عاجل

صرخات من قلب الثانوية العامة 2025.. دموع واستغاثات ووفاة طلاب

الثانوية العامة
الثانوية العامة

في مشهد يعكس حجم الألم والتخبط الذي يعيشه أولياء الأمور والطلاب بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة لعام 2025، تتوالى نداءات الاستغاثة من عدد كبير من الأسر المصرية التي عبّرت عن صدمتها الشديدة من النتائج غير المتوقعة لأبنائها، رغم سنوات من الاجتهاد والاستعداد.

ولم تكن هذه الشكاوى مجرد انتقادات تقليدية، بل جاءت مصحوبة باتهامات بالظلم، ورسائل تهديد، وحالات صدمة نفسية حادة، دفعت بعض الطلاب وأولياء الأمور إلى المطالبة بتدخل رئاسي مباشر لإنقاذ مستقبلهم، وتنوّعت الشهادات بين طلاب أكدوا تفوقهم في الأعوام السابقة، وآخرين وثّقوا تعرضهم لمواقف غريبة داخل لجان الامتحان، مثل تغيير أوراق الإجابة بسبب أخطاء في أرقام الجلوس، أو تلقي رسائل تهديد خلال فترة الامتحانات، ترافقت نتائجهم لاحقًا مع ما ورد في تلك الرسائل بدقة.

نتيجة الثانوية العامة 2025

على الجانب الآخر، عبّر أولياء الأمور عن استياءهم من منظومة تعليمية وصفوها بـ«المهترئة»، معتبرين أن أبناءهم وقعوا ضحايا لنظام غير قادر على منح كل طالب حقه، لا في التصحيح ولا في التقييم.

في المقابل، خرجت وزارة التربية والتعليم لتؤكد التزامها الكامل بالدقة والشفافية في كل مراحل الامتحانات والتصحيح، مشددة على أن التظلمات تُراجع بمنتهى الحياد وتحت إشراف مباشر من الوزير وبتوجيهات رئاسية، وأن الطالب الذي يثبت له حق في درجات إضافية سيحصل عليها فورًا، مع التأكيد على أن منظومة الامتحانات مؤمنة بشكل كامل، ولا مجال فيها للتلاعب أو الخطأ، داعية إلى عدم الانجرار خلف الشائعات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

 رسائل تهديد خلال الامتحانات

الطالبة ندى مصطفى، من محافظة الدقهلية، لم تتمالك دموعها حين تحدثت عن الظلم الذي تعرّضت له، قائلة: «أنا بناشد الرئيس السيسي، وبناشد وزير التربية والتعليم، علشان حقي ومستقبلي.. المجموع ده مش مجموعي، ولا درجاتي اللي تعبت فيها سنة كاملة».

وأكدت ندى أنها تلقت رسائل تهديد عبر «فيسبوك» خلال أيام الامتحانات، كُتب فيها صراحة: «هتشلي مواد»، وهو ما تحقق لاحقًا عندما ظهرت النتيجة، فوجدت نفسها راسبة في مواد مثل الفيزياء والأحياء.

وأوضحت أنها تمتلك صورًا موثقة للرسائل برقمها التعريفي (Serial Number) قبل حذفها من التطبيق، وكانت قد احتفظت بها كدليل قاطع على ما حدث، مشيرة إلى تكريمها من إدارة المدرسة مرارًا، واستحالة أن تكون هذه النتيجة واقعية، مضيفة: «كنت بنام ساعة أو ساعتين بس طول السنة.. وسهرت وتعبت وضحيت عشان أوصل.. وكل ده راح! محدش بيرد عليا! إحنا هنضيع كده؟ ليه؟»

ندى
ندى

واقعة غريبة حدثت داخل لجنة الامتحانات

أما الطالبة إسراء الشافعي من محافظة المنوفية، فقد عبّرت عن صدمتها هي الأخرى من نتيجة الثانوية العامة، والتي بلغت 50.5% فقط، رغم توقعاتها بالحصول على تقدير مرتفع. 

وتحدثت إسراء عن واقعة غريبة حدثت داخل لجنة الامتحانات، حين دخلت عليها إحدى المدرسات وأبلغتها بوجود خطأ في رقم الجلوس، ثم قامت بنقل إجاباتها إلى ورقة أخرى، مضيفة: «يعني إزاي مدرسة تفتدي ورقتي وتنقل إجاباتي في ورقة تانية بحجة إن في خطأ في رقم الجلوس؟! هل ده إجراء طبيعي؟!»

