مستقبل سعر الصرف في ضوء تقرير "جولدمان ساكس": هل يهبط الدولار إلى 35 جنيهًا؟
مستقبل سعر الصرف في ضوء تقرير "جولدمان ساكس": هل يهبط الدولار

عاد ملف سعر الصرف إلى صدارة المشهد الاقتصادي، بعد تقرير أصدره بنك الاستثمار العالمي جولدمان ساكس أوصى فيه المستثمرين الأجانب بشراء الجنيه المصري، مستندًا إلى فجوة كبيرة بين السعر الفوري للعملة المحلية وأسعار العقود الآجلة، ما أعاد التساؤلات حول "السعر العادل" للدولار في السوق المصرية، وإلى أي مدى يمكن أن يهبط الجنيه أو يصعد أمامه.
كيف يرى المستثمرون السعر؟
قال الدكتور هاني جنينة، الخبير الاقتصادي والمحاضر بالجامعة الأمريكية، إن تقرير جولدمان ساكس نصح المستثمرين الأجانب بشراء الجنيه المصري للاستفادة من فارق العائد المرتفع واستقرار سعر الصرف، لكن عبر تنفيذ هذه الاستراتيجية باستخدام العقود الآجلة (Short USD/EGP Forward).
وأضاف: "العقود الآجلة للدولار تُسعَّر حاليًا بتسليم لمدة عام عند 58 جنيهًا، بينما السعر الفوري يبلغ نحو 49.5 جنيه، ما يعني أن المستثمر الذي يبيع الدولار آجلاً بسعر 58 ويشتريه لاحقًا بسعر 49.5 يحقق ربحًا قدره 8.5 جنيه لكل دولار، وهو نفس المكسب تقريبًا في حال شراء أذون الخزانة المصرية والخروج بعد عام".
وأوضح جنينة أن هذه الآلية تُظهر ثقة المؤسسات الدولية في استقرار سعر الصرف، وتزيد من جاذبية أدوات الدين المحلية، دون الحاجة لتحركات عنيفة في السوق الفوري.
هل الدولار يهبط إلى 35 جنيهًا؟
من جانبه، قال الدكتور كريم عادل، الخبير الاقتصادي، إن توقعات بعض المؤسسات الدولية بهبوط الدولار إلى 35 جنيهًا لا يمكن فصلها عن تحركات الأموال الساخنة، التي دخلت السوق المصري في أدوات الدين.
وأشار إلى أن هذه الأموال تُقدّر بنحو 40 مليار دولار، دخلت بسعر صرف يقارب 50 جنيهًا لكل دولار. وأضاف: "إذا قرر المستثمر الخروج عند سعر 35، فإنه سيحصل على 1.428 مليون دولار مقابل مليار جنيه، أي بزيادة صافية تتجاوز 428 ألف دولار، بخلاف العائد من الفوائد".
وأكد أن هذا السيناريو يوضح أن المرونة الكاملة في خفض الدولار غير واقعية، حتى لو كانت النماذج النظرية تُظهر أن السعر العادل للدولار يتراوح بين 40 إلى 45 جنيهًا، إذ إن أي تراجع كبير قد يؤدي إلى نزيف في احتياطي النقد الأجنبي ويُجبر الدولة لاحقًا على تعديل السعر مرة أخرى.
هاني توفيق: 35 جنيهًا سعر عادل.. لكن بشروط
أثار الخبير الاقتصادي هاني توفيق الجدل مؤخرًا، بتأكيده أن "السعر العادل الفعلي" للدولار هو 35 جنيهًا، لكنه نفى صحة أي حديث عن تراجعه إلى 25 جنيهًا، واعتبر ذلك تقديرًا غير واقعي.
وفي سياق متصل، أشار تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي إلى أن الدين الخارجي المصري قد يصل إلى 202 مليار دولار بحلول 2030، وهو ما اعتبره توفيق مؤشرًا خطيرًا يعكس اعتمادًا مفرطًا على التمويلات الخارجية.
وقال: "كل المؤسسات المالية الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد، تعمل بمنطق استعماري"، مضيفًا أن الحل الوحيد للأزمة الاقتصادية في مصر يكمن في الإنتاج، والاعتماد على الذات، ووقف النزيف النقدي والفساد المؤسسي.
تحذيرات من الضغوط المستقبلية
تواجه مصر فجوة تمويلية تُقدَّر بين 15 إلى 17 مليار دولار حتى 2026، فضلًا عن استحقاقات ديون ضخمة، وتعدد أسعار الصرف، مما يؤدي إلى حالة من القلق لدى المستثمرين الأجانب.
ويرى محللون أن استمرار خدمة الدين الخارجي عند مستويات مرتفعة يُهدد بضغط أكبر على الإنفاق العام، خاصة في قطاعات التعليم والصحة.
ولا يزال السوق يُسعّر الدولار في العقود الآجلة بأعلى من السعر الفوري، ما يفتح الباب أمام "الربح" عبر أدوات الدين.
وأكد المحللين أن السعر العادل نظريًا قد يكون أقل من السعر الحالي، لكنه مرتبط بتوازنات دقيقة في السوق، وان أي خفض كبير وغير محسوب قد يكون ضارًا أكثر من كونه نافعًا.