جدة تتحول إلى بركان .. بين الأهلي و الاتحاد تُكسر الأعصاب وتُصنع الأمجاد
قصة ديربي جدة.. الاتحاد والأهلي عداوة لا تهدأ ومجد لا يُقسم على اثنين

في قلب مدينة لا تنام، وعلى ضفاف بحرٍ يعكس صخبها، هناك على سواحل البحر الأحمر وُلد أحد أعنف وأقدم الصراعات الكروية في الشرق الأوسط" ديربي جدة"، ليس مجرد لقاء بين فريقين، بل هو صوت الشارع، ونبض الجماهير، وتاريخ من المجد والخذلان، تكتب فصوله منذ أكثر من سبعين عامًا.
بداية قصة ديربي جدة
بدأت الحكاية في زمن الأبيض والأسود، حين كان الاتحاد يجسّد "العميد"صاحب الأسبقية والهيبة، بينما جاء الأهلي "الراقي"بروح التحدي والطموح والذوق الفني الرفيع، لم يكن لقاؤهما الأول مجرد مباراة، بل كان إعلان حرب كروية بين جارين لم يقبلا أن يتقاسما المجد، مع أول صافرة، يتحول الملعب إلى مسرحٍ للدراما، تتساقط فيه نجوم، وتُولد فيه أساطير، وتُكسر فيه القلوب، في جدة، نتيجة الديربي هي التي تحدد من يرفع رأسه، ومن يتوارى عن الأنطار لفترة ليست بالقليلة.
بداية العداء.. من الجار اللدود إلى العدو الأبدي
كانت البداية هادئة، لكن سرعان ما انقلبت إلى صراع دموي كروي، الأهلي تأسس عام 1937، بعد عقد من ولادة غريمه الاتحاد في 1927، لم يكن هناك توتر حقيقي، لكن مع توالي اللقاءات وزيادة عدد البطولات، بدأ الصدام الحقيقي.
في ستينات القرن الماضي، بدأ العداء يخرج عن الإطار الرياضي، كل نادٍ بدأ يمثل فئة معينة من المجتمع الجداوي، وبدأت الصحافة تشعل الفتيل، “من يملك جدة؟ الاتحاد أم الأهلي؟” من هنا وُلدت قصة لا تنتهي، أصبحت بعدها كل مباراة عبارة عن معركة شرف لا تحتمل الهزيمة.
مواجهات تاريخية لا تُنسى
على مدار عشرات السنين، قدّم الديربي ملاحم لا تُنسى، وهنا، نستعرض بعضاً من أبرز المحطات التي حُفرت في ذاكرة كل عاشق:
نهائي كأس الملك 1979، التوتر بلغ ذروته، والتعادل يحسم المباراة، لتتجه المباراة لركلات الجزاء الترجيحية و التي ابتسمت للأهلي.
2001 الاتحاد يقسو بخماسية، في مشهد كارثي على جماهير الراقي، سحق الاتحاد غريمه بخماسية بيضاء، وسط ذهول المدرجات، في ليلة سوداء لا تُنسى من عشاق الأهلي.
2007 ليلة محمد نور: حيث قاد قائد الاتحاد فريقه لفوز ساحق على الأهلي في كأس ولي العهد بثلاثية، كان هو رجل المباراة بامتياز
2016 رد اعتبار أهلاوي، قلعة الكؤوس تنتفض بقوة و تمطر شباك العميد برباعية نظيفة، حيث ظلت الجماهير الخضراء ترقص حتى الصباح.
أبرز من ارتدى قميص الناديين
أن تنتقل من الأهلي إلى الاتحاد، أو العكس، فهي جريمة لا تُغتفر في نظر الجماهير، لكنها حدثت، وبعض النجوم صنعوا المجد في الجانبين، و لعل أبرزهم سعيد غراب، أول “خائن” في الديربي، انتقل في الستينات من الاتحاد إلى الأهلي، وتلقى سيلاً من الهجوم الجماهيري، محمد الخليوي، أسطورة دفاع العميد الاتحادي، انتقل للأهلي و خلق ضجة كبيرة لا تُنسى خلفه، إبراهيم سويد وطلال المشعل، تنقلوا بين القطبين وسط مشاعر مختلطة من الحب و الكراهية، كل انتقال كان بمثابة “زلزال” في جدة، يُشعل السوشيال ميديا، ويقسم الأصدقاء، بل ويهدد استقرار العائلات أحياناً
مواقف نارية .. ولقطات لا تنسى
اشتباك القادة، مشادة نارية بين محمد نور ومالك معاذ فجّرت المباراة داخل وخارج الملعب، وانتهت بتدخل الإداريين لمنع انفجار كامل
هدف سيموس في الدقيقة 90
المهاجم البرازيلي فيكتور سيموس يسجل هدفًا قاتلًا للراقي في الرمق الأخير من عمر المباراة، ويترك مدرج الاتي في حالة صمت و ذهول مفجع
حرب التيفوهات
تنطلق المواجهة دائمًا من المدرجات"تيفو" عملاق من جماهير الاتحاد يرد عليه عشاق الأهلي بلوحة بصرية أسطورية، كأنك تشاهد عرضًا مسرحيًا داخل ملعب الجوهرة.
ديربي بلا منطق .. لا يخضع للأرقام
المميز في ديربي جدة أنه لا يعترف بالتاريخ أو الإحصائيات، فالفريق المتراجع في جدول الترتيب قد ينتصر، والنجم الغائب قد يسجل، والمدرج الصامت قد ينفجر، إنها مباراة تُلعب بالعاطفة، بالدم، وبصرخات الجماهير.
أخيرًا ، ديربي جدة ، أو كما يُقال الاتحاد و الأهلي، هما وجهان لعملة الصراع الأبدي، ديربي ليس مجرد كرة، إنه حرب ،صراع، شغف، وهوية، من يفوز؟
لا يهم، ما يهم أن المدينة كلها تهتز، وتُولد من جديد مع كل صافرة بداية