أو حدوث اضطرابات، ما قد يوفر إيرادات ضريبية غير مباشرة بقيمة تصل إلى 20 مليار جنيه، لكنه يقوض مصداقية آلية التسعير.
الوقود أداة استراتيجية
يؤكد محمود جمال أن الوقود لم يعد مجرد سلعة خاضعة لقوى السوق، بل أداة تستخدمها الدولة بعناية لتحقيق التوازن بين التزامات الإصلاح الاقتصادي وحماية الاستقرار الاجتماعي. ويضيف أن قرار أكتوبر 2025 سيكون مرآة دقيقة للواقع الاقتصادي، حيث تحاول الحكومة استخدام انخفاض النفط لمناورة محسوبة، لا لتنازل مالي.
مؤكدا ان أي خفض محتمل سيكون محدودًا، لأن تكلفة الخفض تتجاوز في تأثيرها مجرد أرقام الموازنة، وتمتد إلى ثقة المؤسسات الدولية، واستدامة برنامج الإصلاح، واستقرار السوق المحلي.