من أشواك الليل إلى أكواد الذكاء.. محمد صيام يُنقّب عن المستقبل بين حبات التين

في قلب قرية أبو زعبل بالخانكة، حيث تتلاقى قسوة الواقع مع وهج الطموح، كُتبت سطور حكاية استثنائية بطلها شاب لم يعرف للراحة طريقًا، ولا للشكوى صوتًا.
محمد طارق صيام، طالب في الفرقة الرابعة بكلية الحاسبات ونظم المعلومات، يمشي في درب لا يسلكه إلا من آمن أن للحلم ثمنًا، وللنجاح تضحية.
منذ رحيل والده، المعلّم النبيل طارق صيام، حمل محمد المسؤولية على كتفيه إلى جانب شقيقه الطالب محمد، وقرر أن يكون سندًا لأسرته وأملاً في مستقبلها، دون أن يتخلى عن حلمه.
اختار العمل في مهنة شاقة لا يطيقها الكثيرون: زراعة وجمع التين الشوكي. يخرج في قلب الليل حين يهدأ الشوك وتلين قسوته بندى الفجر، ويجمع الثمار التي تخبئ الرزق تحت أشواكها. يتلقى الجراح بصمت، ويحمل الصناديق على ظهره، ثم يعود ليبدأ يوماً جديدًا من الدراسة والطموح، متسلحًا بالإرادة.
يقول محمد بكلمات يملؤها التأثر والامتنان: "أنا مدين بكل حاجة حلوة في حياتي لوالدي ووالدتي، والدي علّمني القيم والشرف حتى بعد رحيله، ووالدتي كانت ضهري في كل خطوة.. وقفت معايا وشجعتني حتى وأنا برجع من الشغل متعور وتعبان. كل تعب بشوفه في عيونهم بيخليني أكمل، ومهما عملت مش هوفيهم حقهم."
أما زملاؤه، فينظرون إليه نظرة إعجاب وتقدير، لا لشقائه فحسب، بل لإصراره على تحقيق ذاته رغم الظروف.
ويقول أحدهم:
"محمد مش مجرد زميل في الكلية، ده ملهم لينا كلنا. بنشوفه بيشتغل شغل صعب جدًا بالليل، ويرجع يحضر المحاضرات مركز ومجتهد. عمره ما اشتكى ولا قال تعبت. علمنا يعني إيه رجولة وكفاح."
ويضيف آخر:
"وجود محمد بينّا بيرفع روحنا المعنوية، ويخلينا نحس إن كل واحد يقدر يحقق حلمه مهما كانت ظروفه. محمد بيشتغل في حقل التين الشوكي، بس في الحقيقة هو بيزرع مستقبل مختلف."
ما بين صمت الليل وهمسات البرمجة، بين جراح الأشواك ونبضات الحلم، يكتب محمد طارق صيام اسمه بحروف من نور في سجل الطموحين، ويثبت أن الإرادة حين تشتد، تصنع المعجزات.