عاجل

سحب الجنسية.. سلاح «ترامب» الجديد لفرض نفوذه وعرقلة معارضيه

الرئيس الأمريكي دونالد
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

حالة من القلق تشهدها الساحة الأمريكية بعد أن لوح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال الأيام الماضية من بسحب الجنسية، إلي أن يتحول إلى سلاح سياسى ضد خصومه ومعارضيه، من بينهم زهران ممدانى، المرشح الديمقراطى لمنصب عمدة نيويورك والممثلة الكوميدية روزى أودنيل.

ووفقًا لما نشرته شبكة NBC News الأمريكية، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدد بالتحقيق فيما إذا كان المرشح الديمقراطي لرئاسة بلدية مدينة نيويورك، زهران ممداني، موجودًا في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، ولا يوجد دليل على وجوده هناك بشكل غير قانوني.

جاء هذه التصريحات بعد فوز ممدانى المفاجئ فى السباق الديمقراطى التمهيدى للاختيار المرشح لمنصب رئيس بلدية نيويورك، كما دعا أحد النواب الجمهوريين بالكونجرس إدارة ترامب إلى ترحيله.

وحصل ممدانى، المولود فى أوغندا، على الجنسية الأمريكية فى 2018 بعد أن انتقل إلى الولايات المتحدة طفلاً بصحبة والديه. لكن النائب أندى أوجلاس، كتب على منصة X، يقول إن وزارة العدل ينبغي أن تجرده من الجنسية بسبب كلمات أغنية قال إنها تدعم حماس.

الجنسية الأمريكية تتحول إلى سلاح


لم يقتصر تهديد ترامب بإسقاط الجنسية على ممدانى فقط. ففي وقت سابق هذا الشهر، إنه يفكر فى إسقاط الجنسية عن واحدة من أشد خصومه، وهى الفنانة والممثلة الكوميدية روزى أودنيل، فيما أشارت مجلة "بولتيكو" إلى عدم وجود أى مسار قانونى واضح للقيام بذلك.

وبحسب ما نشرته أيضا شبكة NBC News الأمريكية، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدد بسحب الجنسية الأمريكية من الممثلة الكوميدية روزي أودونيل، وهو أمر لا يمكنه فعله قانونيا، مما أدى إلى تجدد الخلاف المستمر منذ عقود بين الاثنين.

وتابع ترامب خلال تصريحاته: بما أن روزي أودونيل لا تخدم مصالح بلدنا العظيم، فإنني أفكر جدياً في سحب جنسيتها، إنها تُشكل تهديداً للبشرية، ويجب أن تبقى في أيرلندا الرائعة، إن أرادوا ذلك.

في منشور على إنستجرام في وقت لاحق، ردت أودونيل على منشور ترامب على موقع "تروث سوشيال"، وكتبت: "مرحبًا دونالد - هل تشعر بالصدمة مرة أخرى؟ بعد 18 عامًا وما زلت أعيش مجانًا في عقلك المنهار".

وأضافت أودونيل: "أنت تصفني بالتهديد للإنسانية، لكنني كل ما تخشاه: امرأة صاخبة، امرأة مثلية، أم تقول الحقيقة، أميركية خرجت من البلاد قبل أن تشعل فيها النيران".

وفي تعليقها، تناولت أودونيل أيضًا تهديدات ترامب بسحب جنسيتها، وقارنته بالملك جوفري الخيالي من سلسلة الكتب الشهيرة ومسلسل HBO "صراع العروش".

"هل تريد إلغاء جنسيتي؟" كتب أودونيل. "هيا، حاول يا ملك جوفري ذي السمرة البرتقالية. لستُ ملكك لأصمت، لم أكن يومًا كذلك."

خلافات ترامب تتحول إلي صراع

وجاءت هجمات ترامب الأخيرة على أودونيل بعد أن كشفت في منشور على تيك توك في مارس 2025 أنها انتقلت إلى أيرلندا في يناير/كانون الثاني، قائلة: "عندما يكون من الآمن لجميع المواطنين أن يتمتعوا بحقوق متساوية هناك، في أمريكا، عندها سنفكر في العودة".

في الفيديو نفسه، قالت أودونيل إنها بصدد الحصول على جنسيتها الأيرلندية، لأن لها أجدادًا أيرلنديين. الولايات المتحدة تسمح بالجنسية المزدوجة.

وفي شهر مارس، خلال زيارة إلى البيت الأبيض قام بها رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، تناول ترامب انتقال أودونيل إلى أيرلندا.

سأل الرئيس الأمريكي مارتن: "لماذا تسمح لروزي أودونيل بالانتقال إلى أيرلندا؟ أعتقد أنها ستُقلل من سعادتك."

