ريم بسيوني: الغزالي قدم خريطة للأخلاق والصفاء الروحي | فيديو

في لقاء مميز عبر برنامج "الستات مايعرفوش يكدبوا" على قناة CBC، تحدثت الكاتبة والروائية ريم بسيوني عن رؤيتها للتصوف وفلسفته العميقة، موضحة أن علم التصوف ليس مجرد زهد أو انعزال عن المجتمع، كما يعتقد البعض، بل هو أسلوب حياة متكامل يركز على نقاء القلب وحسن التعامل مع الآخر، بما يسهم في الارتقاء بالمجتمع روحياً وإنسانياً.
التصوف .. قلب الدين وروحه
أكدت ريم بسيوني أن جوهر التصوف يرتكز على القلب لا الشكل، لافتة إلى أن الدين لا يقتصر على الطقوس الظاهرية، وإنما يمتد إلى تطهير النفس من الحقد والغضب والحسد، موضحه أن التصوف يشجع الإنسان على أن يعيش بقلب نقي، يتسامى عن الصراعات، ويعكس قيم الرحمة، التسامح، والحب الحقيقي.
وأضافت ريم بسيوني أن التصوف ليس انطواءً، بل هو تفاعل راقٍ مع العالم، من خلال تنمية الذات والتعامل النبيل مع الغير، مما يعزز من البناء الإنساني والاجتماعي معًا.
موسوعة روحية وإنسانية
وخلال اللقاء، أشادت ريم بسيوني بكتاب "إحياء علوم الدين" للإمام أبو حامد الغزالي، معتبرة إياه من أهم المؤلفات التي تناولت الأخلاق والسلوك الروحي والعبادة والتوحيد من منظور عميق وتحليلي.
وأشارت ريم بسيوني إلى أن الكتاب يشرح المشاعر الإنسانية بمنهج عقلي وروحي في آنٍ واحد، مضيفة: "الغزالي حلل مشاعر الغضب، الحقد، الحسد، وقدم وصفات روحية للتغلب عليها. إنه لا يهاجم النفس بل يفهمها، ويقدّم طريقة إصلاحها تدريجيًا".
العقل في مواجهة الهوى
أبرزت ريم بسيوني أن الإمام الغزالي كان حريصًا على تغليب العقل في كل أمور الحياة، حتى في تناول مفاهيم الحب والروحانيات. وقالت إن الغزالي لم يفصل بين القلب والعقل، بل وضع العقل في موقع القيادة للوجدان والمشاعر، مؤكدة أن هذا التوازن هو ما جعل أفكاره صالحة لكل زمان ومكان.
وأضافت ريم بسيوني: "الغزالي لم يكن فقط فقيهًا أو صوفيًا، بل كان فيلسوفًا عبقريًا خاض رحلة إنسانية فريدة بحثًا عن الحقيقة، وهي رحلة ألهمتني شخصيًا وظهرت في روايتي الغواص".
قراءة أدبية في تجربة الغزالي
تحدثت ريم بسيوني عن روايتها "الغواص"، موضحة أنها حاولت من خلالها سرد التجربة الإنسانية والفكرية للإمام الغزالي، بأسلوب روائي يقترب من القراء المعاصرين، ويجعلهم يتفاعلون مع فكر رجل عاش قبل قرون، لكنه ما زال مُلهمًا للباحثين عن التوازن بين الروح والعقل.
وأضافت ريم بسيوني: "في الغواص، لم أكتب فقط عن الغزالي الفقيه، بل عن الإنسان الذي شكّ، وهاجر، وسأل، وأحب، وعاش رحلة من الألم والبحث، حتى وصل إلى يقين قاده إلى الصفاء".

دعوة للتأمل .. لا للتعصب
واختتمت ريم بسيوني حديثها برسالة واضحة: أن ما نحتاجه اليوم هو إعادة اكتشاف جوهر الدين والتصوف باعتباره طريقًا للحب والتسامح والفهم، بعيدًا عن التعصب أو الأحكام الجاهزة. فالتصوف ليس انعزالًا، بل هو أعمق أشكال التفاعل الإنساني مع النفس والكون.
وترى ريم بسيوني أن العودة إلى فكر الغزالي وأمثاله من مفكري التصوف، تعني العودة إلى الدين كقيمة أخلاقية وروحية، قادرة على تهذيب المجتمعات لا فقط قيادتها من الخارج، بل من الداخل، من القلب.