عاجل

شاهدًا على حقبة تاريخية قد تختفي .. زمن الحنطور يواجه الاندثار

صورة الحنطور الملكى
صورة الحنطور الملكى من أقدم ورشة بالغربية

في قلب إحدى الورش القديمة بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، حيث تفوح رائحة الخشب والدهانات، يجلس كريم عاشور، أحد أقدم صناع الحناطير، متأملاً حال المهنة التي ورثها عن أجداده .. يقول كريم:" بقالى ٢٨ سنة ومليش غيرها، من أول ما اتولد كنت بروح الورشة مع أبويا زي الملاهي بالظبط".

السبب التوكتوك والمواصلات

الورشة ليست مجرد مكان للعمل، بل هي تاريخ يمتد لعدة أجيال، حيث كان جده مسؤولًا عن صيانة عربات الملك فاروق، فيما كان والده وعمه يتولون تنفيذ طلبات الشيخ الشعراوي. ومع ذلك، فإن كريم يشعر بالحزن لأن هذا التراث يواجه خطر الاندثار، مضيفًا:" الناس دي تراث وتاريخ، لكن اللي مزعلني أن العربية بتنتهي، زمن الحنطور بينتهي، والسبب التوكتوك والمواصلات".

ويروي كريم كيف أن التغيرات الحديثة أثرت على المهنة:" النهاردة الواحد بيروح آخر اليوم بدل ما يجيب أكل للحصان، يحط للتوكتوك بنزين" .. وعلى الرغم من تراجع الإقبال، لا تزال ورشة كريم تنتج الحناطير، وقد تعامل مع عدد من الفنانين، حيث شارك في أعمال بارزة مثل مسلسل حديث الصباح والمساء مع الفنانة ليلى علوي، ومسلسل نزلة السمان للفنان أحمد السقا.

عربة الحنطور تبدأ من أربعين ألف

ويوضح كريم أن تصنيع الحنطور يستغرق شهرًا كاملًا، وتختلف تكلفته حسب الخامات المستخدمة، قائلًا:" بيبدأ بأربعين ألف، لأن فيه حناطير حديد، ودي غالية ومكلفة، وبردو التكلفة على حسب نوع الحنطور، فيه حنطور صغير، وعلى حسب الخامات، الخشب الزان غير الخشب العادي، والجلد غير المشمع".

يشير كريم إلى أن المهنة لم تكن مقتصرة على النجارين فقط، بل تشمل العديد من الحرف الأخرى، مضيفًا:" إحنا فاتحين ١١ بيوت، لأن الحنطور داخل فيه جميع المهن، وكلهم ناس كبيرة في السن، لكن مضطرين".

ويضيف إن تصنيع الحنطور يحتاج إلى مهارة خاصة، حيث يتطلب الأمر خبرة طويلة في التعامل مع الخشب وتنسيق الألوان والديكورات لتقديم منتج متكامل يجذب الزبائن. كما أن هناك أنواعًا مختلفة من الحناطير، بعضها مخصص للسياحة في المناطق الأثرية، والبعض الآخر للاستخدام اليومي في بعض القرى.

وفي ظل الركود الذي تعانيه الصناعة، يعبّر كريم عن أمنيته بأن تستعيد المهنة مجدها السابق:" نفسي الصنعة ترجع تاني زي الأول، لأن المهنة انقرضت، بقالنا سنة ونص حالنا واقف" .. ومع استمرار تطور وسائل النقل الحديثة، يبقى الحنطور شاهدًا على حقبة تاريخية قد تختفي قريبًا، لكنه لا يزال يحتفظ بمكانته في بعض المناطق السياحية التي تحاول الحفاظ على هذا التراث.

تم نسخ الرابط