الموقف الدستوري لسحب الجنسية

ومن جهته، علق الدكتور مجيد بودن، رئيس جمعية المحامين في القانون الدولي في باريس، علي تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب الجنسية الأمريكية، أن هذه المسألة في غاية الخطورة، ولا يمكن استخدامها لأسباب سياسية، نظرًا لأنها يُعد تجاوز لاستخدام السلطة خاصة سحب الجنسية من المعارضين للنظام.

وأكد «بودن» في تصريحات خاصة لـ"نيوز روم"، أن سحب الجنسية من المعارضين لإدارة الرئيس الأمريكي يخالف القانون، لأن قرار سحب الجنسية يُتخذ علي أساس قانوني، نظرًا لأنها ليست عملية استثنائية أو هينة.

وتابع: "هناك حالات لسحب الجنسية أهمها أن يكون المواطن اختلق جرائم كبري تهدد الولاء للبلاد وأمنها، أو قام بخيانة أي التجسس لصالح دولة أخري ، ويتم سحب الجنسية بقرارات المحكمة"، مشيرًا إلي أنه لا يمكن سحب الجنسية لأسباب سياسية أو تعسفي حال ذلك يُلغي بقرار المحكمة.

وإختتم تصريحاته أن تصريحات ترامب  بشأن سحب الجنسية الأمريكية مجرد حديث إعلامي فقط، لأن القانون الأمريكي يُطبق علي رئيس الدولة شخصيًا.

غير دستوري

فيما قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، إن فكرة سحب الجنسية الأمريكية، خاصةً كأداة لفرض النفوذ أو عرقلة المعارضين، تثير قضايا دستورية و تشريعية عميقة ومعقدة فعلي الصعيد الدستوري يتمتع المواطن الأمريكي بحماية قوية من سحب الجنسية التعسفي، لأن بند الجنسية في الدستور الأمريكي ينص بوضوح على أن "جميع الأشخاص المولودين أو المتجنسين في الولايات المتحدة والخاضعين لولايتها القضائية هم مواطنون في الولايات المتحدة والولاية التي يقيمون فيها.

وأكد "سلامة" في تصريح خاص لـ"نيوز روم"، أن المحكمة العليا الأمريكية حددت أن سحب الجنسية أو فقدانها لا يمكن أن يتم إلا في ظروف محدودة للغاية، أبرزها الاحتيال أو التضليل عند الحصول على الجنسية بالتجنس، فضلًا عن أن المواطن لا يمكن أن يفقد جنسيته دون التنازل عنها طواعية، أي محاولة تشريعية أو تنفيذية لسحب الجنسية بناءً على آراء سياسية، أو معارضة للحكومة، أو حتى اتهامات غير مثبتة، ستواجه تحديات دستورية قوية جدًا ومن المرجح أن يتم إلغاؤها من قبل المحاكم.

وأوضح استاذ القانون الدولي، أن هذه الاجراءات تعتبر انتهاكًا لحقوق حرية التعبير والتجمع وحرية تكوين الجمعيات المكفولة بموجب التعديل الأول، بالإضافة إلى انتهاك مبدأ الإجراءات القانونية الواجبة موجب التعديل الخامس والرابع عشر.

أما من الناحية التشريعية، يؤكد الدكتور أيمن سلامة، أن صلاحية الكونغرس في تحديد شروط التجنس واكتساب الجنسية واسعة بموجب المادة الأولى، القسم الثامن من الدستور. ومع ذلك، فإن صلاحيته في سحب الجنسية بعد اكتسابها محدودة بشكل كبير بقرارات المحكمة العليا، مشيرًا إلي أن أي تشريع يقترحه الكونغرس بهدف توسيع أسباب سحب الجنسية إلى ما يتجاوز الاحتيال عند التجنس سيُعتبر على الأرجح غير دستوري.

ونوه إلي أنه من المرجح أن يُنظر إلى أي محاولة من قبل الإدارة التنفيذية، سواء عبر أوامر تنفيذية أو ممارسات إدارية، لاستخدام سحب الجنسية كأداة ضد المعارضين السياسيين على أنها تجاوز لسلطة الرئيس وتعدٍ على السلطة القضائية، ستقابل مثل هذه الإجراءات بمقاومة شرسة من قبل أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين، والمجتمع القانوني، ومنظمات الحقوق المدنية، وستواجه تحديات قانونية فورية.

وأختتم تصريحاته بأن الدستور الأمريكي والمبادئ القانونية الراسخة يوفران حماية قوية ضد سحب الجنسية التعسفي، مما يجعل استخدامه كسلاح سياسي أمرًا صعبًا للغاية من الناحيتين الدستورية والتشريعية.

 

تم نسخ الرابط