عاجل

أعمل موظفة فهل يجوز أن أصلي أمام الرجال وقت الفريضة؟ الإفتاء توضح

حكم صلاة المرأة في
حكم صلاة المرأة في المكتب بحضرة الرجال

ورد سؤال إلى دار الإفتاء من امرأة عاملة تقول فيه: "ما حكم صلاة المرأة في المكتب بحضرة الرجال من غير المحارم؟ فأنا أعمل موظفة في مكتب فيه رجال ونساء، ويدخل عليَّ وقت صلاة الفريضة فأصلي الصلاة في مكتبي في حضور الرجال؛ فهل تصح الصلاة؟ وهل يجوز لي أنْ أصليَ جالسة على الكرسي بحضرة الرجال من غير المحارم؟ وقد أخبرني بعض الزملاء أنَّ السادة المالكية أجازوا الصلاة من جلوس في هذه الحالة؟ فهل هذا صحيح؟".

وردا على هذا السؤال تقول دار الإفتاء: يجوز للمرأة أن تصلي بحضرة الرجال الأجانب، ولا إثم عليها، ولا يجوز لها تأخير الصلاة عن وقتها، ولا يجزئها الجلوس مع القدرة على القيام، وإذا صلت بحضرة الرجال الأجانب فإنها تُسِرُّ في الصلاة مطلقا، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية.

ويجدر التنبيه على أنه يتحتَّم على الجميع -رجالا ونساء- رعاية ما تنظمه الجهات الإدارية في تنظيم أماكن الصلاة وتقسيم أدائها خلال أوقاتها؛ دفعًا للإخلال بنظام العمل مع الحفاظ على حق أداء الصلاة.

حكم صلاة المرأة بحضرة الرجال

وأوضحت دار الإفتاء أن الصلاة إِنَّما تكون صحيحة إذا استوفت أركانها وشروطها، وقد حصر الفقهاء أركان الصلاة وشروطها على تفصيل بين الفقهاء في ذلك، ولم يَعُدّ أحد منهم استتار المرأة عن أعين الرجال ركنًا ولا شرطًا لصحة الصلاة. ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي". قال الإمام الزركشي في "تشنيف المسامع بجمع الجوامع": [العبادة إِنْ وَقَعَتْ مستجمعه الأركانِ والشروطِ كَانَتْ صحيحةً، وَإِلَّا ففاسدةٌ] .

 

الأدلة على جواز اجتماع الرجال والنساء للصلاة في مكان واحد

قد دلت الأدلة الشرعية على جواز اجتماع الرجال والنساء للصلاة في مكان واحد، منها:

ما ورد عن أَنس بن مالك رضي الله عنه أنه قالَ: «صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَأُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا» رواه البخاري في "صحيحه"؛ قال الكشميري في "فيض الباري على صحيح البخاري": [ويستفاد من الأحاديث: أنَّ النساء كُنَّ يحضرن الجماعات في المكتوبات والعيدين مطلقًا] .

وما ورد عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه: أَنَّه لما كانت وقعة أهل الفتح، بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم حقًّا، فقال: «صَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا». فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني؛ لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطوا عنا است قارئكم؟ فاشتروا فقطعوا لي قميصًا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص. أخرجه البخاري في "صحيحه".

وقد كانت النساء يصلين في مسجد سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ ليس بينهن وبين الرجال ساتر ولا حجاب؛ فعن أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي؛ كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".

ووجه الدلالة من الحديث أن سماع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبكاء الصبي يدل على قرب مكانه ومكان أمه، وعدم وجود حجاب يمنع صوته، أو يبعد أمه عن صفوف الرجال.

وقد كانت النساء في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله سَلَّمَ يشهدن صلاة العيد؛ فأما غير الحائض فتصلي، وأما الحائض فتشهد من غير صلاة؛ فعن أمِّ عطيَّة رضي الله عنْها: أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، أَوِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ، وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى» رواه البخاري في "صحيحه".

ومن المعلوم أن صلاة العيد كانت تؤدَّى في عهْد النَّبيِّ صلَّى الله عليْهِ وآله سلَّم في المصلَّى، وهو مكان عام خارجَ المدينة، ولكن كانت النساء تصلي خلف الرجال بعيدًا عنهم، غير مختلطين بهم، ولم يمنعهن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ من الصلاة بحضرة الرجال، ولا أمرهن بإعادة الصلاة.

جهر المرأة بالقراءة في الصلاة بحضرة الرجال

إذا تقرر جواز صلاة المرأة بحضرة الرجال فإنَّ الأولى لها أن تصلي الصلوات كلها سرًّا لا جهرًا، ولا فرق في ذلك بين الصلاة الجهرية والسرية.

قال الإمام النووي في "روضة الطالبين": [قال أصحابنا: والمرأة لا تجهر بالقراءة في موضع فيه رجال أجانب. فإن كانت خالية، أو عندها نساء، أو رجال محارم، جهرت] .

وقال الشيخ الخطيب الشربيني في "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع": [(والمرأة تخالف الرجل) حالة الصلاة (في خمسة أشياء).. (و) الثالث: أنها (تخفض صوتها) إن صلت (بحضرة الرجال)].

تم نسخ الرابط