اليوم، دقات القلوب في البيوت المصرية كان صوتها يعلو دقة تنبيه الهاتف بوصول رسالة المواقع معلنة ظهور نتيجة الثانوية العامة، عيون متعلقة بالشاشات ، تراجع الارقام ، تتلهف للوصول لخانة المجموع النهائي، لا اعرف من يكون أكثر توترا الطالب أم الآباء..
"إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ" فعلا الأبناء هم اكبر نعمة وأشد اختبار ، نضع كل الآمال عليهم ،نحلم أن يحققوا ما تمنيناه، وربما أكثر. ولكن لبلوغ ذلك الأمل، نحتاج أن نكون معهم، لا عليهم، نحتاج أن نمنحهم الطمأنينة، لا أن نحمّلهم ثقل الخوف والفشل.
لذلك اذكركم ان نتيجة الثانوية، مهما كانت، ليست ابداً النهاية، بل بداية لمرحلة جديدة. وحتى لو جاءت الأرقام أقل من المتوقع، فتلك ليست خسارة، بل تجربة. تحتاج نفسًا عميقًا، والشكر لله على السلامة، وعلى أن الطريق لا يزال ممتدًا.
فربما كانت الدرجات عامة متقاربة، أو التنسيق يحمل مفاجآت، أو ربما يقودكم التفكير بهدوء إلى طريق أنسب، يليق بقدرات أبنائكم وشغفهم.
وإن كانت هناك أزمة—سقوط، رسوب، أو انهيار—فهي لا تعني نهاية الحلم، بل بداية اختبار آخر: السؤال دوماً،كيف ندير الفشل؟ كيف نواجه الاخفاق دون أن ننكسر؟ هنا يبدأ دورنا الحقيقي كآباء وأمهات.
فلسنا مطالبين بأن نُحمّل أبناءنا عبء الخيبة، بل أن نساعدهم على النهوض، وأن نعلّمهم كيف يقفون من جديد. لأن الحياة لا تفرّق بين من حصل على ٩٥٪ ومن حصل على ٥٥٪، بل بين من يعرف كيف يكمل الطريق، ومن يستسلم عند أول عثرة.
عزيزي الحاصل على الثانوية العامة،
تذكّر أن مستقبلك لا يُختصر في رقم، ولا في شهادة. مستقبلك في شغفك، في مثابرتك، في قدرتك على التعلم والتطور، حتى لو تأخّرت قليلًا عن غيرك.
لا تخجل من مجموعك، ولا تحبس نفسك في قيد “ما كان يجب أن يكون”. القمة الحقيقية هي أن تكون مميزًا ومبدعًا فيما تختاره، لا أن تزاحم الآخرين على طريق لا يشبهك.
ولدينا من الأمثلة ما يُثبت ذلك:
كم من شخص لم يحرز مجموعًا كبيرًا، ثم أصبح اليوم من رواد مجاله؟ كم من فنان، رائد أعمال، بدأ بدايات متعثرة، ثم صنع لنفسه طريقًا لأنه لم يتوقف عن المحاولة؟
كلنا علينا واجب محيط الأصدقاء والأقارب، الا نجعل يوم النتيجة ساحة استجواب. لا تسألوا قبل أن تعلن الأسرة، ولا تعلقوا إلا بكلمات طيبة.
ادعوا من القلب، وساندوا بمحبة. دعوا هذا اليوم يكون يوم فرحة وجبر، لا يومًا جديدًا من المقارنات والضغوط.
في النهاية، أبناؤنا ليسوا مجاميع، ،بل أرواح جميلة، أغلي منحة في الحياة، تحتاج إلى من يؤمن بها، لا من يحاكمها.