"موزار العرب".. مطالبات لبنانية بإعلان الحداد الرسمي على رحيل زياد الرحباني

تصاعدت المطالبات من عدد كبير من الفنانين والمبدعين في لبنان بإعلان يوم حداد رسمي على روح الفنان الراحل زياد الرحباني، الذي غيّبه الموت قبل يومين عن عمر ناهز 69 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا استثنائيًا يمتد عبر المسرح والموسيقى والسياسة والفكر.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملة واسعة من الشخصيات الفنية والمثقفة، تدعو الحكومة اللبنانية إلى التعامل مع رحيل زياد الرحباني بما يليق بمكانته كرمز ثقافي لبناني وعربي، لا يقل عن رموز السياسة والدين الذين يُعلن الحداد الرسمي على وفاتهم عادة.
وكانت الفنانة حنان حاج علي من أبرز الأصوات المطالبة، حيث نشرت عبر حسابها على "فيسبوك" صورًا ومقاطع فيديو من جنازة الرحباني، وكتبت في منشورها:"في تشييع موزار لبنان والشرق الأوسط، الشعار الأوحد الذي رددته آلاف الحناجر في بيروت كان زياد زياد زياد... لم ينجح أحد، لا تلفزيون ولا حزب ولا مسؤول، في احتكاره رغم المحاولات الخجولة.. ربما لم يحاولوا أصلًا، لأن زياد، في الجوهر، من حزب اجتمع فيه كل الكافرين بكل شيء إلا الفن والكرامة."
وأضافت، منتقدة غياب القرار الرسمي بإعلان الحداد:"عجبي لدولة وحكومة ووزير ثقافة يغيّبون كل التقاليد والممارسات البالية عندما يتعلّق الأمر بمن يخصّهم، لكنهم لا يملكون الجرأة على كسر قاعدة الحداد المحتكر من قبل رجال السياسة والدين، الذين مللنا حتى رائحة جيفهم وهم أحياء. كيف لا تعلن الحكومة اليوم حدادًا رسميًا على زياد؟"
كما وجهت حاج علي رسالتها إلى السيدة فيروز، والدة زياد، قائلة:"بدكن تعزّوا فيروز؟ العزاء يكون بالفعل، بالمواقف، مش بالكلام. العزاء يكون بمنح ابنها جزءًا من حقه، بإعلان الحداد، لا بلاد فيها موسيقار بحجم زياد يمرّ رحيله بصمت رسمي."
جنازة زياد الرحباني
وكان موكب تشييع الموسيقار الراحل قد انطلق صباح الأحد من أمام مستشفى خوري في منطقة الحمراء ببيروت، حيث احتشد الآلاف منذ ساعات الفجر لتوديع زياد، وسط مشاهد مؤثرة تخللتها تصفيقات حارة، نثر الورود، رفع صوره، وإطلاق الزغاريد، في وداع استثنائي لا يشبه إلا صاحب المسيرة الفنية غير التقليدية.
وتستقبل عائلة الراحل العزاء اليوم الإثنين وغدًا الثلاثاء، وسط استمرار تدفّق محبّيه وزملائه إلى المكان، في محاولة لتكريم رمز أثّر في أجيال من عشاق الفن الملتزم.
وكان زياد الرحباني قد توفي مساء السبت، بعد مسيرة امتدت لأكثر من أربعة عقود، قدّم خلالها عشرات المسرحيات والأغاني والمؤلفات الموسيقية التي صنعت وعيًا جمعيًا فنيًا وثقافيًا، وصنفته بين أبرز الشخصيات المؤثرة في الفن العربي المعاصر.
ورغم الصدمة الكبيرة في الأوساط الثقافية والشعبية، فإن غياب الحداد الرسمي على رحيل فنان بحجم زياد فتح الباب واسعًا أمام نقاش عام حول كيفية تعامل الدولة اللبنانية مع رموزها الثقافية، وأهمية الاعتراف بدور الفنانين في تشكيل الذاكرة الوطنية.
ويبقى السؤال معلّقًا في الأفق اللبناني:هل يملك صناع القرار الجرأة على إعلان الحداد على فنان رفض دائمًا أن يكون جزءًا من مؤسساتهم، لكنه ظلّ أقرب إلى الناس منهم جميعًا؟