عاجل

ليلى بنت أبي حثمة.. أول امرأة تهاجر في الإسلام وقصة شجاعتها مع عمر بن الخطاب

ليلى بنت أبي حثمة:
ليلى بنت أبي حثمة: أول امرأة تهاجر في الإسلام

ليلى بنت أبي حثمة بن حذيفة العدويّة القرشية، واحدة من أعظم نساء الإسلام اللواتي خلد التاريخ ذكرهن. لم تكن مجرد امرأة عادية، بل كانت رمزًا للصبر والثبات في وجه الاضطهاد. فهي أول امرأة هاجرت إلى المدينة المنورة، وتركت وطنها وأهلها نصرةً لدين الله، وسجّلت بمواقفها البطولية صفحات مشرقة من تاريخ الدعوة الإسلامية.

من هي ليلى بنت أبي حثمة؟

تنتمي ليلى بنت أبي حثمة إلى قبيلة بني عدي، وهي قبيلة ذات مكانة مرموقة في مكة. تزوجت من عامر بن ربيعة، أحد السابقين الأولين إلى الإسلام، وكانا من أوائل من آمن بالدعوة الإسلامية في زمن كان فيه الإسلام غريبًا ومحفوفًا بالمخاطر.

نسبها:

الاسم الكامل: ليلى بنت أبي حثمة بن حذيفة بن غانم العدويّة.

القبيلة: بني عدي من قريش.

الزوج: عامر بن ربيعة، صحابي من السابقين إلى الإسلام.

إسلام ليلى بنت أبي حثمة وصبرها على الأذى

أسلمت ليلى في الأيام الأولى للدعوة الإسلامية مع زوجها، ولم يكن طريق الإيمان سهلًا. فقد عانت مثل بقية المسلمين من بطش قريش واضطهادهم للمؤمنين الجدد. وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات، بقيت ثابتة على دينها، متمسكة بإيمانها، ولم تتراجع رغم القسوة والتنكيل.

الهجرة إلى الحبشة: رحلة النجاة من العذاب

عندما اشتد الأذى بالمسلمين في مكة، أذن النبي ﷺ لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، حيث يحكم النجاشي، ملك عادل لا يُظلم عنده أحد.

كانت ليلى وزوجها من أوائل المهاجرين الذين تركوا مكة بحثًا عن الأمان والحرية الدينية. وفي الحبشة، عاشت ليلى سنوات من الصبر والمعاناة بعيدًا عن أهلها ووطنها، لكنها وجدت في هذا الابتلاء اختبارًا لصبرها وإخلاصها لدين الله.

العودة إلى مكة: استمرار الابتلاء

عادت ليلى وزوجها إلى مكة بعد سماع خبر إسلام حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب، على أمل أن يخفف ذلك من وطأة الاضطهاد. لكن سرعان ما اكتشفت أن قريشًا لم تتوقف عن إيذاء المسلمين، بل زاد طغيانها.

الهجرة إلى المدينة: لقاء مؤثر مع عمر بن الخطاب

عندما أذن النبي ﷺ للمسلمين بالهجرة إلى المدينة، كانت ليلى أول امرأة تهاجر إلى يثرب (المدينة المنورة). وخلال استعدادها للخروج، شهدت موقفًا خالدًا مع عمر بن الخطاب –وكان آنذاك ما يزال مشركًا.

تروي ليلى هذا الموقف قائلة:

"بينما كنت أتهيأ للهجرة إلى المدينة، رآني عمر بن الخطاب فقال: إلى أين يا أم عبد الله؟ قلت: نخرج إلى أرض الله، فقد آذيتمونا وقهرتمونا. فقال: صحبكم الله، إنكم لعلى الحق."

أثّر هذا الموقف في قلب عمر، وكان بمثابة بشارة لقرب إسلامه، حيث رأى بعينيه كيف يدفع الإيمان المؤمنين للتضحية والهجرة.

دورها في بناء المجتمع الإسلامي في المدينة

بعد وصولها إلى المدينة، بدأت ليلى حياة جديدة في ظل دولة الإسلام الناشئة. ولم تكن مجرد مهاجرة تبحث عن الأمان، بل ساهمت بشكل فعّال في:
١.مساعدة المهاجرين الجدد على التأقلم مع حياتهم الجديدة.

٢.نقل تعاليم الإسلام للأجيال القادمة، لا سيما بين النساء.

٣.رعاية الأسر الضعيفة التي تركت كل شيء في مكة.

مكانة ليلى عند النبي ﷺ

كان النبي ﷺ يقدر ليلى ويحترم صبرها وموقفها العظيم في نصرة الدين. فقد كانت:

أول امرأة هاجرت إلى المدينة.

مثالًا للثبات والإخلاص في وقت كان الإيمان فيه يتطلب تضحية حقيقية.

سندًا قويًا لزوجها في مواجهة تحديات الدعوة.

صفات ليلى بنت أبي حثمة: نموذج للمرأة المسلمة

١.الإيمان الراسخ: لم تهزها المحن ولم يتزعزع إيمانها رغم الاضطهاد.

٢.الشجاعة والجرأة: واجهت عمر بن الخطاب بكل ثقة وهي تتهيأ للهجرة.

٣.الصبر والتحمل: تحملت مشاق الهجرة ومرارة الابتعاد عن وطنها.

٤.المساهمة المجتمعية: لعبت دورًا مهمًا في بناء المجتمع الإسلامي.

الدروس المستفادة من سيرة ليلى بنت أبي حثمة

١.الثبات على الحق: التمسك بالإيمان مهما كانت الصعوبات.
٢.دور المرأة في الإسلام: للمرأة مكانة عظيمة في نشر الدعوة ومساندة المجتمع.
٣.التضحية في سبيل الله: يجب أن يكون الإيمان مقرونًا بالعمل والتضحية.
٤.أمل الهداية: لا تيأس من هداية الناس مهما بدت قلوبهم قاسية.

وفاة ليلى بنت أبي حثمة وذكراها العطرة

عاشت ليلى بعد وفاة النبي ﷺ، وكانت تروي للأجيال ما عايشته من مواقف عظيمة خلال الدعوة الإسلامية. بقي اسمها خالدًا في ذاكرة الأمة كأول امرأة هجرت وطنها في سبيل الله.

ليلى بنت أبي حثمة: رمز خالد للمرأة المسلمة

تظل قصة ليلى بنت أبي حثمة مصدر إلهام لكل مسلم ومسلمة. فهي نموذج للمرأة المؤمنة التي تجمع بين الإيمان الراسخ والشجاعة، وتثبت أن المرأة كانت دائمًا جزءًا أصيلًا من مسيرة الإسلام ونصرته.

أقوال مأثورة في حقها

عمر بن الخطاب: "صحبكم الله، إنكم لعلى دين الحق."

النبي ﷺ: أثنى على صبرها وثباتها في سبيل الله.

بهذا تبقى ليلى بنت أبي حثمة رمزًا خالدًا للمرأة المؤمنة التي ضحّت بالغالي والنفيس في سبيل الله ورسوله.

تم نسخ الرابط