وأضافت: «أنا طالبة تعبت سنة كاملة، وده مش مجهودي ولا مستوايا، أنا عاوزة حقي، وعاوزة أعرف إجاباتي راحت فين؟ ومين يضمن إن الورقة دي فعلاً بتاعتي؟»

النتيجة دي مش بتاعت بنتي

من القاهرة، عبّرت السيدة مروة، ولية أمر الطالبة جنة محمد بدوي، عن استيائها الشديد من نتيجة ابنتها التي كانت تُعرف بالتفوق طوال المرحلة الثانوية، قائلة: «أنا ولية أمر ومحاضرة دراسات عليا، وعارفة يعني إيه تعب ومذاكرة وسهر.. بنتي كانت بترجع من الامتحان وبتراجع معايا، وكنا دايمًا مطمئنين».

ورغم تفاؤلهم بأداء جنة في كل المواد، فوجئوا بنتيجة قالت عنها مروة: «النتيجة دي مش بنتي، مش تعبها ولا مستواها.. وهقدم تظلم بس مش مطمنة.. مين يضمنلي حق بنتي يرجع؟ لازم الرئيس والوزير يتدخلوا، مش ممكن تعب سنة كاملة يضيع كده».

حلم الكلية الحربية ضاع

اللواء مدحت الحداد، أحد أولياء الأمور من القاهرة، عبّر أيضًا عن صدمته من نتيجة ابنه محمد عبد الحجاز، الطالب بمدرسة «الأبطال» بمدينة الضباط، قائلاً: «ابني كان حلمه يدخل الكلية الحربية، وكان من المتفوقين، لكن للأسف المجموع لا يؤهله لأي حاجة».

وتساءل باستنكار: «هتظلم إمتى؟ هنستنى كام يوم والولد على أعصابه؟ فين تطوير التعليم؟ تعبنا من منظومة بتكلفنا دروس خصوصية ومصاريف، وفي الآخر مفيش مردود».

وأضاف: «إحنا تعبنا نفسنا بالتعليم اللي كله فلوس، ابني بياخد دروس خصوصية، والله ما بيلحق لا مذاكرة ولا راحة.. لازم نصلح منظومة التعليم كلها».

عاوز حق بنتي

من محافظة المنيا، روى ماهر رفائيل معاناته بعد ظهور نتيجة ابنته ميرت، التي كانت تستعد لدخول كلية الطب، قبل أن تُصدم الأسرة بمجموع 60% فقط، رغم أدائها المتميز طوال العام.

وقال ماهر: «أنا مش ضد النظام، لكن عاوز حق بنتي، وتقييم حقيقي لمجهودها، تعبنا جسديًا ونفسيًا، وكانت البنت متفوقة ومجتهدة، والنتيجة غير منطقية بالمرة».

نزاهة وشفافية وزارة التعليم

في ظل هذا الزخم الشعبي الغاضب، خرج المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، شادي زلطة، مؤكدًا التزام الوزارة الكامل بالنزاهة والشفافية، قائلًا: «الحديث عن وجود أي شبهات أو أخطاء أمر غير مقبول، لأنه يمس مستقبل الطلاب، وهذه مسؤولية لا تقبل التشكيك أو الاستهتار».

وأكد أن جميع إجراءات إعداد وتداول أوراق الامتحانات وتصحيحها داخل الكنترولات تخضع لمنظومة مغلقة ومحكمة، مشيرًا إلى أن الوزارة فتحت باب التظلمات رسميًا، بداية من الأحد، حيث يحق للطالب أو ولي الأمر تقديم طلب للاطلاع على أوراق الإجابة، بما في ذلك نماذج الإجابة الرسمية والبابل شيت والأسئلة المقالية. 

وأوضح متحدث الوزارة أن الوزارة وفّرت آلية مباشرة لرصد أي درجات مستحقة فورًا، حيث يتم ملء نموذج ملاحظات رسمي يُقدَّم لمسؤولي الكنترول، ليُتخذ الإجراء اللازم على الفور، مؤكدًا أن أي درجة يُثبت استحقاق الطالب لها سيتم إضافتها دون تأخير، على أن يتم تعديل نتيجته في مكتب التنسيق تلقائيًا.

وأضاف: «أي طالب له حق في أي درجة سيأخذها فورًا دون أي تأخير، بتوجيهات ومتابعة مشددة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتحت إشراف مباشر من وزير التربية والتعليم».

