عاجل

هل تستهدف إسرائيل الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع؟

الرئيس السوري أحمد
الرئيس السوري أحمد الشرع

على الرغم من اكتساب الرئيس السوري، أحمد الشرع، ودَّ نظيره الرئيس الأمريكي بعد وساطات خليجية وتركية، ما أدى إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا إبان حكم الأسد، ورفع اسمه واسم هئية تحرير الشام من قوائم الإرهاب رغم اعتراض إسرائيل، فإن أزمة السويداء والدروز، التي تتعهد تل أبيب بحمايتهم وتُعرقل اندماجهم في الدولة السورية الجديدة، قد تضع اسمه في بنك أهداف إسرائيل، ولن يشفع له ود ترامب، حسبما ذكرت مجلة نيوزويك الأمريكية.

أزمة هي الأخطر على الشرع منذ أن حكم

وصعَّدت إسرائيل من وتيرة هجماتها على سوريا، الأربعاء، باستهداف العاصمة دمشق، وهو ما اعتبرته مجلة نيوزويك الأمريكية أخطر أزمة يواجهها الرئيس السوري أحمد الشرع في ولايته التي بدأت منذ سبعة أشهر، مع تكثيف إسرائيل لعملياتها، وسط تصاعد العنف الطائفي في السويداء.

وتُعد العمليات الإسرائيلية هي الأشد كثافةً في سوريا منذ أن شنّ الجيش الإسرائيلي حملة غارات واسعة النطاق على سوريا، دُمر فيها معظم الأصول العسكرية السورية، واستولى على مزيد من الأراضي الجنوبية، من ضمنها جبل الشيخ الاستراتيجي، في أعقاب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد مباشرةً.

ورغم دعوات الشرع لخفض التصعيد، وجنوحه للسلم، وإعلانه مرارًا وتكرارًا أنه لا يريد العداء مع أحد في المنطقة، بل إعادة إعمار بلاده التي مزقتها الحرب الأهلية لـ13 عامًا، إلا أن تصاعد حدَّة خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد يضعه، كما حدث مع عديد من كبار أعداء إسرائيل خلال العامين الماضيين، على لائحة الاغتيالات.

وقال رضا منصور، السفير الإسرائيلي السابق، الرئيس التنفيذي الحالي لمنظمة “يهود يثرون للدروز”، لمجلة نيوزويك: “أثبتت إسرائيل مؤخراً أنها إذا شعرت بأن قائدًا معينًا - مثل الأمين العام السابق لـ(حزب الله)، حسن نصر الله، أو قادة الجيش الإيراني، أو زعيم حماس - يُشكّل تهديدًا واضحًا لأمنها القومي، فإنها ستتحرك”.

وأضاف منصور: “إنها حقيقة.. لقد حدث ذلك خلال العامين الماضيين، ولن يكون هذا الخيار الأول لإسرائيل، ربما تُدرك إسرائيل أنها قد تُشعل فتيل فوضى في سوريا، لكن الأمر يعتمد على ما إذا كان هو من بدأ هذه الفوضى أصلاً، فعندئذٍ يجب منح الفرصة لقادة آخرين”.

ومنصور من بين عدد من الشخصيات البارزة في المجتمع الدرزي الإسرائيلي الذين دعوا إلى تدخل عسكري إسرائيلي، بسبب تقارير عن مقتل ما يصل إلى مئات الدروز السوريين، بينهم نساء وأطفال، في الأيام الأخيرة، على يد قبائل بدوية يُزعم أنها مدعومة من قوات الأمن السورية، التي تضم عددًا من الميليشيات الأجنبية والمحلية، وفقًا لـنيوزويك.

وكانت الاشتباكات الدامية بين القوات السورية والميليشيات في الضواحي الجنوبية ذات الأغلبية الدرزية في دمشق، في فبراير، قد دعت نتنياهو إلى إطلاق أول تهديدات رئيسية بشأن مصير هذه الأقلية، وعاد العنف إلى الظهور في أبريل، مما استدعى تحذيرات أكثر حدَّة من إسرائيل، وبدا أنه خفَّت حدّته لفترة في مايو، ليعود للظهور مجددًا في الأيام الأخيرة، واغتنم المسؤولون الإسرائيليون الفرصة لتصوير بلادهم حارسةً لحقوق الأقليات في المنطقة.

إفراغ الجنوب السوري من السلاح

وكتبت سوسن ناطور حسون، الدبلوماسية في السفارة الإسرائيلية لدى الولايات المتحدة، في مقال رأي نشرته مجلة نيوزويك، الخميس: “نحن عازمون على ردع النظام عن إيذاء الدروز، من خلال ضمان نزع السلاح الكامل من الحدود مع سوريا، والعمل على الدفاع عن قيمنا المشتركة، وحماية الأقليات”.

