عاجل

دار الإفتاء توضح: الهجر لأكثر من 3 أيام إثم و«السلام» يقطع القطيعة

هجر المسلم
هجر المسلم

تصاعدت الخلافات بين الأفراد داخل البيوت والمجتمعات، ما يثير سؤالًا شرعيًا مهمًا حول الحد الأدنى الذي ينبغي للمسلم أن يلتزم به لقطع الهجران المنهي عنه، والخروج من دائرة الإثم والخصام.

وجاء في الحديث الشريف عن النبي محمد ﷺ:« لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.» [رواه البخاري ومسلم]

وفي هذا السياق، أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الشرع الشريف قد راعى الفطرة الإنسانية التي تميل أحيانًا إلى التباعد بسبب المشاعر والانفعالات، لذلك أجاز الهجر لأيام لا تزيد على الثلاثة كمدة مناسبة لتهدئة النفوس ومراجعة الذات، والعودة إلى الصلح.

أما إذا زاد الهجر عن ثلاثة أيام بلا مبرر شرعي، فإنه يصبح محرّمًا على الطرفين ويترتب عليه الإثم، خاصة إذا استمر الطرفان في القطيعة دون مبادرة من أحدهما للصلح. وأقل ما يخرج به المسلم من الهجر المنهي عنه هو إلقاء السلام على من هجره، وهو ما يبرئ ذمته من الإثم.

الشريعة الإسلامية والروابط الإنسانية

تحث الشريعة الإسلامية على توثيق أواصر المحبة والإحسان بين الناس على اختلاف أجناسهم وأديانهم، مستندة إلى عموميات قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]، وحديث النبي ﷺ: «الناس بنو آدم، وآدم من تراب»، ما يعكس الأصل الإنساني الذي يجمع بين الجميع.

حكم الهجر فوق ثلاثة أيام

يتفق العلماء على تحريم الهجر لأكثر من ثلاثة أيام، إذ أن النفوس البشرية عرضة للغضب، لكنه أمر مؤقت، والشرع دعا إلى العفو وإصلاح ذات البين بأسرع وقت ممكن، للحفاظ على السلام الاجتماعي والأخوي.

قال الإمام ابن عبد البر: "أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث."

كما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي ﷺ:« لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام.»

أقل ما يقطع الهجر

يبيّن الحديث الشريف أن أقل ما يقطع الهجر هو إلقاء السلام، حتى وإن أبى الطرف الآخر رد السلام، فالذي بدأ بالمبادرة يبرأ من الإثم، ويُلقى الإثم على من أبى الرد.

في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ:« لا تحل الهجرة فوق ثلاثة أيام، فإن التقيا فسلم أحدهما على الآخر، ورد عليه الآخر السلام، اشتريا في الأجر، وإن أبى الآخر أن يرد السلام، برئ هذا من الإثم وباء به الآخر.»

ويعزز هذا المعنى حديث آخر:« فإن سلم عليه فلم يرد عليه وردت عليه الملائكة، ورد على الآخر الشيطان.»

وأكد العلماء من بينهم الإمام النووي أن مذهب الشافعي ومالك وأحمد وابن القاسم أن السلام يقطع الهجر، إلا إذا كان السلام وحده لا يكفي بسبب استمرار الأذى.

ويحث الإسلام على المحافظة على الروابط الإنسانية والأخوية، ويحد من فترات الخصام والهجر، ويؤكد أن أقل عمل ينهي الهجر ويُخرج المسلم من دائرة الإثم هو إلقاء السلام، مع استحباب التحدث والعودة إلى حالة المحبة والوئام السابقة. وهذا يعكس حكمة الدين في موازنة الطبيعة البشرية مع متطلبات الإصلاح الاجتماعي والسلام الداخلي.

تم نسخ الرابط