يوسف معاطي يكشف أسرار الكوميديا: «الضحك الحقيقي ينبع من الألم»

في أول إطلالة إعلامية له منذ أكثر من عقدين، ظهر الكاتب والسيناريست يوسف معاطي ضيفًا على برنامج "واحد من الناس" مع الإعلامي الدكتور عمرو الليثي عبر قناة الحياة، حيث كشف عن محطات بارزة من رحلته الفنية، وتأملاته حول الدراما والكوميديا، متحدثًا بأسلوب صادق عن تجربته الطويلة، وتأثره بالكلاسيكيات العالمية، وخاصة الكاتب الفرنسي الشهير موليير.
الكوميديا لا تكتمل دون وجع
في حديثه عن مفهومه للكوميديا، أوضح يوسف معاطي أن الفكاهة الحقيقية تنبع من الألم، قائلاً:"الكوميديا الراقية لازم يكون فيها وجع.. لما تضحك من غير ما تحس بالوجع، يبقى الضحك ناقص ومفتعل."
وأشار يوسف معاطي إلى أن الكثير من أعماله تتسم بطابع ساخر يحمل رسائل اجتماعية وإنسانية عميقة، لافتًا إلى أن الكوميديا لم تكن يومًا مجرد نكتة أو سخرية سطحية، بل وسيلة للكشف عن التناقضات والعيوب المجتمعية بأسلوب ذكي ومؤثر.
موليير .. مصدر الإلهام الأول
لم يُخفِ يوسف معاطي تأثره الشديد بالأدب الفرنسي، وبالأخص بمسرحيات الكاتب موليير، والذي وصفه بأنه "أهم كاتب كوميدي في التاريخ"، قائلاً: "اتعلمت كتير من موليير، طريقته في رسم الشخصيات الكوميدية بتخليك تضحك وفي نفس الوقت تعيط."
وأضاف يوسف معاطي أن موليير لا يزال يمثل نموذجًا يُحتذى به في التوازن بين الضحك والنقد الاجتماعي، وهي نفس الفلسفة التي حاول نقلها إلى أعماله التي أثرت في وجدان الجمهور المصري والعربي لسنوات.
خفة دم المصريين
أكد يوسف معاطي أن أحد أسرار بقاء مصر عبر العصور يكمن في خفة دم المصريين وسخريتهم الذكية من الظروف والتحديات، قائلًا:"المصري دايمًا بيضحك في عز الأزمة.. الحس الساخر ده هو اللي حافظ على الشخصية المصرية من الانكسار."
ورأى يوسف معاطي أن الكوميديا المصرية ليست مجرد فن، بل هي أسلوب حياة يعكس القوة والمرونة النفسية، مشددًا على أن الشعب المصري يتمتع بقدرة استثنائية على تحويل المآسي إلى نكات تحفظ له توازنه النفسي والاجتماعي.
مسيرة حافلة وعودة منتظرة
وتطرق يوسف معاطي الحوار إلى محطات مهمة في مسيرة يوسف معاطي، والذي ارتبط اسمه بأشهر الأعمال الفنية في الدراما والسينما، وخاصة تلك التي تعاون فيها مع الزعيم عادل إمام، مثل: مرجان أحمد مرجان، السفارة في العمارة، صاحب السعادة، نعم أنا سيّدك وغيرها.
وأوضح يوسف معاطي أنه ابتعد عن الإعلام والظهور العلني لفترة طويلة بسبب انشغاله بالكتابة والتأمل، لكنه لم يتوقف أبدًا عن العمل، وأنه يجهز لمشاريع جديدة تعيد له بريقه على الساحة الفنية.

دراما اليوم بين الابتكار والتكرار
وفي ختام اللقاء، عبّر يوسف معاطي عن قلقه من اتجاه بعض الأعمال الدرامية المعاصرة نحو التكرار وضعف المضمون، مؤكدًا أن الجمهور الذكي لن يقبل بالسطحية طويلاً، مشددًا على أن المحتوى الحقيقي هو ما يبقى، داعيًا الكُتّاب الشباب إلى البحث عن العمق والمعنى في أعمالهم.
وتُعد عودة يوسف معاطي الإعلامية بمثابة جرعة أمل لعشاق الدراما والكوميديا الأصيلة، ورسالة بأن الإبداع الحقيقي لا يغيب، بل ينتظر اللحظة المناسبة ليضيء من جديد.