عاجل

الرموز الانتخابية.. لغة بصرية للهوية السياسية تضمن مشاركة أوسع

الرموز الانتخابية
الرموز الانتخابية

في قلب كل انتخابات مصرية، هناك لغة غير مكتوبة لكنها مفهومة للجميع، هي لغة الرموز الانتخابية التي ظلت رفيقًا دائمًا للمواطن المصري منذ عقود، فما قصة هذه الرموز؟ ولماذا احتاج النظام السياسي في مصر إلى اعتمادها منذ منتصف القرن العشرين؟ وما الذي يجعل كل مرشح يتسابق لاختيار رمز معين؟

بداية الاستخدام

يرجع استخدام الرموز الانتخابية في مصر إلى عام 1956، وتحديدًا مع صدور قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 47 لسنة 1956، ففي المادة 29 من هذا القانون تم التنصيص لأول مرة على اقتران اسم كل مرشح للانتخابات، وكل موضوع يُطرح للاستفتاء، بلون أو رمز معين تحدده وزارة الداخلية، والسبب كان واضحًا وهو تسهيل مهمة الناخبين الذين لم يكن معظمهم يجيد القراءة أو الكتابة آنذاك، حيث كانت نسبة الأمية مرتفعة جدًا في مصر، فبدلاً من الاعتماد فقط على الأسماء، أصبح بإمكان الناخب تمييز مرشحه من خلال رمز بصري بسيط.

الرموز.. لغات معبرة

الرموز الانتخابية ليست عشوائية، بل هي مستمدة من الطبيعة والحياة اليومية، تحمل دلالات معنوية تساعد الناخبين على ربط المرشح برمز ذي مدلول إيجابي، فالرموز مثل «النجمة» و«الشمس» تعبر عن الأمل والنور، و«الحصان» يرمز إلى القوة، و«السلم» يشير إلى التقدم والصعود، وحتى اختيار المرشح لرمزه يخضع لاعتبارات شخصية وثقافية، فلا يختار مثلاً رجل رمزًا له مدلولات أنثوية.

وتعد أولوية اختيار الرموز مرتبطة بموعد تقديم أوراق الترشح، فالمرشح الذي يحضر أولًا يملك حرية الاختيار بين الرموز المتاحة، بينما قد يُضطر المتأخر للاختيار من بين ما تبقى، وهذه التفاصيل تجعل من اختيار الرمز لعبة استراتيجية صغيرة، لا تقل أهمية عن حملات الدعاية نفسها.

لماذا تستمر مصر في استخدام الرموز رغم التطور التكنولوجي؟

مع تقدم العالم ودخول التكنولوجيا الحديثة في العملية الانتخابية من كمبيوتر وإنترنت، قد يتساءل البعض عن سبب استمرار مصر في استخدام الرموز الانتخابية، وهي طريقة تُلغى في كثير من الدول المتقدمة، ولكن السبب يعود إلى استمرار نسبة كبيرة من الأمية، فضلًا عن ميراث ثقافي وسياسي متجذر يصعب تجاوزه بين ليلة وضحاها، لهذا تُعتبر الرموز جسرًا حيويًا بين الناخب والمرشح، وضمانة لمشاركة أوسع في الانتخابات.

والأمر لا يتوقف على كون الرموز مجرد علامات معاصرة، بل هي امتداد لتقاليد إنسانية عريقة، تعود إلى لغة الهيروغليفية الفرعونية التي استخدمت الرموز لتوصيل المعاني والأفكار، فالفراعنة استعملوا صورًا مثل الأفعى للدلالة على الصيدلة، والميزان للعدالة، والصقر إلهًا للحماية والقوة، كما أن الشعارات والرموز كانت جزءًا من ثقافات العصور الوسطى الأوروبية وحتى في حروب الصليبية، مما يدل على أن استخدام الرموز لتوصيل الأفكار السياسية والاجتماعية عرف تاريخًا طويلًا.

تم نسخ الرابط