شوقي علام: الفتوى أمانة يجب أن تراعي التوازن بين الحقوق والواجبات |فيديو

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية الأسبق، أن الفتوى في الإسلام ليست مجرد اجتهاد فردي، بل تخضع لأطر شرعية وقانونية تهدف إلى تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، وحماية مصالح الأفراد والمجتمعات، وذلك وفقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية.
مقاصد الشريعة
وأوضح خلال حديثه في برنامج "الفتوى والحياة"، المذاع على قناة الناس، أن الفتوى تستند إلى عدة معايير رئيسية، يأتي في مقدمتها مراعاة مقاصد الشريعة الإسلامية، والتي تدور حول حفظ النفس، والدين، والعقل، والمال، والعِرض، مشددًا على أن أي فتوى يجب أن تصدر بما يحقق هذه المقاصد، ويضمن تحقيق المصلحة العامة، ويدفع الضرر عن الناس.
واستشهد الدكتور علام بموقف الصحابي معاذ بن جبل، عندما أفتى بجواز إخراج الزكاة في صورة بديل أنفع للمحتاجين، مؤكدًا أن روح الفتوى تكمن في تحقيق المصلحة الشرعية وعدم الجمود على النصوص دون فهم مقاصدها.
الفتوى بين رفع الضرر
وأضاف مفتي الديار المصرية الأسبق أن الفتوى يجب أن تراعي مبدأ رفع الضرر وتحقيق العدل، وهو ما أكدت عليه دار الإفتاء المصرية في العديد من الفتاوى، من بينها إقرار التعويض عن الضرر الأدبي الذي قد يتعرض له الإنسان إذا ثبت وقوعه شرعًا، مشيرًا إلى أن الشريعة الإسلامية تقوم على تحقيق التوازن بين حقوق الأفراد والمجتمع، بحيث لا يكون التمتع بالحقوق على حساب الإضرار بالآخرين.
وفي هذا السياق، استشهد الدكتور شوقي علام بقاعدة فقهية معروفة تنص على:" ليس للرجل التصرف في ملكه تصرفًا يضر بجاره"، موضحًا أن هذه القاعدة تؤكد على ضرورة الموازنة بين الحقوق الفردية والمصلحة العامة، فلا يجوز لأي شخص أن يستغل حقوقه الشخصية في الإضرار بالآخرين أو انتهاك حقوقهم.
تحريم المعاملات التجارية
وأشار الدكتور علام إلى أن تحديد الربح وضبط المعاملات التجارية وفق مبدأ العدل من القضايا التي اهتمت بها الشريعة الإسلامية، حيث حرّمت الاحتكار، والمغالاة في الأسعار، وكل ما يؤدي إلى الإضرار بالمجتمع.
وأكد أن الاقتصاد الإسلامي يقوم على العدالة في المعاملات، بحيث يتم تحقيق المصلحة العامة دون استغلال أو ضرر، لافتًا إلى أن من مقاصد الشريعة تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، فلا يجوز للإنسان أن يطالب بحقوقه دون الوفاء بالتزاماته تجاه الآخرين، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".

الفتوى مسؤولية شرعية
وشدد الدكتور شوقي علام على أن الفتوى مسؤولية عظيمة تتطلب علمًا عميقًا بأحكام الشريعة، وإدراكًا للواقع المعاصر، ومراعاة المصالح العامة والخاصة، مؤكدًا أن إصدار الفتاوى لا بد أن يكون مبنيًا على أسس علمية وقانونية راسخة، ومستندًا إلى التراث الفقهي الإسلامي الذي رسّخ قواعد العدل والمساواة بين الناس.
كما دعا إلى ضرورة تأهيل المفتين وفق ضوابط علمية دقيقة، لضمان أن تكون الفتاوى صادرة عن أهل الاختصاص، بما يحقق الاستقرار الاجتماعي ويحفظ حقوق الأفراد والجماعات، مشيرًا إلى أن الفتوى يجب أن تبقى دائمًا في إطارها الصحيح، بعيدًا عن التشدد أو التفريط، لتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية في التيسير على الناس وحفظ مصالحهم.