حزب الله اللبنانى يحتفى بالإفراج عن أقدم سجين سياسي في العالم

أصدر حزب الله اللبناني، بيانا بمناسبة الإفراج المرتقب عن المناضل اللبناني جورج عبد الله، واصفاً إياه بـ"البطل المقاوم" الذي نال وسام العز والثبات من خلال تمسكه بمبادئه ودفاعه عن الحق ونصرة المظلومين.
واعتبر حزب الله في بيانه، اليوم الخميس، أن استمرار احتجازه رغم انتهاء مدة محكوميته القانونية يمثل ظلماً كبيراً ووصمة عار في سجل النظام القضائي والسياسي الفرنسي.
وأكد الحزب في بيانه أن جورج عبد الله بات رمزاً لكل أسير ومناضل ومقاوم وشريف رفع راية العزة والكرامة في وجه الطغاة دفاعاً عن الإنسان وحقوقه وأرضه ومبادئه".
ويأتي هذا البيان بالتزامن مع إعلان القضاء الفرنسي، اليوم الخميس، الإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله، أواخر الشهر الجاري، بعد أن أمضى 41 عاماً في السجون الفرنسية، ليصبح بذلك أقدم سجين سياسي في أوروبا.

من هو جورج عبد الله؟
وُلد جورج عبد الله عام 1951 في بلدة القبيات الشمالية لعائلة مارونية متوسطة الحال، وكان والده يخدم في الجيش اللبناني، حيث شكّلت هزيمة يونيو 1967 منعطفاً محورياً في وعيه السياسي، حيث دفعت به في سن مبكرة إلى الانخراط في النشاط السياسي والفكري، حيث انضم في عمر 15 عاماً إلى الحزب القومي السوري الاجتماعي، وتبنى منذ ذلك الحين القضية الفلسطينية في خضم الحرب الأهلية اللبنانية.
وتميز جورج عبد الله بذكائه وحبّه للقراءة، ما مكنه من التخرج من دار المعلمين في الأشرفية ببيروت عام 1970، ليبدأ عمله في التدريس بمنطقة أكروم في عكار، ومع اشتداد الأزمات في المنطقة، تطورت قناعاته السياسية والميدانية.
التحول نحو الكفاح المسلح
عام 1978، انتقل عبد الله إلى جنوب لبنان للمشاركة في صد الاجتياح الإسرائيلي، حيث أُصيب خلال المعارك، ثم التحق بـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بقيادة جورج حبش، متأثراً بشكل خاص بأفكار وديع حداد الثورية والماركسية.
إلا أنه ما لبث أن انفصل عن الجبهة عام 1979 ليؤسس تنظيمه الخاص: "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية"، وهو تنظيم ماركسي مناهض للإمبريالية، ضم عدداً محدوداً من أقاربه وأصدقائه.
واتُّهم التنظيم بتنفيذ عدة عمليات اغتيال استهدفت دبلوماسيين أجانب، أبرزها اغتيال تشارلز راي، نائب الملحق العسكري في السفارة الأمريكية بفرنسا، ويعقوب بارسيمانتوف، المستشار في السفارة الإسرائيلية في باريس.
وبحسب "وكالة الصحافة الفرنسية"، كانت لجورج عبد الله صلات مع تنظيمات عالمية مصنفة "إرهابية"، من بينها "العمل المباشر" الفرنسي، و"الألوية الحمراء" الإيطالية، و"الجيش الأحمر" الألماني، إضافة إلى كارلوس الفنزويلي.

أنا مقاتل ولست مجرماً
خلال محاكمته في فرنسا، قال جورج عبد الله عبارته الشهيرة: "أنا مقاتل ولست مجرماً"، مؤكداً أن نشاطه جاء رداً على انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين، وأن ما فعله يندرج تحت مفهوم المقاومة.
خلف القضبان الفرنسي منذ 1984
كان جورج عبد الله يقيم في سويسرا قبل أن ينتقل إلى فرنسا في أكتوبر 1984 لتسوية إجراءات استئجار شقة، ودخل طوعاً إلى مركز شرطة في ليون طالباً الحماية من "الموساد" الذي كان يلاحقه، ليتم اعتقاله حينها بتهمة حيازة جواز سفر جزائري مزور، والحكم عليه بالسجن أربع سنوات في البداية، قبل أن تتوسع التهم لتشمل التواطؤ في أعمال إرهابية.
ورغم تنفيذ مجموعته عملية اختطاف الدبلوماسي الفرنسي سيدني جيل بيرول في مارس/آذار 1985، وموافقة فرنسا حينها على إجراء صفقة تبادل عبر الجزائر، إلا أن السلطات الفرنسية لم تنفذ الاتفاق وأبقت عبد الله قيد الاحتجاز.
وفي مارس 1987، صدر بحق جوروج عبد الله حكم بالسجن المؤبد، بناءً على اتهامات بالتواطؤ في اغتيال دبلوماسيين أمريكي وإسرائيلي.

تدخلات سياسية وتأثيرات خارجية
بحسب محاميه وأنصاره، كانت محاكمة جورج عبد الله مسيّسة بدرجة كبيرة، ورضخت لضغوط من الولايات المتحدة التي عارضت الإفراج عنه رغم انقضاء مدة محكوميته القانونية منذ سنوات طويلة.
وقد استخدم عبد الله خلال تحركاته جوازات سفر مختلفة من دول مثل مالطا والمغرب واليمن، وسافر إلى عدد من الدول الأوروبية، لكنه في النهاية أوقف باسم مستعار "عبد القادر السعدي"، والذي كشف لاحقاً أنه اسمه الحركي.
عودة جورج عبد الله
اليوم، وبعد أكثر من أربعة عقود خلف القضبان، يقف جورج عبد الله على أعتاب دخول لبنان ، وسط احتفاء واسع في البلاد ، خصوصاً من الأوساط الداعمة للمقاومة، التي ترى فيه رمزاً تاريخياً للنضال ضد الاحتلال والهيمنة الغربية.