فوضى رونالدو تجتاح النمسا: تهديد بالشرطة و"تغيير جذري" في معسكر النصر

تفاقمت الأوضاع بشكل غير مسبوق في مدينة سالفيلدن النمساوية، التي تستضيف حاليًا معسكر الإعداد الخاص بنادي النصر السعودي، وذلك بسبب الهوس الجماهيري الكبير بالنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو.
ما بدأ كحماس طبيعي من قبل المعجبين، سرعان ما تحول إلى فوضى عارمة تجاوزت كل الحدود، لدرجة دفعت "الدون" شخصيًا إلى التهديد بالاتصال بالشرطة، في مشهد يعكس مدى الضغوط التي يتعرض لها الفريق بسبب شعبية نجمه الأول.
ووفقًا لما كشفت عنه صحيفة "كرونه" النمساوية، فإن الأمور في محيط الفندق الذي يقيم فيه النصر قد خرجت عن السيطرة تمامًا. فالمئات من الجماهير المتعطشة لفرصة رؤية رونالدو تتوافد يوميًا، محاصرةً مداخل ومخارج الفندق، بهدف الحصول على توقيع، التقاط صورة، أو حتى مجرد لمحة خاطفة لصاحب القميص رقم 7. هذا الهوس بلغ ذروته لدرجة أن معظم نزلاء المنتجع، الذي يُدعى "براندلهوف" ويستضيف البعثة النصراوية، أصبحوا يرتدون قمصان رونالدو، في محاولة يائسة لجذب انتباه النجم البرتغالي.
لم تقتصر الفوضى على محيط الفندق فحسب، بل امتدت لتُعطل حركة الفريق نفسه. فلحظات وصول ومغادرة بعثة النصر إلى التدريبات تتحول يوميًا إلى فوضى حقيقية، وسط تدافع وتزاحم من قبل حشود الجماهير. وفي حادثة مثيرة للقلق وقعت يوم السبت الماضي، اضطر نجم الفريق ساديو ماني، وهو يقود سيارة مرسيدس سوداء، إلى التوقف بشكل مفاجئ وخطير. جاء ذلك بعدما اندفع المشجعون بشكل جماعي نحو الطريق المؤدي إلى ملعب التدريب، في مشهد كاد أن يتحول إلى كارثة حقيقية، خاصة بعد انزلاق بعضهم على الأرض بسبب الأمطار الغزيرة التي كانت تتساقط، مما يبرز حجم المخاطرة التي يتعرض لها اللاعبون والجماهير على حد سواء.
لكن الحادث الأبرز والأكثر إثارة للقلق كان ذلك الذي وقع داخل الفندق نفسه، حين تسلل عدد من الأطفال، الذين كانوا قد حجزوا غرفًا مع عائلاتهم في الفندق خصيصًا بهدف رؤية رونالدو، إلى الطابق الذي يضم جناحه الخاص. هذا التسلل الخطير وصل إلى حد طرق هؤلاء الأطفال لباب غرفة النجم البرتغالي مباشرةً. وبعد دقائق من الطرق المتواصل، فتح رونالدو الباب بنفسه، لكنه لم يكن في حالة تسمح بالترحيب. بل خرج غاضبًا وهدد بصوت عالٍ بالاتصال بالشرطة، في تعبير واضح عن مدى استيائه من هذا الاختراق لخصوصيته.
وفي تعليق على هذه الواقعة، قال أحد أفراد الأمن العاملين في الفندق لصحيفة "كرونه": "لم نكن مستعدين بشكل كافٍ عندما صعد الأطفال إلى الأعلى"، مما يُشير إلى وجود ثغرات أمنية سمحت بهذا التسلل. وفي المقابل، عبر بعض الأهالي عن خيبة أملهم الشديدة، حيث قال أحدهم: "أنفقنا آلاف اليوروهات هنا (في الإقامة بالفندق)، ومن غير المقبول أننا لا نحظى بصورة أو توقيع واحد" من النجم الذي أتوا من أجله، وهو ما يعكس التوقعات العالية التي كانت لديهم قبل الوصول.
ومع ذلك، لم يكن الجميع سيء الحظ. فقد تمكن أقارب المنظمين للمعسكر من لقاء اللاعب المتوج بخمس كرات ذهبية والحصول على فرصة للتفاعل معه. كما كان بعض المشجعين الآخرين محظوظين بالحصول على توقيع من رونالدو في ممرات الفندق، في لحظات نادرة من الهدوء النسبي.
وشهد مساء الأحد الماضي لحظة انفراجة غير متوقعة، حيث قرر رونالدو الخروج إلى الخارج ووقّع العديد من الأوتوغرافات للجماهير. تنوعت طلبات التوقيع بين كرات القدم والقمصان ولوحات السيارات، وحتى قطعًا من الملابس الداخلية، في دلالة على مدى هوس المعجبين. ووصل الأمر ببعض المعجبين إلى حد عدم تصديق الموقف، حيث انهمرت دموعهم فرحًا بحصولهم على توقيع من نجمهم المفضل. من جهتهم، بذل موظفو الفندق ورجال الأمن جهدًا كبيرًا حتى ساعة متأخرة من الليل للسيطرة على الموافقة في هذا المنتجع الذي يُوصف عادةً بـ"الهادئ".
وفي تصريح لصحيفة "كرونه"، أعرب ألكسندر ستروبل، مالك الفندق، عن امتعاضه من الأوضاع الحالية، قائلًا: "إذا عادوا العام المقبل، سيتعين علينا تغيير كل شيء من جذوره". ولم يتردد ستروبل في انتقاد تصرفات نادي النصر وبعض مشجعي رونالدو المتحمسين، موضحًا: "كثيرون يعتقدون أنه لمجرد أنهم حجزوا في الفندق، يحق لهم الحصول على صورة أو توقيع. لكن الأمر ليس كذلك. النادي كان بإمكانه حجز جناح خاص، لكنه لم يرغب بذلك"، وهو ما يُلقي ببعض اللوم على إدارة النصر لعدم اتخاذها إجراءات استثنائية لتأمين إقامة نجمها الأول.
وفي خضم هذه الفوضى، تعرض الفندق في مساء نفس اليوم لحادث غير متوقع، حيث استدعي الدفاع المدني إثر إنذار حريق غير مقصود. لحسن الحظ، تمكن رجال الإطفاء من التعامل مع الوضع بسرعة والسيطرة عليه دون وقوع أي أضرار.
ومن المقرر أن تستمر إقامة نادي النصر في النمسا حتى الرابع من أغسطس، قبل أن يتوجه الفريق إلى البرتغال لاستكمال برنامجه الإعدادي. ومع ذلك، لا يُستبعد أن يغادر رونالدو المعسكر مبكرًا بسبب الفوضى الجماهيرية المتزايدة والمستمرة، خاصة مع استعداد الفريق لخوض مباراتين وديتين هامتين يومي الأربعاء والسبت، تتطلبان تركيزًا كبيرًا بعيدًا عن أي تشتيت. هذه الأزمة تُسلط الضوء على التحديات غير المتوقعة التي تواجه الأندية الكبرى عند ضم نجوم عالميين بحجم كريستيانو رونالدو، وكيف يمكن أن تتحول الشعبية الجارفة إلى عبء إداري وأمني يتطلب حلولًا جذرية.