عاجل

من الملعب إلى الشوارع ..ديربي الأندلس يشعل المدينة بلهيب الجنون

جماهير أشبيلية من
جماهير أشبيلية من ديربي الأندلس

عندما تتوقف عقارب الساعة في مدينة إشبيلية، وتُغلق المتاجر، وتفرغ الشوارع من المارة، فاعلم أن موعد ديربي الأندلس قد حان، هو أكثر من مجرد مباراة، بل انفجار للمشاعر، وصراع بين الهوية والانتماء، وعرض حي للتاريخ على عشب الملعب، هنا، لا تُلعب الكرة فقط بالأقدام، بل بالقلوب التي تنبض بلونين لا يقبلان التعايش، الأحمر والأبيض لإشبيلية، والأخضر والأبيض لبيتيس، هو ديربي لا يعرف المنطق، ولا يعترف بالتوقعات، لأن كل شيء ممكن في ليلة يتصارع فيها الكبرياء، وتتحول فيها مدينة الشمس والفلمنكو إلى ساحة حرب كروية، هذا هو ديربي الأندلس، حيث الشغف يبلغ مداه، والتاريخ يُكتب كل مرة من جديد


 يُعد “ديربي الأندلس” بين ناديي إشبيلية وريال بيتيس واحدًا من أكثر الديربيات سخونة وإثارة في الكرة الإسبانية، ليس فقط بسبب التنافس الرياضي، بل لعمق العداء التاريخي والاجتماعي والثقافي بين الناديين، والذي يعود لأكثر من قرن.


 

عداء تاريخى 


 

تأسس نادي إشبيلية عام 1890، ويُعتبر من أقدم الأندية في إسبانيا، في المقابل، نشأ ريال بيتيس عام 1907 بعد انشقاق بعض أعضاء نادي إشبيلية اعتراضًا على السياسات الإدارية والاجتماعية، خاصة بعد طرد بعض اللاعبين من الطبقة العاملة، ومنذ اللحظة الأولى، تميز بيتيس بطابعه الشعبي القريب من الجماهير ذات الخلفيات الاجتماعية المتواضعة، بينما ارتبط إشبيلية بالطبقة العليا والأكثر ثراءً.


 

هذا الانقسام الاجتماعي خلق عداءً متجذرًا بين جماهير الناديين، وظل يتغذى على مر السنين من نتائج المباريات والتصريحات المتبادلة، وحتى من الأحداث السياسية والاجتماعية التي شهدتها إسبانيا، خاصة خلال الحرب الأهلية.


 

أبرز المواجهات والنتائج


 

شهد تاريخ الديربي مئات المواجهات، ولكن هناك بعض النتائج التي ظلت راسخة في ذاكرة الجماهير، ففي موسم 1918، سحق إشبيلية غريمه بيتيس بنتيجة 22-0 في مباراة ودية مثيرة للجدل، وهي النتيجة الأكبر في تاريخ الديربي، رغم أنها لا تُحتسب ضمن اللقاءات الرسمية.


 

و في موسم 1996-1997 في الليجا، فاز ريال بيتيس بثلاثية بيضاء في معقل إشبيلية، في مباراة لا تُنسى نظرًا لهيمنة الأبيض و الأخضر المطلقة، بينما كان سيفيا يصارع للبقاء.


في 11 نوفمبر من عام 2007، فاز إشبيلية بنتيجة 3-0 في مباراة شهدت تألق البرازيلي لويس فابيانو، بينما شهدت المدرجات أعمال شغب واضطرابات أمنية.


في عام 2018، حقق ريال بيتيس انتصارًا مثيرًا بنتيجة 5-3 على ملعب رامون سانشيز بيزخوان معقل غريمه إشبيلية، في واحدة من أكثر مباريات الديربي جنونًا من حيث الأهداف والإثارة.


 

أبرز النجوم في تاريخ الناديين


 

نادي إشبيلية، خيسوس نافاس، ابن النادي وأكثر من مثّل الفريق، وفاز معه بالدوري الأوروبي عدة مرات، فريدريك عمر كانوتيه، المهاجم المالي الذي شكّل رمزًا للحقبة الذهبية في مطلع القرن الجديد، إيفان راكيتيتش، لعب دورًا بارزًا في خط وسط الفريق قبل انتقاله إلى برشلونة، و العودة مرة أخرى كقائد للفريق الأندلسي ، داني ألفيس، ظهير أيمن أسطوري كانت انطلاقته الكبرى مع إشبيلية.


 

على الجانب الآخر، نادي ريال بيتيس، هناك العديد من اللاعبين التاريخيين أمثال ، خواكين سانشيز، رمز بيتيس الحي، بدأ مسيرته مع الفريق وعاد ليقوده حتى بعد تجاوزه سن الأربعين، دانييل خيسوس، أحد أبرز الهدافين في تاريخ بيتيس خلال تسعينات القرن الماضي، رونالد ريكيليمي "دينييلسون"، أغلى صفقة في العالم عام 1998، انضم إلى بيتيس في صفقة تاريخية، لورنزو سيرا فيرير: لم يكن لاعبًا فقط، بل مدربًا قاد بيتيس لعدة نجاحات.


 

اللاعبون الذين لعبوا للفريقين


 

رغم العداء الشرس، إلا أن بعض اللاعبين ارتدوا قميص الناديين، ما جعلهم عرضة للهجوم من الجماهير، خوسيه أنطونيو رييس، أسطورة إشبيلية، لعب فترة قصيرة لبيتيس، مما أثار جدلًا واسعًا بين جماهير الناديين، خورخي لورنزو، انتقل من بيتيس إلى إشبيلية في الثمانينيات، وقوبل بانتقادات لاذعة من جماهير بيتيس.


 

ديربي يتجاوز الكرة


 

لا يعتبر ديربي الأندلس مجرد مواجهة كروية، بل هو صراع هوية وانتماء وثقافة، تنقسم مدينة إشبيلية بأكملها في هذا اليوم، حيث تتزين الشوارع، وتُغلق المقاهي لمتابعة اللقاء، ويعلو الصراخ في كل زاوية من زوايا المدينة، في هذا الديربي، لا يتعلق الأمر بالنقاط، بل بالكرامة، والفخر، والذكريات التي تبقى لعقود عديدة، ومع كل مواجهة جديدة، يُعاد إشعال نار العداء الأندلسي، في مشهد لا يخلو من الإثارة، الشغف، وأحيانًا الجنون

تم نسخ الرابط