عاجل

ذكرى مؤسس دولة التلاوة.. من هو القارئ الشيخ أحمد ندا؟

القارئ أحمد ندا
القارئ أحمد ندا

تحل اليوم ذكرى الشيخ أحمد ندا، أحد عمالقة دولة التلاوة المصرية، فمن هو الشيخ أحمد ندا؟

ولد الشيخ أحمد أحمد عبدالسلام أحمد، وشهرته أحمد ندا، عام 1868، وقيل قبل ذلك عام 1852 في حي البغالة بالقاهرة مِن جذور تعود لمدينة المحلة الكبرى بالغربية، ولأب يعمل مؤذنًا في مسجد السيدة زينب رضي الله عنها، وأتم حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة.

مؤسس دولة التلاوة.. من هو الشيخ أحمد ندا؟

الشيخ أحمد ندا هو مدرسة تلاوة القرآن المصرية الحديثة، وقد عاصر ثلاثة قراء كبار هم محمود القيسونى، وحسن الصواف، وحنفى برعي، لكن الشيخ أحمد ندا ابتكر طريقته الخاصة في التلاوة التي لم يسبقه إليها أحد، فكانت قراءته لا تلتزم لوناً واحداً، وإنما تتجول بين فنون التنغيم وجمالياتها، فاكتسب شهرة كبيرة، وتتلمذ على يديه الكثيرون، لكنه توفي دُون أن يترك تسجيلًا يعبر عن صوته، وإنما عرف تاريخه من روايات من استمعوا إليه.

حفظ القرآن صغيرًا وامتلك مفاتيح موهبة لم توجد مثلها في هذا الزمان فكان أول نجم يتلألأ في دولة التلاوة في عصرنا الحديث.. عندما بدأ الشيخ الشاب أحمد ندا الحسني طريقه في دولة التلاوة، كان المُقدمون من القراء الذي ذاع صيتهم في البلاد ثلاثة هم: محمود القيسوني، وحسن الصواف، وحنفي برعي، لكن أولهم كان المؤذن الخاص للخديوي في ذلك الوقت، وبالتالي لم يكن يؤجر على القراءة في مناسبات الناس، وسرعان ما التحق الشيخ الشاب بالاثنين الآخرين، فأصبح ثالث ثلاثة، ومع الوقت ارتفع صيته بالبلاد متخطيا شهرة الشيخين كبيري السن، وتفوق عليهم.

وفي وقت قصير، أصبح القارئ أحمد ندا نجمًا في المجتمع المصري، وصارت له مكانته في دوائر الساسة والزعماء، وكان شديد الحرص والاهتمام بمظهره وسلوكياته، وكذلك لأحكام التلاوة والاقتداء بخلق القرآن.

مع تزايد الإقبال عليه في حلقات الذكر وأمسيات التلاوة التي أقامها الأعيان وكبار رجال الدولة، تمكن "ندا" من بناء قصره قرب مسجد السيدة زينب، ليتحول سريعًا إلى منارة للعلم والدين وملتقى لأهل الدين والفن.

يقول الكاتب شكري القاضي في كتابه "عباقرة التلاوة في القرن العشرين": "أجمع كل المعاصرين للشيخ أحمد ندا من كتاب وصحفيين وأدباء وشعراء على قامة الشيخ ندا وعظيم دوره في تأسيس دولة التلاوة".

وقال عنه الكاتب المصري عبدالعزيز البشري: "صوت أحمد ندا كان سيد الأصوات وأقواها، وإنه ليكون في أعلى طبقات الصوت حتى ليخيل إليك أن شرايين رأسه ستنفجر، فإذا به يحوم حول طبقة أعلى يلتمس إليها الوسائل وينصب لها الشباك والحبائل حتى يتمكن منها ويرسل بها إلى عنان السماء".

بينما قال عنه الصحفي الراحل حافظ محمود: "كانت نافذتنا في بيتنا القديم تطل على مسجد السيدة زينب، وكان صوت القارئ الشيخ أحمد ندا يصلني على بعد نحو 90 مترًا تقريبًا رغم عدم وجود مكبرات صوت حينها، وكان الشيخ يقرأ فيجوّد وكأنه يخطب، وكانت تمتزج في صوته القوة والحلاوة معا".

ورغم تمكّنه من التلاوة، لم يفكر الشيخ أحمد ندا في احترافها سوى في بدايات القرن العشرين، ويقول الكاتب شكري القاضي: "خلال سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة أصبح أحد أبرز النجوم الزاهرة في المجتمع، وكان كبار القوم وعليته يحرصون على دعوته ويغدقون عليه من المال الوفير والجنيهات الذهبية".

ويصور "القاضي" حياة الأبهة والفخامة التي عاشها الشيخ أحمد ندا في حي السيدة زينب بالقاهرة، فيقول إنه امتطى حنطور تجره 6 خيول، وأصبح ملء السمع والبصر، وكان ينتظره جمهور المستمعين بفارغ الصبر في أي مكان يذهب إليه، ويتوافد آلاف المصلين على مسجد السيدة زينب وما حوله للاستماع إلى تلاوته.

توفي الشيخ أحمد ندا في 20 يوليو 1932 م، وشيع جثمانه في جنازة رسمية وشعبية، تقدمها كبار رجال الدولة وبعض المبعوثين من الدول الإسلامية وشارك فيها عشرات الآلاف من مريديه ومحبيه، وجاءت وفاته قبل افتتاح الإذاعة المصرية، ولم يسعفه الوقت لتسجيل قراءاته في الراديو.

تم نسخ الرابط