«تريند» جديد على مواقع التواصل.. إلقاء زجاجات بلاستيكية في البحر دعماً لغزة

شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية انتشار ظاهرة غريبة من نوعها، تمثلت في قيام عدد من المواطنين المصريين بإلقاء زجاجات بلاستيكية مملوءة بمواد غذائية في مياه البحر الأحمر والبحر المتوسط، في محاولة رمزية لإرسال المساعدات لأهالي قطاع غزة المحاصر.

التريند

بدأت هذه المبادرة بشكل فردي من بعض المتعاطفين مع الأزمة الإنسانية التي يعانيها الفلسطينيون في قطاع غزة، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى موجة عارمة شارك فيها المئات، الذين وثقوا هذه اللحظات عبر مقاطع فيديو انتشرت بشكل واسع على منصات «فيسبوك» و«تيك توك» و«إنستغرام»، داعين إلى تكرار الفعل يوميًا تحت هاشتاجات تعبر عن دعم غزة وأشقائها الفلسطينيين.

يرى المشاركون في هذا «التريند» أنه لفتة إنسانية رمزية تعبر عن تضامن الشعب المصري مع أهل غزة في ظل الحصار والعقوبات، خاصة في ظل الصعوبات الكبيرة التي تواجه وصول المساعدات بشكل مباشر إلى القطاع. ويؤكد البعض أن الرسالة التي يحملها هذا الفعل قد لا تكون مادية تصل بشكل فعلي، لكنها تعبر عن مشاعر الدعم والأمل، وقد تمنح الفلسطينيين المتألمين شعورًا بأنهم ليسوا وحدهم في محنتهم.

اضرار إلقاء زجاجات بلاستيكية مملوءة بمواد غذائية في البحر 

وأثار هذا التصرف غضب عدد كبير من المختصين في شؤون البيئة والقانون، مؤكدين أن مثل هذه الأفعال لا تمت للواقع بصلة من ناحية التأثير الفعلي، بل تحمل في طياتها خطر بيئي جسيم قد يؤدي إلى تلوث بحري واسع النطاق، نتيجة الكم الهائل من الزجاجات البلاستيكية التي يُلقى بها في المياه يوميًا.

خبراء البيئة أشاروا إلى أن البلاستيك يُعد من أكثر المواد الملوثة التي يصعب تحللها في المياه، مما يؤدي إلى تهديد مباشر للكائنات البحرية، خاصة الأسماك والسلاحف والكائنات الدقيقة التي قد تبتلع تلك المخلفات، وهو ما يسبب اختناقها أو موتها، فضلًا عن انتقال جزيئات البلاستيك عبر السلسلة الغذائية إلى الإنسان نفسه.

من الناحية القانونية، قالت مصادر قانونية إن ما يحدث يُعد مخالفة صريحة لقانون حماية البيئة المصري رقم 4 لسنة 1994 والمعدل بالقانون 9 لسنة 2009، الذي يجرم إلقاء أي مخلفات في المسطحات المائية، ويعاقب عليه بالحبس لمدة تصل إلى سنة وغرامة تبدأ من 10 آلاف جنيه، وقد ترتفع في حالات التكرار أو الضرر الجماعي.

تحذيرات من أضرار إلقاء زجاجات بلاستيكية في البحر

كما حذر المختصون من خطورة الانسياق وراء "التريندات العاطفية" دون وعي حقيقي بتأثيراتها، مشددين على ضرورة توجيه مشاعر التضامن إلى مسارات أكثر فاعلية، مثل التبرع عبر المؤسسات الرسمية المعتمدة، أو المشاركة في حملات إغاثة حقيقية تدعم الفلسطينيين على الأرض بطريقة آمنة وواقعية.

ودعت الجهات المختصة المواطنين إلى عدم المشاركة في هذا التريند حفاظًا على البيئة وسلامة الحياة البحرية، مشيرة إلى أن التضامن الحقيقي لا يكون بإلقاء الطعام في البحر، بل بإيصال المساعدات لمن يستحقونها عبر الطرق المشروعة.

ويظل التعاطف مع الأشقائنا الفلسطينيين دائم ، لكن لا بد أن يقترن هذا التعاطف بالوعي الكامل بالمسؤولية البيئية والاجتماعية، لأن النوايا الطيبة وحدها لا تبرر أفعالًا قد تنقلب إلى كوارث.