مدرسة "شهداء الطريق الإقليمي".. والد الفقيدة “تقي”: مبادرة تخليدًا لذكرى لـ 18

في مشهد مؤثر يجسد أسمى معاني التضامن المجتمعي، كشف الحاج محمد الجوهري، والد الفقيدة "تقى" إحدى ضحايا حادث الطريق الإقليمي، عن تفاصيل مبادرة إنسانية عظيمة أطلقها أهالي قرية كفر السنابسة التابعة لمحافظة المنوفية، لبناء مدرسة جديدة تحمل أسماء الفتيات اللاتي قضين في الحادث المأساوي.
الفكرة لم تكن وليدة اللحظة
وأوضح محمد الجوهري والد "تقى"، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "الشفرة" المذاع على قناة "الشمس"، أن فكرة إنشاء المدرسة كانت مطروحة منذ فترة طويلة قبل وقوع ضحايا حادث الطريق الإقليمي، حيث كانت محل نقاش بين كبار القرية الذين سعوا لتنفيذ مشروع تعليمي يخدم الأجيال القادمة، قائلًا: "الفكرة موجودة من قبل الحادث، وكنا بنتكلم فيها من زمان، ونيتنا كانت نجمع التبرعات من الأهالي بيت بيت وشاب شاب".
وتابع محمد الجوهري: "رغم النية المسبقة لتنفيذ المشروع، فإن ضحايا حادث الطريق الإقليمي المروع الذي راح ضحيته 18 فتاة، على رأسهن ابنته تقى، كان بمثابة الشرارة التي سرّعت تنفيذ الفكرة، حيث اتحد أهالي القرية في مشهد نادر من الإصرار والتعاون لتخليد ذكرى الفتيات بطريقة تليق بمكانتهن في قلوب الجميع".
وتابع محمد الجوهري قائلًا: "بعد الحادث، الناس كلها اتجمعت، وقررنا ننفذ المشروع فعلًا. أهل البر والخير في البلد كلهم شاركوا، ومع دخول مبادرة حياة كريمة للقرية، قررنا إحنا نجهز الأرض وهم يكملوا باقي التنفيذ".

عقبات الأرض والتغلب عليها
وأشار محمد الجوهري إلى أن أحد المواطنين المحترمين كان قد تبرع بقطعة أرض على روح والدته، لكن لم تُستخدم بسبب عدم مطابقتها لمتطلبات الأبنية التعليمية من حيث المساحة والموقع، مضيفًا: "فكرنا في الأرض، وفعلاً توصلنا لحل يليق بحجم المشروع، علشان نقدر نعمل مدرسة بمواصفات سليمة".
وعن اسم المدرسة المنتظرة، أوضح الجوهري أن الإجراءات الورقية لا تزال جارية، لكن هناك نية صادقة لأن تُطلق المدرسة باسم الفتيات الـ18، بحيث تظل أسماؤهن منقوشة في ذاكرة الأجيال القادمة. وقال: "ما اتكلمناش في تفاصيل الاسم لسه، لكن الفكرة إنها تكون مدرسة باسم الشهداء، وهيحطوا أسماء البنات على المدرسة إن شاء الله".
واختتم الحاج محمد حديثه بتأثر بالغ، مؤكدًا أن القرار ببناء المدرسة لم يكن سهلًا في ظل الألم الذي يعتصر قلوب الأهالي، لكن تحويل الحزن إلى عمل نافع هو ما يعطي معنى لرحيل الفتيات. وقالت مقدمة البرنامج خلال المداخلة: "عمرنا ما هننسى لا تقى ولا الـ18 بنت، وربنا يصبركم ويجازيكم خير على أعظم قرار اتخذتوه".
رسالة أمل من قلب الألم
مبادرة أهالي كفر السنابسة ليست مجرد بناء مدرسة، بل رسالة إنسانية تؤكد أن مصر لا تنسى أبناءها، وأن المجتمعات الحية قادرة على تحويل الجراح إلى طاقات نور، تُرشد الأجيال القادمة نحو العلم والأمل. إنها قصة وفاء حقيقية، اختار فيها الأهالي أن تكون ذكرى بناتهم محفورة في عقول وقلوب طلاب الغد.