عاجل

علامات الساعة.. هل ترقبها يعني ترك ملذات الدنيا وكيف سنصلي في أيام الدجال؟

علامات الساعة الكبرى
علامات الساعة الكبرى

مع ترقب علامات الساعة الكبرى وربطها بكل حدثٍ تشهده الأرض، يكثر التساؤل عن حكم الإيمان بأشراط الساعة وعلاماتها، وهل يعني في متابعتها ترك لملذات الدنيا؟ 

علامات الساعة الكبرى

يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار  حديثنا عن يوم علامات الساعة تأكيد على حرص النبي ﷺ بأمته، واهتمامه بما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم، واهتمامه بإخبارهم بما يفيدهم من أنباء الغيب، سواء أكان ذلك الغيب في الماضي أم في المستقبل، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال : (قام فينا النبي ﷺ مقاماً، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حَفِظَ ذلك مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ) [رواه البخاري].

وتابع من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك:  «يؤكد ذلك على يقين المسلم بالله وبرسوله وبوعده، فقد ظهر من العلامات الصغرى الكثير مما أخبر به المصطفى ﷺ ، وبالكيفية التي أخبر بها، والمؤمن عندما يرى ذلك يقول صدق رسول الله ﷺ ، فيزداد إيمانا.

الإيمان بالساعة هل يعني التفرغ للعبادة دون سعي للرزق؟ 

كما أنه لا ينبغي أن يترتب على الإيمان بالساعة وبقربها ترك أعمالنا التي أقامنا الله فيها في الدين، فإن ذلك عصيان لله، وهروب من المسئولية، ويحذرنا رسول الله ﷺ من ذلك فيقول : «إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل» [رواه أحمد في مسنده، وعبد بن حميد في مسنده، والبخاري في الأدب المفرد].

وأوضح علي جمعة أنه على الرغم من تأكده أن عمله هذا لا فائدة حسية منه؛ لأن الكون كله سوف يدمر وليست بما فيه تلك الفسيلة التي تحتاج إلى زمن طويل للإنبات بالرغم من ذلك هو مطالب بأداء عمله، موضحا أن المؤمن لا يعطل الإنتاج، ولا يتوقف عن العمل لعمارة الأرض وصالحها، ولا ينتظر مجيء المهدي عليه السلام، ولا سيدنا عيسى عليه السلام، ولا أي شيء حتى يطيع الله ويطبق أوامره فيما قدر عليه، فالله أمره بعبادته، فيعبده حتى آخر لحظة في حياته، والله أمره بتزكية نفسه، فيزكي نفسه ويهذبها ما دام حيا، والله أمره بعمارة الكون وإتقان العمل الذي أقامه فيه، فليؤد عمله، ويتقنه لله حتى آخر لحظة في حياته.

هذا هو المؤمن الذي يَعلم ويتعلم ويُعلم ويعتقد ويعمل ويبني الحضارة، إنه المؤمن الذي أراده الله، وأرسل من أجله الرسل، وأنزل له الشرائع، وجعل اليوم الآخر للإحسان إليه، كما أنه لمعاقبة العصاة كذلك.

واختتم: تعلمنا في النصوص التي أوردنا في موضوع علامات الساعة وأشراطها، الملاحظة، فإن كل أمر عظيم تسبقه علامات في الغالب، وتعلمنا منها التخيل الخلاق، الذي يترتب عليه السؤال المفيد، كما حدث لأصحاب النبي ﷺ وهم يستمعون لتلك العلامات، فقارنوا بين حالهم والحال في ذلك الزمن، فمنهم من سأل : وأين العرب يومئذ يا رسول الله؟ ومنهم من سأل : كيف نصلي في أيام بقاء الدجال في أيامه التي تختلف فيها نواميس الكون فيكون اليوم بمقدار سنة. ومن سأل النبي ﷺ كيف النجاة، وإلى أرض تنصحني بها يا رسول الله في اقتراب الفتن ؟، 

أسئلة كثيرة دلت على يقينهم بالأحداث، ودلت على خيالهم الخلاق الذي يؤصل لحلول في الأزمات، فهم يعلمون أنهم الأمر سيكون أزمة ففكروا في الحلول وإقامة الدين وعمارة الأرض رغم كل هذه الأزمات التي أخبرهم بها المصطفى ﷺ.
ولعلنا بعرضنا لعلامات الساعة نساهم في تكوين عقلية المؤمن السليمة، ونفسيته المستقرة، مما يترتب عليه السلوك الحضاري القويم، فلا ينبغي أن نقف عند القصص والأخبار للتسلية والاندهاش فحسب، بل ينبغي أن نؤخذ العبرة، ونضع خطط الإصلاح للنفس والمجتمع، ونلجأ إلى الله، ونسأله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وهذا ما أراده الله من قص القصص في كتابه المجيد، قال تعالى : (لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِى الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف :111] فالقصص للتفكر والتدبر، قال تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وآله وسلم : (فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الأعراف :176].

واختتم بالدعاء:  «رزقنا الله العبرة والتفكر والتدبر، وما يترتب على ذلك من صلاح الأعمال، إنه ولي ذلك والقادر عليه».

تم نسخ الرابط