تزوير نتائج الثانوية العامة


حول الشائعات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تزوير النتائج أو وجود تلاعب، حذّر زلطة من الانجراف وراء الأكاذيب، مؤكدًا: «الوزارة ترصد كل ما يُنشر، وسنتخذ إجراءات قانونية ضد من يروّج لمعلومات غير صحيحة.. التعليم مسؤولية وطنية ومصير أجيال لا يُدار بالشائعات».

ووجه زلطة، رسالة طمأنة لجميع الطلاب وأولياء الأمور، مؤكدًا: «المعيار الوحيد في التظلمات هو استحقاق الطالب للدرجة، ومن حق كل طالب أن يطمئن على ورقته بنفسه، وأن يحصل على حقه كاملًا دون نقصان».

وفاة ثلاثة طلاب بسبب نتيجة الثانوية العامة

بين طلاب يشكون من أخطاء في التصحيح، وآخرين يتحدثون عن رسائل غريبة وصلتهم أثناء الامتحان، تتوالى المآسي في صورة موجعة كان آخرها وفاة ثلاثة طلاب في محافظات مختلفة، اختاروا أن ينهوا حياتهم بعد صدمة نتائجهم، التي بدّدت أحلامهم وجعلتهم عاجزين عن الاستيعاب أو التحمّل.

وشهدت منطقة السلام بمحافظة القاهرة، يوم الجمعة، مأساة جديدة بعدما أقدم طالب بالصف الثالث الثانوي على إنهاء حياته بتناول قرص غلة سام، عقب دخوله في حالة نفسية سيئة بسبب رسوبه في مادتين من امتحانات الثانوية العامة.

وتلقى قسم شرطة السلام بلاغًا من الأهالي يفيد بالعثور على جثمان الطالب داخل شقة سكنية. وبانتقال الأجهزة الأمنية إلى مكان البلاغ، تبيّن أن الجثمان يعود لطالب يبلغ من العمر 18 عامًا، يرتدي كامل ملابسه، ولا توجد به أي إصابات ظاهرية.

وأكدت التحريات الأولية، وشهادة الأسرة والجيران، أن الطالب كان متفوقًا دراسيًا، لكنه أصيب بصدمة نفسية شديدة بعد إعلان النتيجة، ما دفعه إلى الانعزال التام داخل غرفته، رافضًا الحديث مع أحد رغم محاولات ذويه للتخفيف عنه واقتراح إعادة السنة عليه.

وفي محافظة المنوفية، خيم الحزن على أهالي قرية الطالبة "هاجر.ع" (18 عامًا)، التي تُوفيت متأثرة بتناول حبة غلال سامة، بعد أن حصلت على مجموع 60% في نتيجة الثانوية العامة شعبة علمي علوم، ما بدّد حلمها بالالتحاق بكلية الطب.

وقال أقارب الطالبة إنها كانت متفوقة منذ الصغر، ومعروفة بين زملائها بلقب «الدكتورة»، وكانت تبذل جهدًا كبيرًا لتحقيق حلمها الوحيد بدخول كلية الطب، لكن النتيجة جاءت صادمة، ما أدخلها في نوبة بكاء وحزن شديدين، قبل أن تتخذ قرارًا مأساويًا بإنهاء حياتها.

وأوضحت المصادر الطبية أن الطالبة وصلت إلى مستشفى شبين الكوم التعليمي في حالة حرجة، ثم نُقلت إلى مستشفى شبين الكوم الجامعي، لكنها لفظت أنفاسها الأخيرة هناك، رغم محاولات الأطباء إنقاذها.

وفي منطقة أبو سليمان شرق الإسكندرية، وقعت واقعة صادمة أخرى بعد إعلان نتيجة الثانوية العامة، إذ أقدمت الطالبة “آية.ص.ح” (18 سنة) على إلقاء نفسها من شرفة منزلها بالطابق الرابع، عقب حصولها على 50% فقط، وهو ما شكل لها صدمة نفسية حادة.

وتلقى قسم شرطة الرمل ثان بلاغًا من مستشفى الطلبة بسبورتنج يفيد بوصول الطالبة مصابة بكسور ونزيف وحالتها حرجة، وبانتقال الشرطة وسماع أقوال والدها، أفاد بأن ابنته أصيبت بانهيار نفسي بعد ظهور النتيجة، واغتنمت لحظة غفلت فيها الأسرة لتقفز من شرفة المنزل.

تم نسخ الرابط