طابية عرابي في دمياط.. معلم تاريخي تحت حصار الإهمال

في قلب محافظة دمياط، تقف طابية عرابي كأحد المعالم التاريخية التي تحكي فصولًا من النضال الوطني والمقاومة ضد الاحتلال، إلا أنها اليوم تعاني من إهمال جسيم ينذر بفقدان هذا الكنز التراثي الذي لا يقدَّر بثمن. فقد تحولت الطابية التي كانت يومًا رمزًا للعزة والصمود إلى مبنى مهجور، تنهشه عوامل الزمن، وتحاصره المخلفات، ويغيب عنه أي مظهر من مظاهر الرعاية أو التطوير.
تعود أهمية طابية عرابي إلى أنها كانت واحدة من الحصون الدفاعية التي أقيمت في فترات عصيبة من تاريخ مصر، واستخدمها الزعيم أحمد عرابي وجيشه في مقاومة الاحتلال البريطاني. وكان من المفترض أن تُدرج ضمن خريطة المزارات التاريخية والسياحية في دمياط، نظرًا لقيمتها التراثية وموقعها الحيوي قرب نهر النيل. إلا أن الواقع يعكس صورة مغايرة تمامًا، حيث يتجاهل المسؤولون هذا الموقع، وسط غياب واضح لأي خطة إنقاذ أو صيانة.
بحسب روايات الأهالي، فإن مبنى الطابية بات في حالة سيئة للغاية؛ فالجدران متآكلة، والسقف متهالك، وتنتشر النباتات العشوائية والحشائش في أرجائها، ما يهدد بانهيارها الكامل في أي لحظة. كما أن محيطها تحوّل إلى بؤرة تجمع للقمامة، وأحيانًا مأوى لبعض السلوكيات السلبية، في ظل غياب الرقابة الأمنية والخدمية عن المكان، ما ضاعف من حالة التدهور.
ويعرب الأهالي والمهتمون بالتراث عن استيائهم من هذا الإهمال، مؤكدين أن الطابية ليست مجرد مبنى قديم، بل جزء من ذاكرة مدينة دمياط وتاريخها الوطني. ويطالبون بتدخل عاجل من محافظة دمياط والجهات المختصة بوزارة السياحة والآثار لإدراج الطابية ضمن خطة الترميم، والاستفادة منها كمركز ثقافي أو مزار سياحي يعكس هوية المدينة.
من جانبهم، يشير عدد من المختصين إلى أن طابية عرابي يمكن أن تمثل عنصر جذب سياحي وثقافي إذا ما تم تطويرها بالشكل المناسب، مؤكدين أن الحفاظ على المبنى لا يتطلب ميزانية ضخمة بقدر ما يحتاج إلى إرادة حقيقية وقرارات حاسمة. ويمكن البدء بخطوات بسيطة، مثل تنظيف الموقع، وتأمينه، ووضع لافتات تعريفية لتوثيق تاريخه، إلى جانب إشراك المجتمع المدني في عملية الإنقاذ.
وفي الوقت الذي تبرر فيه بعض الجهات غياب الترميم بوجود تحديات مالية وإدارية، يرى المواطنون أن ذلك لا يجب أن يكون مبررًا لترك الطابية تنهار أمام أعين الجميع، خصوصًا أن دمياط لا تضم العديد من المواقع التاريخية الكبرى، مما يضاعف من قيمة هذه الطابية وضرورة الحفاظ عليها.





ودعا المواطنون إلى إطلاق حملات مجتمعية للتوعية بأهمية الطابية، وتحفيز الشباب للمشاركة في الحفاظ عليها، وتبني مبادرات لتنظيفها، ولفت الأنظار إلى وضعها المأساوي، بما قد يسهم في جذب اهتمام الدولة والمجتمع.
ويبقى الأمل معلقًا على تحرك جاد يعيد لطابية عرابي مكانتها التي تستحقها، لا كمجرد مبنى قديم، بل كرمز من رموز نضال المصريين في وجه المحتل، وكمعلم تراثي يجب أن يُروى تاريخه للأجيال القادمة.