بعد حلقة نتفليكس.. خبير: هل الإسكندر الأكبر عاش شاذًا ومات مسمومًا؟

أثارت إحدى الحلقات الأولى من مسلسل «الإسكندر: صناعة إله» على منصة نتفليكس جدلاً واسعًا بعد عرض مشهد يظهر فيه الإسكندر الأكبر وهو يقبّل أحد قواده المقربين، هيفايستيون، مما فتح الباب مجددًا للنقاش حول طبيعة العلاقات الجنسية في اليونان القديمة، وإمكانية وجود علاقة بين الإسكندر وقائده هيفايستيون.
الشذوذ في اليونان القديمة
ومن ناحيته قال بسام الشماع المؤرخ المعروف، إن العلماء والمؤرخون يشيرون إلى أن العلاقات بين الأشخاص من نفس الجنس كانت أمرًا شائعًا وفي اليونان القديم، بما في ذلك مقدونيا، كما أكد باحثون -والكلام للشماع- أن الإغريق القدماء لم تكن لديهم مفاهيم مثل «الشذوذ الجنسي أو المثلية الجنسية» في مفرداتهم، بل كانوا يعتبرون هذه العلاقات جزءً من السلوك الجنسي الطبيعي، لم تكن تُصنف كأمر مشين أو غير مألوف.
علاقة الإسكندر وهيفايستيون: صداقة أم حب؟
وتابع الشماع، يبدو أن الإسكندر الأكبر كان يتمتع بعلاقات حرة مع كلا الجنسين؛ فقد تزوج 3 مرات وأنجب طفلاً واحدًا على الأقل، ومع ذلك، تشير الباحثة رييمز إلى أنه من الممكن جدًا، بل من المحتمل، أن تكون العلاقة بين الإسكندر وقائده هيفايستيون قد تجاوزت حدود الصداقة لتكون علاقة عاطفية عميقة، وفي إشارة قوية لهذه العلاقة، قال الفلاسفة الكلبيون بعد وفاة الإسكندر: «لقد هُزم الإسكندر مرة واحدة فقط، وكانت الهزيمة على يد فخذَي هيفايستيون»،
وقال الشماع إنه لا يوجد لدينا دليل قاطع يثبت أن الإسكندر وهيفايستيون كانا عاشقين، إلا أن العديد من الأدلة التاريخية تُلمّح إلى أن العلاقة بينهما كانت أعمق من مجرد صداقة، ولكن عندما توفي هيفايستيون بسبب المرض في عام 324 قبل الميلاد، حزن الإسكندر بشكل كبير، وقيل إنه تمدد على جثة هيفايستيون، ورفض تناول الطعام، وقص شعره، ونظّم له جنازة فخمة، يُعتبر هذا الحزن الشديد دليلاً على أن هيفايستيون لم يكن مجرد رفيق عزيز، بل ربما كان أعظم حب في حياة الإسكندر، ومن جانب آخر يرجح المؤرخون أن الإسكندر شارك في ثقافة المحكمة المقدونية التي كانت ذات طابع عسكري وتقبل العلاقات الثنائية الجنس، وكانت العلاقات الجنسية بين الرجال شائعة بين النخبة في مقدونيا القديمة.
مصادر تاريخية وغموض العلاقة
قال الشماع، تعتمد المعلومات حول علاقة الإسكندر وهيفايستيون على كتابات مؤرخين لاحقين، فقد كتب المؤرخ أريان عن علاقتهما في القرن الثاني الميلادي، أي بعد حوالي 450 عامًا من وفاة الإسكندر، وللأسف، لا توجد نصوص يونانية قديمة باقية عن الإسكندر كتبها شهود عيان، على الرغم من أن المؤرخين اللاحقين استندوا إلى مصادر أقدم فُقدت، ويُعتقد أن أقدم نص موجود كُتب على يد المؤرخ ديودور الصقلي في ثلاثينيات القرن الأول قبل الميلاد، ولم يحدد القدامى صراحةً أن الإسكندر وهيفايستيون كانا عاشقين
إحدى الإشارات جاءت من الكاتب الروماني كلاوديوس إيليانوس في القرن الثالث الميلادي، الذي كتب أن هيفايستيون "كان معشوق الإسكندر"، لكن هذه الإشارة جاءت بعد حوالي 550 عامًا من وفاة الإسكندر، ونتيجة لهذا الغموض، يتردد المؤرخون المعاصرون في تحديد طبيعة العلاقة بدقة، لكن الكثيرين منهم يميلون إلى الاعتقاد بأنهما كانا عشاقًا.
الوفاة الغامضة للإسكندر الأكبر: هل قُتل بالسم؟
وأشار الشماع إلى أن وفاة الإسكندر الأكبر كانت في يونيو عام 323 قبل الميلاد، بقصر الملك نبوخذ نصر الثاني في بابل عن عمر يناهز 32 عامًا، قبل 13 يومًا من وفاته، أصيب الإسكندر بألم مفاجئ في البطن وحمى أثناء مأدبة ليلية، وتدهورت حالته تدريجيًا، وعانى من الضعف، والعطش، والتشنجات، والشلل الجزئي، وتناوب بين الوعي والغيبوبة، قبيل وفاته، دخل في حالة تشبه الموت، غير قادر على الكلام أو الحركة، والمثير للدهشة، أنه رغم مرور ستة أيام على وفاته، لم تظهر على جسده أي علامات تحلل، وهو ما اعتبره الإغريق القدماء دليلاً على طبيعته الإلهية، ولا يزال سبب وفاة الإسكندر لغزًا غامضًا لأكثر من 2000 عام، رغم وجود العديد من النظريات.
نظرية السم
شكك العديد من المؤرخين والفلاسفة، من بليني إلى فولتير، في أن تكون الوفاة طبيعية، وقد كتب ديودور أن "المؤامرة لقتل الإسكندر تم التستر عليها من قِبل خلفائه".
اتهام أرسطو
وفي معلومة وصفها الشماع بالمفاجأة، حتى بالنسبة له كمؤرخ خبير، حيث كشف أن بلوتارخ ادعى أن أرسطو، معلم الإسكندر السابق، هو من قدم له الجرعة القاتلة، ومع ذلك، يُعرف أن أرسطو كان في أثينا وقت وفاة الإسكندر، مما يُضعف هذا الاتهام.
وتبقى وفاة الإسكندر الأكبر واحدة من أكبر الألغاز التاريخية، مع استمرار الجدل حول ما إذا كانت طبيعية أم نتيجة لمؤامرة؟.