عاجل

ما حكم الترتيب بين فريضة الفجر وسنته ؟ الإفتاء توضح الحكم

الصلاة
الصلاة

في مشهد يتكرر يوميًّا مع كثير من المصلين، في صلاة الفجر، وبينما يُسرع الناس للحاق بالجماعة، يتساءل البعض: هل يتركون سنة الفجر أم يُؤدونها قبل الدخول مع الإمام؟ وهل يختلف الحكم إن استيقظ الإنسان بعد طلوع الشمس؟
وفي هذا الإطار أوضحت دار الإفتاء الأصل في سنة الفجر أن تُؤدَّى قبل الفريضة، فهذا هو ترتيبها المشروع في السنة النبوية. ولكن إذا دخل المسلم المسجد وقد أُقيمت صلاة الفجر، فالأولى أن يلتحق مباشرة بالإمام في الفريضة، ولا يُشغل نفسه حينها بأداء السنة القبلية، إذ إن وقتها قد فات بالشروع في صلاة الجماعة.

ومع ذلك، لا حرج عليه في قضاء ركعتي السنة بعد الانتهاء من صلاة الفريضة، ويُكتب له أجرها بإذن الله. أما إذا كان يظن أنه يستطيع أداء الركعتين قبل أن يفوته ركوع الركعة الأولى مع الإمام، فقد أجاز بعض أهل العلم له أن يصلي السنة ثم يلتحق بالجماعة.

أما في حال النوم عن الصلاة وعدم الاستيقاظ إلا بعد طلوع الشمس، فالمشروع حينها أن يقضي المسلم صلاة الفجر كاملة، فيبدأ أولًا بركعتي السنة، ثم يُتبعها بأداء الفريضة، ولا إثم عليه في ذلك، بل هو مأجور على القضاء

فضل ركعتي الفجر وحكم قضائهما عند فوات الوقت

من السنن المؤكدة التي حثت عليها الشريعة الإسلامية، وأكدت عليها السنة النبوية في أكثر من موضع: ركعتا الفجر، أي السنة القبلية لصلاة الصبح. فقد ثبت في الحديث الصحيح أن هاتين الركعتين خيرٌ من الدنيا وما فيها، وأنهما من أحب الأعمال إلى النبي ﷺ. فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ:
«ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها»،
وفي رواية أخرى: «لهما أحب إلي من الدنيا جميعًا»، رواهما الإمام مسلم.

وقد أجمعت كتب السُّنة والسير على أن النبي ﷺ لم يكن يدع هاتين الركعتين لا في حضر ولا في سفر، وهو ما يدل على عظيم منزلتهما. تقول السيدة عائشة رضي الله عنها:
“لم يكن النبي ﷺ على شيء من النوافل أشد تعاهدًا منه على ركعتي الفجر”.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
«لا تدعوا ركعتي الفجر وإن طردتكم الخيل»، رواه أحمد وأبو داود والبيهقي وغيرهم.

وقت أداء ركعتي الفجر

السنة أن تصلى هاتان الركعتان قبل صلاة الفجر المفروضة، وذلك لما ورد في حديث أم حبيبة رضي الله عنها:
«من صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة بُني له بيت في الجنة… وركعتين قبل صلاة الغداة».
وهذا ما عليه جماهير الفقهاء من المذاهب الأربعة كما في كتبهم المعتمدة.

حكم أداء ركعتي الفجر بعد إقامة الصلاة

إذا أقيمت صلاة الفجر ودخل المسلم المسجد ولم يكن قد صلى السنة بعد، فهل يبدأ بها أم يلتحق بالإمام؟
• الحنفية قالوا: إن كان يخشى فوات الركعتين مع الإمام دخل معه وترك السنة، أما إن غلب على ظنه أنه سيدرك ركعة أو أكثر، فيصلي السنة ثم يلتحق بالإمام، لأن الجمع بين الفضيلتين أولى.
• المالكية يرون أن مَن كان داخل المسجد وبدأت الإقامة، فلا يصلي السنة ويدخل مع الجماعة، أما إن كان خارج المسجد، ولم يخش فوات ركعة من الفريضة، فيجوز له أداء السنة.
• الشافعية والحنابلة قالوا: لا يُشتغل بأي نافلة بعد إقامة الصلاة، سواء خشي فوات ركعة أو لم يخش؛ بل يدخل مباشرة مع الإمام في الفريضة.

والراجح في الفتوى: أن المأموم يلتحق بالإمام متى أقيمت الصلاة، ولا يُصلي سنة الفجر في تلك اللحظة، امتثالًا لحديث النبي ﷺ:
«إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» (رواه مسلم)،
وقوله لمن رأى يصلي نافلة بعد الإقامة:
«أصلاةان معًا؟» (رواه الطبراني).

هل تُقضى سنة الفجر بعد الصلاة؟

نعم، من فاته أداء ركعتي الفجر قبل الفريضة، فيُستحب أن يصليهما بعد الانتهاء من صلاة الفريضة مباشرة.
ففي الحديث عن قيس بن عمرو رضي الله عنه أنه صلى ركعتين بعد الفجر، فلما سأله النبي ﷺ أجاب:
“لم أكن صليتهما قبلها”، فـ سكت النبي ﷺ، مما يدل على جواز القضاء، وهو ما قرره عدد من العلماء كالإمام الخطابي وابن قدامة.

قضاء سنة الفجر بعد طلوع الشمس

إذا فاتت صلاة الفجر كلها – فرضًا وسنة – كمن نام ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس، فهل يُقضى معها ركعتا السنة؟

الجواب: نعم، تُقضى، وهو ما عليه جمهور الفقهاء من المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة. فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي ﷺ وأصحابه ناموا عن الصلاة حتى طلعت الشمس، فلما استيقظوا توضأ النبي ﷺ، وصلى ركعتين، ثم صلى الفريضة، كما جاء في رواية أبي هريرة:
“ثم دعا بالماء فتوضأ، ثم صلى سجدتين، ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة”.

وقد بوَّب ابن خزيمة:
“باب قضاء ركعتي الفجر بعد طلوع الشمس إذا نسيهما المرء”.

فهذا كله يدل على مشروعية القضاء، بل واستحبابه عند فوات الوقت

تم نسخ الرابط