عاجل

خالد الجندي: قاعدة "الضرر يُزال" تمثل جوهر الشريعة ودستورًا لحياة متوازنة

خالد الجندي
خالد الجندي

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن من أعظم القواعد الفقهية التي أرساها الإسلام والتي نحتاج إلى تفعيلها اليوم في كل تفاصيل حياتنا هي قاعدة "الضرر يُزال"، موضحًا أن مضمون هذه القاعدة يقوم على إزالة كل أذى أو تعدٍّ، بل والسعي لمنعه قبل أن يقع، لتحقيق بيئة اجتماعية سليمة تقوم على الاحترام المتبادل وحماية الحقوق.

وأشار خالد الجندي، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة DMC، إلى أن الشريعة الإسلامية ترفض تمامًا أي ضرر يقع على الإنسان سواء من قِبل الآخرين أو حتى من نفسه على نفسه، قائًلا: "هذه القاعدة دعوة لحياة متوازنة وآمنة، لا يؤذى فيها الجار، ولا يُنتهك فيها العرض، ولا تُهدر فيها الكرامة، ولا تُغتصب فيها الحقوق".

صور الحياة اليومية 

وسلط خالد الجندي الضوء على عدد من الممارسات المنتشرة في المجتمع، والتي تتعارض مع هذه القاعدة الشرعية، مشيرًا إلى أن رفع الصوت في المنازل، أو إقامة الصوانات والأفراح في الطرق العامة، أو تشغيل ورش صناعية في مناطق سكنية دون اعتبار للساكنين، تمثل صورًا واقعية من الضرر الذي يجب منعه.

وأضاف خالد الجندي أن مظاهر الغش التجاري، أو التلاعب في الأسعار، أو تقديم الرشوة، جميعها تدخل ضمن الأذى المحرم شرعًا، ويجب أن يُواجَه بتطبيق القاعدة الفقهية بشكل عملي، لأن غياب هذه القاعدة من التطبيق يُنتج الفوضى والظلم والتعدي على حريات الآخرين وحقوقهم.

خطرًا عن الإضرار بالغير

ولفت خالد الجندي إلى أن القاعدة لا تتعلق فقط بحماية الغير من الأذى، بل تشمل أيضًا منع الإضرار بالنفس، موضحًا أن الإقدام على التدخين، أو تعاطي المخدرات، أو تعريض الجسد للإيذاء بأي شكل كان، يعد نوعًا من الضرر الذاتي المحرم. وشدد على أن حماية النفس مقصد رئيسي من مقاصد الشريعة الإسلامية، التي جاءت لحفظ النفس والبدن والصحة.

وقال خالد الجندي: "من المؤسف أن كثيرًا من الناس لا يدركون أن الإضرار بالنفس، سواء جسديًا أو نفسيًا، يدخل في نطاق المخالفة الشرعية، ويستوجب التوبة والإصلاح".

أدلة قرآنية ونبوية 

واستدل خالد الجندي بعدد من الآيات القرآنية التي تدعم هذه القاعدة، مؤكدًا أن نصوص الشريعة واضحة في هذا الباب، ومنها قوله تعالى: "ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا" (البقرة: 231)، و*"ولا تضرهن لتضيقوا عليهن"* (الطلاق: 6)، وأيضًا: "لا تُضار والدة بولدها ولا مولود له بولده" (البقرة: 233).

كما أشار خالد الجندي إلى الحديث النبوي الشريف: "لا ضرر ولا ضرار"، موضحًا أنه حديث صحيح الإسناد، ويُعد أصلًا من أصول التشريع الإسلامي في منع الأذى ورفع الظلم، مؤكدًا أن هذه القاعدة تشكل "دستورًا أخلاقيًا وتشريعيًا" إذا طُبقت لأمكننا أن نعيش في مجتمع أكثر استقرارًا وعدلًا.

خالد الجندي 
خالد الجندي 

 دعوة لتجسيد الشريعة 

وختم خالد الجندي، حديثه بدعوة صادقة إلى المسلمين لتطبيق قاعدة "الضرر يُزال" ليس فقط في المعاملات الكبرى، بل في كل تفاصيل الحياة اليومية، من احترام الجار، والهدوء في المسكن، والنزاهة في البيع والشراء، والحفاظ على الصحة العامة، قائًلا: "الشريعة ليست فقط عبادات، بل منظومة أخلاقية وتشريعية كاملة تهدف لصيانة المجتمع من كل ما يؤذيه".

تم نسخ الرابط