العقل السطحي والعميق والمستنير.. رؤية إسلامية لمواجهة تحديات العصر

في ظل الانفجار الهائل في تدفق المعلومات والأفكار التي يشهدها العالم اليوم نتيجة التطور التكنولوجي والانفتاح الإعلامي، أكد الدكتور أسامة فخري الجندي، أحد علماء وزارة الأوقاف، على أهمية التحلي بـ"الانتقاء الواعي" لدى المسلم في التعامل مع هذه المعارف المتعددة، مؤكدًا ضرورة عدم المرور عليها مرور الكرام أو قبولها أو رفضها دون فحص وتدبّر.

جاء ذلك خلال لقاء الدكتور الجندي في برنامج "مع الناس" المذاع على قناة الناس اليوم الأحد، حيث استعرض مفهوم "العقل المصفى" الذي طرحه الدكتور أحمد الرخ، واصفًا إياه بأنه تعبير دقيق يُبرز أهمية التمييز بين النافع والضار، والمفيد والمضلل في مواجهة هذا الطوفان المعرفي.

أنواع العقول

وأوضح الدكتور الجندي أن العقول تختلف في طبيعتها وأشكالها، إذ صنفها إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

العقل السطحي: وهو عقل ينشغل بالظواهر والأخبار العابرة، ويتوقف عند التفاصيل السطحية مثل أخبار الزواج أو الطلاق دون التعمق في أسبابها أو نتائجها. ولفت إلى أن هذا النوع من العقل لا يساهم في إنتاج الأفكار ولا في بناء الحضارات لأنه يفتقر إلى التفكير العميق.

العقل العميق: الذي يُمعن في التأمل والتحليل، ويسعى لفهم المعاني الخفية وراء الظواهر، مشيرًا إلى أن هذا النوع من التفكير هو من يساهم في حل المشكلات التقنية والهندسية ويساهم في بناء الحضارات والإبداع.

العقل المستنير: وهو أرقى مستويات التفكير، حيث يجمع بين التحليل العميق وبين الإيمان بالله، مما يخلق توازنًا يربط بين العلم والاكتشاف والإيمان، ويؤدي إلى زيادة الإيمان والعمران في آن واحد.

التحدي الحقيقي

وشدد الدكتور الجندي على أن التحدي الحقيقي في العصر الحالي لا يكمن في كثرة الأفكار والمعلومات بحد ذاتها، بل في القدرة على التعامل معها بوعي وتمييز ما هو مفيد مما ينبغي تجاوزه، مؤكدًا أن العقول المستنيرة فقط هي التي تملك القدرة على صنع الحضارة لأنها تتأسس على التفكير العميق الممزوج بنور الإيمان.

يُذكر أن هذا الحديث يسلط الضوء على أهمية الوعي الفكري والديني في مواجهة التحديات المعرفية التي تفرضها الثورة المعلوماتية الحديثة، مؤكدًا على ضرورة تبني نهج متوازن يجمع بين العقل والإيمان لتحقيق التنمية المستدامة والحضارة المتقدمة.

📺 رابط اللقاء الكامل:
https://youtu.be/kLj4zF7YvAw?si=Xopgq2nzJQClXkPT