وأضافت: “يجب أن يعلم الجميع أن دروز سوريا يمثلون آخر رمز للتعددية وتنوع الأقليات في المنطقة ذات الأغلبية العربية”.

وفي المقابل، أعلن الشرع أن حماية الدروز أولوية لحكومته، واتهم إسرائيل بـ”محاولة جرّ سوريا إلى الحرب والانقسام”.

وقال منصور: “لا يمكن لإسرائيل أن تدع جنوب سوريا يتحول إلى لبنان أو غزة، لقد تعلمنا درسًا مؤلمًا للغاية من تلك الأماكن التي ترددنا فيها بشدة في التحرُّك، لقد انتظرنا طويلًا ودفعنا ثمنًا باهظًا للغاية. لذا، فإن المزاج العام الإسرائيلي الآن هو بذل كل ما في وسعنا لمنع تكرار سيناريو هجوم حركة (حماس) في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023”.

وتشمل هذه الاستراتيجية فرض منطقة عازلة عبر جنوب سوريا، من دمشق إلى مرتفعات الجولان، بما في ذلك السويداء.

وكان نتنياهو قد أكد تلك النية صراحة الخميس، كما أنه نهج إسرائيل الذي أعقب “طوفان الأقصى” يقضي بخلق مناطق عازلة في الأراضي المحيطة بها، لجعل القتال، إن حدث، يكون في أرض أعدائها.

إنشاء منطقة حكم ذاتي درزية

وذكر منصور أنه إذا لم يلتزم الشرع بالدفاع عن حقوق الدروز في الجنوب، فقد يواجه إنشاء منطقة حكم ذاتي بحكم الأمر الواقع، على غرار القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، التي تأسَّست في الشمال الشرقي في السنوات الأولى من الحرب الأهلية.

وقال منصور: “سيساعد الدروز إسرائيل على تحقيق الاستقرار في جنوب سوريا، من خلال منحهم حكمًا ذاتيًا هناك، وسيكون ذلك، في رأيي، مفيدًا للجميع”.

وأضاف: “إنه مفيد لإسرائيل، ومفيد للدروز، وإذا لم تُدرك الحكومة في دمشق أهمية توحيد البلاد، فسيكون ذلك ثمن سياستها”.

وبحسب نيوزويك، فإن موقف إدارة ترامب قد يكون حاسمًا، فعلى الرغم من حجب الدعم عن الضربات الإسرائيلية الأخيرة، دافعت الولايات المتحدة عن وحدة سوريا وسلامة أراضيها، وهي رسالة عززها دور البيت الأبيض في التفاوض على اتفاق متعثِّر الآن، يندمج بموجبه حليفها الكردي، قوات سوريا الديمقراطية، في الحكومة المركزية.

وبينما لا يزال ترامب مقرَّبًا من نتنياهو، أقام الزعيم الأمريكي أيضًا علاقات وثيقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يُنسب إليه الفضل في إقناعه برفع العقوبات عن سوريا في مايو.

الاستيلاء على السويداء.. هدف إسرائيلي قديم

إلا أنه يُلاحظ أن هناك أجندتين مختلفتين لمستقبل المنطقة لأمريكا وإسرائيل؛ فالأولى تسعى إلى وقف الحروب الإسرائيلية والتركيز على اتفاقات التطبيع مع الدول العربية، بينما تنتهج تل أبيب نهجًا توسعيًا في المنطقة.

كما أن ضم السويداء خطة إسرائيلية قديمة، فإنه بعد احتلال الجولان في نكسة 1967، وضع إيغال آلون، أحد السياسيين الإسرائيليين التاريخيين، خطة للتوسع داخل سوريا وتأسيس دولة درزية من محافظة السويداء جنوب سوريا حتى جبل الشوف ذي الأغلبية الدرزية في لبنان.

وكان احتلال الجولان فرصة لربط الدولتين ببعضهما، ثم تأسيس دولة علوية على الساحل تكون حليفة لها، ودولة للأكراد في الشمال، ودولة سنية في الداخل تكون محاصرة من جميع حلفاء إسرائيل في كل سوريا، وذلك وفقًا لمقال Passed Over, Yet Again المنشور في صحيفة هآرتس بتاريخ 27 يوليو 2007، وورقة بحث “الجولان السوري بين التهجير والاحتلال”، لثائر أبو صالح، ابن الزعيم الدرزي أسعد كنج أبو صالح.

فإسرائيل لن تتورع عن تنفيذ مخططاتها، إلا أن، وبحسب صحيفة نيوزويك، عدم الاتفاق الأمريكي معها يؤخرها، بالإضافة إلى العلاقات الجيدة بين ترامب والشرع وأردوغان

تم نسخ الرابط